صحيفة (صوت الشمالية) العدد 226 الصادر يوم الخميس 21 نوفمبر 2024
مستخدما تطبيق Google drive
شئ للوطن
م.صلاح غريبة – مصر
Ghariba2013@gmail.com
أمر الطوارئ بالولاية الشمالية: تداعيات وأبعاد متعددة
أصدر والي الشمالية قراراً طارئاً بمنع إيواء وتشغيل وإيجار المنازل والمتاجر للأجانب المقيمين بطريقة غير شرعية، وذلك في سياق الأحداث الأمنية المتسارعة التي تشهدها البلاد. هذا القرار، وإن كان يهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار، إلا أنه أثار جدلاً واسعاً حول مدى توافقه مع حقوق الإنسان والقانون الدولي، وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية.
أبعاد القرار تتمثل في الأبعاد الأمنية، يبرر الوالي قراره بالحاجة إلى حماية أمن واستقرار الولاية في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد. فالحرب الدائرة تزيد من مخاطر التسلل والإرهاب، مما يستدعي اتخاذ إجراءات أمنية مشددة. كما أن منع تشغيل اللاجئين يهدف إلى تنظيم عملية تشغيل الأجانب وضمان عدم استغلالهم، والأبعاد القانونية، فيثير القرار تساؤلات حول مدى توافقه مع القوانين السودانية والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، والتي تكفل حرية التنقل والإقامة. فهل يمكن تقييد هذه الحريات في ظل حالة الطوارئ؟ وما هي الضمانات القانونية التي تحفظ حقوق الأفراد المتأثرين بهذا القرار؟
الأبعاد الإنسانية تتمثل في مواجهة اللاجئون الذين يعيشون في السودان ظروفاً إنسانية صعبة، وقد يزيد هذا القرار من معاناتهم. فحرمانهم من السكن والعمل قد يدفعهم إلى العيش في ظروف مزرية، ويزيد من خطر تعرضهم للاستغلال والاتجار بالبشر، بجانب الأبعاد الاقتصادية، فقد يؤدي هذا القرار إلى تراجع النشاط الاقتصادي في بعض القطاعات التي تعتمد على العمالة الأجنبية، مثل الزراعة والبناء والخدمات. كما قد يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج، مما ينعكس سلباً على أسعار السلع والخدمات، والأبعاد الاجتماعية، فقد يؤدي القرار إلى زيادة حدة التوتر بين المواطنين والأجانب، ويشجع على انتشار الخوف والكراهية. كما قد يؤدي إلى تهميش فئات معينة من المجتمع، مثل اللاجئين والمهاجرين.
التداعيات المحتملة في زيادة معدلات الهجرة غير الشرعية، فيدفع هذا القرار عدداً كبيراً من الأجانب إلى الهجرة إلى مناطق أخرى، مما يزيد من الضغوط على الولايات المجاورة، مع انتشار العمل غير الرسمي، فقد يلجأ العديد من الأجانب إلى العمل في القطاع غير الرسمي، مما يزيد من حجم الاقتصاد غير الرسمي ويصعب مراقبته، وتدهور الأوضاع الإنسانية، فقد يؤدي تقييد حريات الحركة والإقامة إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية للاجئين والمهاجرين، وزيادة خطر تعرضهم للاضطهاد والانتهاكات، وتدهور العلاقات الدولية، فقد يؤثر هذا القرار على العلاقات الدولية للسودان، خاصة مع الدول التي تأوي عدداً كبيراً من اللاجئين السودانيين.
مقترحات بديلة؛ فبدلاً من اللجوء إلى مثل هذه الإجراءات الشاملة، يمكن اتخاذ إجراءات أكثر استهدافاً وفعالية، مثل، تفعيل دور الأجهزة الأمنية، لتعزيز الرقابة على حدود الولاية ومنع التسلل غير الشرعي، وتسهيل إجراءات توفيق أوضاع الأجانب لمنحهم فرصة لتسوية أوضاعهم القانونية، وتوفير برامج تأهيل وتدريب للاجئين لتمكينهم من الاندماج في المجتمع والمساهمة في التنمية، وتعزيز التعاون الدولي للتعامل مع أزمة اللاجئين وتقاسم الأعباء، ووضع آليات لحماية حقوق الإنسان لضمان أن يتم تطبيق هذا القرار بطريقة تحترم حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
إن قرار منع إيواء وتشغيل وإيجار المنازل والمتاجر للأجانب المقيمين بطريقة غير شرعية هو قرار معقد له تداعيات واسعة النطاق. يجب على السلطات السودانية أن تزن بعناية جميع الجوانب الإيجابية والسلبية لهذا القرار، وأن تبحث عن حلول بديلة تحقق التوازن بين الحفاظ على الأمن والاستقرار وحماية حقوق الإنسان. كما يجب على المجتمع الدولي أن يقدم الدعم اللازم للسودان للتعامل مع هذه الأزمة الإنسانية المعقدة.