شئ للوطن م.صلاح غريبة – مصر العلاقات المصرية السودانية: تحديات الأزمة وفرص التعاون المُستدام
شئ للوطن
م.صلاح غريبة – مصر
Ghariba2013@gmail.com
العلاقات المصرية السودانية: تحديات الأزمة وفرص التعاون المُستدام
تشهد العلاقات المصرية السودانية، التي تربطها وشائج تاريخية وثقافية عميقة، اختباراً هاماً في ظل الأزمة الراهنة التي يمر بها السودان. حيث تواجه البلدين تحديات مشتركة تتطلب تعاوناً وثيقاً وحلولاً إبداعية لتحقيق الاستقرار والتنمية المُستدامة.
تتمتع مصر والسودان بعلاقات تاريخية وثيقة، ضاربة الجذور في عمق الحضارة الإنسانية. فهما دولتان جارتان تشتركان في حدودٍ بريةٍ طويلة، وترتبطان بروابط ثقافية واقتصادية متينة، فعلى مر العصور، كانت مصر والسودان كياناً واحداً، وشعبين يجمعهما مصيرٌ مشترك. ونظراً لهذه الروابط الوثيقة، تحظى العلاقات بين البلدين بأهميةٍ استراتيجيةٍ قصوى لكلا الجانبين.
أظهرت زيارة وزير الخارجية السوداني، حسين عوض، إلى مصر مؤخراً، حرص البلدين على تعزيز التعاون وتنسيق الجهود في مختلف المجالات، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها السودان، وتُعد هذه الزيارة تأكيداً على متانة العلاقات بين البلدين، ورغبتهما في التعاون لتجاوز التحديات المشتركة.
من أبرز مجالات التعاون في هذا المحك، الدعم المصري للسودان، فأكدت مصر على استمرار دعمها لاستقرار وسلامة السودان، من خلال المساعدة في المجالات السياسية والأمنية، وتُواصل مصر تنفيذ مشروعات تنموية هامة في السودان، مثل مشروع الربط الكهربائي وإعادة بناء وتطوير ميناء وادي حلفا، إيماناً منها بأهمية التنمية لتحقيق الاستقرار، وتُشدد مصر على ضرورة تكاتف المجتمع الدولي لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في السودان، من خلال تسريع وتيرة الوفاء بالتعهدات المالية، وناقش الجانبان المصري والسوداني مختلف المبادرات الإقليمية المطروحة للتعامل مع الأزمة السودانية، وتعزيز التعاون في ملفات إقليمية هامة مثل القضية الفلسطينية وأمن البحر الأحمر، ويؤكد الجانبان على تطابق موقفهما تجاه قضية سد النهضة، مع الحفاظ على وحدة الأمن المائي لكل من البلدين.
وهنالك ثمة تحديات يتطلب مواجهتها ومنها، الأزمة الداخلية في السودان والتي تشكل تحدياً رئيسياً أمام جهود التعاون، حيث تتطلب معالجة جذرية للأوضاع السياسية والأمنية، وتُواجه مصر والسودان تحديات مالية تُعيق تنفيذ بعض المشروعات التنموية، مما يتطلب تضافر الجهود لجذب الاستثمارات الخارجية، ويتطلب تعزيز التعاون بين مصر والسودان تنسيقاً فاعلاً على المستوى الإقليمي والدولي، لحشد الدعم اللازم لحل الأزمات المشتركة.
وتتاح فرص التعاون في مجالات التكامل الاقتصادي، وتُتيح الأزمات فرصاً للتعاون والتكامل الاقتصادي بين البلدين، من خلال إقامة مشروعات مشتركة في مختلف المجالات، ونتذكر مبادرات الرئيسين نميري والسادات في خلق أجواء التكامل بين البلدين في سبعينات القرن الماضي، ويمكن تعزيز التبادل التجاري بين مصر والسودان، خاصة في مجالات السلع الغذائية والأدوية والمنتجات الصناعية، ويمثل التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، خاصةً نهر النيل، فرصة هامة لتحقيق التنمية المستدامة في البلدين، ويُمكن للتعاون الأمني بين مصر والسودان أن يُساهم في تعزيز الاستقرار في المنطقة، ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
إنّ العلاقات المصرية السودانية تمر بمرحلة مفصلية تتطلب تعاوناً وثيقاً وحلولاً إبداعية لتجاوز التحديات المشتركة وتحقيق الأهداف المشتركة، وإنّ فرص التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، خاصة في ظل الأزمة الراهنة، تُمثل مفتاحاً لتحقيق هذا التعاون المثمر.