الملازم جعفر نميري والعفو الإجتماعي
الملازم جعفر نميري والعفو الإجتماعي
منذ 20 ساعةآخر تحديث: 14 يوليو، 2024157 2 دقائق
حادثة الترام ١٩٥٧م (نموذج) :
١/ ذات فجر من يوم من أيام العام ١٩٥٧ وصل قطار كريمة محطة الخرطوم الحديدية متأخرا كعادته ، ونزل الركاب مهرولين إلى موقف التاكسي بالمحطة كل يريد الوصول إلى وجهته .
٢/ كان عمنا أحمد محمد بابكر (الطرج) يقف كعادته بعربته التاكسي في الموقف ، حينما وقف أمامه رجل و إمرأة يحملان عفشآ خفيفا و طلبا منه أن يوصلهما الي أم درمان حي ود نوباوي .
٣/ الرجل كان هو الحاج محمد نميري ، والمرأة كانت هي زينب بت عثمان ود أرباب ، والدا الملازم جعفر محمد نميري ، المتخرج حديثاً من الكلية الحربية في ذلك العام ، وقد جاءآ خصيصا لتهنئته و مباركته بهذه المناسبة .
٤/ إنطلق بهما العم أحمد بابكر سالكآ شارع غردون باشا من الناحية الغربية ، إلى المقرن حيث كانت مزارع أهالي جزيرة توتي و حي المقرن ، والتي كانت تروى بالسواقي التقليدية .
٥/ في المنطقة الواقعة في حدائق أبريل الحالية و قد كانت ضمن المزارع المشار إليها عاليه ، كان هناك أحد المزارعين بحماره بقطع الشارع ، فانحرف منه عمنا أحمد بابكر إلى جهة اليسار تفاديا له ، فانغرزت عجلات العربة الأمامية في ثنايا قضيب الترام ، وظل عمنا احمد يرازي العربة يمينا و يسارا ، خلفا و أماما، ولكن العربة ظلت منغرسة في القضبان دون تحرك، و في ذات اللحظة ظهر الترام من جهة أم درمان كاسحا نحو الخرطوم ، فاصطدم بالعربة (طبقها من الكبوت الي الضهرية ، وصارت كعلبة الساردين المفجوخة !!!!)
٦/ إثر الحادث توفيت في الحال زينب بت عثمان ود أرباب ، و أصيب زوجها الحاج محمد نميري بإصابات بالغة توفي على أثرها بعد يومين من الحادث ، و خرج عمنا أحمد سليما معافيا ، إلا من بعض الجروح الخفيفة ، وتم الحجز عليه بواسطة السلطات المرورية للتحقيق اللازم .
٧/ كان العزاء بمنزل أسرة آل نميري بحي ود نوباوي ، وكان أهلنا الكالياب مع لفيف من الجعليين بالخرطوم يتجمعون بعد ساعات العمل في المحطة الوسطى الخرطوم و يستأجرون بصا ذهابا و إيابا للمقيل في بيت العزا طيلة أيام العزاء .
٨/ يوم رفع الفراش كان الحضور كثيفا من مواطني حي ود نوباوي وبعض الأحياء الأخرى و بعض رجالات الأحزاب و الخدمة المدنية و رفقاء الملازم جعفر نميري للكلية الحربية بالإضافة إلى قبيلة أهلنا الكالياب و الجعليين المؤازرين لهم .
٩/ بعد صلاة المغرب نهض الشاب الملازم جعفر محمد نميري مخاطبا جميع المعزين ذاكرا أن ما حدث لهم من فقدان إنما هو قضاء الله و قدره و نحن راضون بذلك و حمد الله رب العالمين ، وللأهل الكالياب و الجعليين مشيرا أنه أنهم متازلون عن أي آثار قانونية للحادث ، و يعفون عفو الله و رسوله من المتسبب في الحادث .
١٠/ يوم المحكمة حضر أهلنا الجعليين و الكالياب بينما حضر بضع من أولياء الدم يحملون عريضة التنازل وسلموها لقاضي المحكمة .
١١/ نتيجة لذلك أصدر المحكمة حكما بالسجن المخفف علي عمنا أحمد بابكر مع سحب رخصته لمدة عام ، حيث قضى عمنا أحمد أقل من مدة السجن في بيت مأمور الشرطة حيث تم العفو عنه في مناسبة من مناسبات الدولة القومية .
١٢/ يقيني بأن صبر عائلة النميري وعفوهم الكريم ، كان جزاؤه عندالله سبحانه وتعالى أن مكنهم من حكم البلاد لأكثر من ستة عشر عاما ، كانت من أهم فترات السودان التحكيمية
(فمن عفا و أصلح فأجره على الله)
صدق الله العظيم
و إلى لقاء لنموذج آخر من نماذج العفو الإجتماعي .
عوض حسن بابكر