شئ للوطن م. صلاح غريبة- مصر ثورة 23 يوليو: منارة الحرية تُضيء درب استقلال السودان

168

شئ للوطن
م. صلاح غريبة- مصر
Ghariba2013@gmail.com

ثورة 23 يوليو: منارة الحرية تُضيء درب استقلال السودان

تُطلّ علينا اليوم ذكرى ثورة 23 يوليو المجيدة كل عام، حاملةً معها عبق النضال والكفاح من أجل الحرية والكرامة، ليس فقط لمصر، بل امتدت لتشمل أشقاءنا في السودان، مُساهمةً بشكلٍ فعّالٍ في نيلهم استقلالهم.
لم تكن ثورة 23 يوليو مجرد حدثٍ عابرٍ في تاريخ مصر، بل كانت شعلةً أضاءت درب الحرية لشعوب المنطقة، بما في ذلك السودان. فمنذ اللحظة الأولى لقيام الثورة، أدرك قادة ثورة 23 يوليو، بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر، عمق الروابط التاريخية والثقافية التي توحد مصر والسودان، وأنّهما شعبان في جسدٍ واحد.
ولم يكن ذلك الإدراك نظريًا فقط، بل ترجم إلى خطواتٍ عمليةٍ ملموسةٍ على أرض الواقع، حيث سارعوا إلى دعم القوى الوطنية السودانية المناهضة للاستعمار البريطاني، وتقديم الدعم السياسي والمعنوي لهم.
وتجلى ذلك الدعم في مختلف المجالات، ففي المجال السياسي، عملت مصر على حشد الدعم الدولي لقضية السودان، والدفاع عن حقه في تقرير مصيره في المحافل الدولية.
أما على الصعيد المادي، فقد قدمت مصر مساعداتٍ اقتصاديةً وعسكريةً هائلةً للسودان، ساهمت بشكلٍ كبيرٍ في تمكينه من بناء جيشٍ وطنيٍ قويٍ، وتأسيس بنيةٍ تحتيةٍ تُمكنه من تحقيق الاستقلال.
مثّل توقيع اتفاقية الحكم الذاتي للسودان عام 1953 نقطةً تحولًا هامّةً في مسيرة نضال السودان نحو الاستقلال. فقد منحت هذه الاتفاقية، التي تمّ التوصل إليها بفضل الجهود الدبلوماسية المصرية المكثفة، السودانيين حق تقرير مصيرهم، بعد عقودٍ طويلةٍ من التبعية البريطانية.
وتضمنت الاتفاقية بنودًا تُعزز من مشاركة السودانيين في إدارة بلادهم، وتُتيح لهم بناء مؤسساتٍ وطنيةٍ قويةٍ.
ولم تقتصر الاتفاقية على الجانب السياسي فقط، بل شملت أيضًا مجالاتٍ اقتصاديةً واجتماعيةً وثقافيةً، ممّا ساهم بشكلٍ كبيرٍ في تحسين أوضاع السودانيين وتوفير حياةٍ كريمةٍ
لم يقف الدعم المصري للسودان عند حدّ توقيع اتفاقية الحكم الذاتي، بل استمرّ حتى بعد إعلان السودان استقلاله التام في الأول من يناير عام 1956.
فقد واصلت مصر تقديم الدعم الاقتصادي والعسكري للسودان، وساعدته في بناء مؤسسات الدولة الوليدة، ممّا ساهم بشكلٍ كبيرٍ في استقراره وتقدمه.
ولم يقتصر الدعم على الجانب الرسمي فقط، بل امتدّ ليشمل الشعبين الشقيقين، حيث تعزّزت العلاقات الشعبية والثقافية بين مصر والسودان، وشهدت تلك الفترة تبادلاً ثقافيًا وفنيًا واسعًا.
لم يقتصر دور ثورة 23 يوليو على دعم استقلال السودان فقط، بل امتدّ ليُشكل علامةً فارقةً في مسيرة التحرر الوطني العربي والإفريقي.
فقد ألهمت الثورة الشعوب المُستعمرة في نضالها ضد الاستعمار، ومُؤسسةً لنهجٍ جديدٍ قائمٍ على الوحدة والتضامن العربي والإفريقي.
وأصبحت ثورة 23 يوليو رمزًا للحرية والكفاح من أجل العدالة والمساواة، ونبراسًا يُضيء الطريق للأجيال القادمة.
واليوم، وبعد مرور 72 عامًا على ثورة 23 يوليو، ما زال أثرها باقيًا، خالداً في ذاكرة الأجيال، شاهداً على عظمة ثورةٍ أضاءت شعلة الحرية والكرامة، ليس فقط لمصر، بل للعالم العربي والإفريقي بأسره

Leave A Reply

Your email address will not be published.