ببساطة
برغم الحرب الاقتصاد يعمل
د. عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com
أربعة عشر شهرا من الحرب والقتال والدمار في السودان كانت كفيلة بانهيار الاقتصاد السوداني وتفشي الفقر والمجاعة والأوبئة والأمراض، لكن هذا بفضل الله وحسن إدارة الاقتصاد لم يحدث.
من بورتسودان أكتب مقالي هذا بعد عودتي من تجوال شمل عدداً من المدن السودانية، وجدت الاقتصاد (يعمل) بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، قطاع الخدمات هو المسيطر على الساحة حالياً حيث تنشط التجارة الداخلية، وحركة النقل العابر للولايات، ويعمل الجهاز المصرفي من بورتسودان والمدن الكبرى بحيوية، العديد من الجامعات عاودت نشاطها وفتح كلياتها. محطات الكهرباء والمياه الرئيسة تعمل، ويتابع الأداء فيها بكل دقة الفريق الركن مهندس مستشار إبراهيم جابر عضو مجلس السيادة الانتقالي. المستشفيات في المدن الكبرى تعمل وتصلها الامدادات الطبية بفضل النشاط الفائق لوزير الصحة الشاب دكتور هيثم محمد إبراهيم.
القطاع الزراعي يعمل، بالرغم مما أصاب ولاية الجزيرة وهي احدى ركائز هذا القطاع. شاهدت العديد من الشاحنات الضخمة وهي تحمل القطن والفول والسمسم الى ميناء بورتسودان لتصديره للخارج. صومعة القضارف والعديد من المخازن الأخرى بها كميات هائلة من الذرة، وهناك مطالبة بفتح صادر الذرة للخارج. هذا ينفي حدوث مجاعة في السودان حسب التقارير الأممية التي لها أهداف أخرى.
القطاع الصناعي وفيه قطاعين فرعيين قطاع الصناعة التحويلية، وهذه حدث فيها دمار هائل بسبب تركز المصانع في ولاية الخرطوم ففقدنا حوالي 80% من قيمة هذا القطاع، لكن تبدو ملامح واشراقات جيدة من خلال استئناف بعض المصانع لأنشطتها من خلال إعادة التموضع في ولاية نهر النيل والولاية الشمالية والبحر والأحمر.
أما القطاع الفرعي الثاني في قطاع الصناعة، وهو قطاع التعدين، فإن نشاطه قد زاد بعد الحرب. وتشهد مناطق التعدين في الولاية الشمالية وولاية نهر النيل والبحر الأحمر نشاطاً هائلاً في تعدين الذهب والخدمات المصاحبة له من حركة لتناكر مياه الشرب، وشاحنات المواد الغذائية، والمواد البترولية وغيرها. قيمة هذا القطاع الفرعي هائلة جداً تتجاوز 2 مليار دولار.
وزارة المالية وبنك السودان استطاعا وفي ظروف الحرب إدارة الاقتصاد بمهنية واحترافية حققتا الحد الأدنى من الاستقرار الاقتصادي. استطاعت وزارة المالية إدارة الإيرادات الشحيحة لتغطية الاحتياجات الرئيسة والملحة. واستطاع بنك السودان تلبية الاحتياج التمويلي لمتطلبات الحرب الهائلة وهو يمشي بحذر بين مطرقة التضخم وسندان سعر الصرف.
العديد من الباحثين الاقتصاديين أشاروا في ابحاثهم قبل الحرب أن الاقتصاد الخفي في السودان، وهو الاقتصاد الذي لا تحيط به أجهزة الحكومة القائمة، يبلغ أكثر من 50% من الاقتصاد الكلي. أثبتت الحرب أن النسبة أكبر من هذا بكثير وقد تتجاوز 75%.
بإذن الله جيشنا منتصر، وسوف نعاود السير في طريق النماء والتقدم. والله الموفق.
Next Post