صحيفة (صوت الشمالية) العدد238 الصادر يوم الخميس 26 ديسمبر 2024
مستخدما تطبيق Google drive
شئ للوطن
م.صلاح غريبة – مصر
Ghariba2013@gmail.com
بين سندان الحرب ومطرقة التنمية: قصة الولاية الشمالية
شهدت الولاية الشمالية تحولات جذرية في السنوات الأخيرة، حيث برزت كنموذج يحتذى به في التوفيق بين واجبات الدفاع عن الوطن وبين بناء وتنمية المجتمع. ففي الوقت الذي تصدت فيه بكل شجاعة للعدوان الغاشم، حرصت على مواصلة مسيرة التنمية الشاملة، مؤكدة بذلك على عمق الوعي الوطني لدى أبنائها.
لقد أثبتت الولاية أن اليد التي تحمل السلاح قادرة في الوقت نفسه على حمل أدوات البناء والإعمار. فمن خلال مشاريعها التنموية المتعددة، والتي تمولها عائدات التعدين، استطاعت أن تحقق إنجازات ملموسة في مجالات البنية التحتية والخدمات الأساسية، مما أدى إلى تحسين مستوى معيشة المواطنين.
ولعل أبرز ما يميز التجربة الشمالية هو قدرتها على مواجهة التحديات المتعددة، سواء كانت أمنية أو اقتصادية أو اجتماعية. فبرنامج “موسم الكرامة” الزراعي، مثلاً، يعد شاهداً على عزم وعزيمة أهل الشمالية في تحقيق الأمن الغذائي للبلاد، رغم الظروف الصعبة التي تمر بها.
كما أن الولاية نجحت في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وذلك بفضل ما تتمتع به من مقومات جاذبة مثل الموقع الاستراتيجي والموارد الطبيعية والبيئة الاستثمارية المشجعة. وهذا يدل على أن الولاية قادرة على أن تلعب دوراً محورياً في دفع عجلة التنمية الاقتصادية في السودان.
إن ما تشهده الولاية الشمالية هو تجربة فريدة من نوعها، تستحق الدراسة والتحليل. فهي نموذج يحتذى به للدول التي تواجه تحديات مشابهة، وتسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة في ظل ظروف صعبة.
ومع ذلك، فإن هناك تحديات لا تزال تواجه الولاية، مثل محدودية الموارد المالية والبشرية، وتأثيرات تغير المناخ. ولذلك، فإنها تحتاج إلى دعم متواصل من الحكومة المركزية والمجتمع الدولي، حتى تتمكن من تحقيق أهدافها التنموية.
لم تقتصر مساهمة المرأة في الولاية الشمالية على دعم الجبهة الخلفية، بل امتدت إلى المشاركة الفعالة في مشاريع التنمية. فقد أسست العديد من النساء مشاريع صغيرة ومتوسطة الحجم، وساهمت في إدارة المشاريع الزراعية. ومع ذلك، لا تزال المرأة تواجه تحديات في الحصول على فرص متساوية في التعليم والعمل، الأمر الذي يتطلب المزيد من الجهود لتمكينها.
على الرغم من الإنجازات التي حققتها الولاية الشمالية، فإنها تواجه تحديات مستقبلية كبيرة. فشح المياه نتيجة لتغير المناخ والتوسع الزراعي والصناعي يهدد الزراعة والإنتاج الغذائي. كما أن التغيرات المناخية تزيد من حدة الجفاف والفيضانات، مما يؤثر سلبًا على البنية التحتية والاقتصاد. بالإضافة إلى ذلك، فإن التعدين، رغم أهميته الاقتصادية، يسبب تلوثًا بيئيًا وتدهورًا للأراضي. مواجهة هذه التحديات تتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، وتبني سياسات مستدامة لإدارة الموارد الطبيعية، وتشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة والتقنيات الصديقة للبيئة.”
ختاماً، يمكن القول إن الولاية الشمالية هي نموذج مشرف للتكامل بين البناء والدفاع. وهي تثبت يوماً بعد يوم أن الإرادة والعزيمة قادرتان على تجاوز أصعب التحديات، وأن المستقبل يحمل الكثير من الأمل والتفاؤل لأهل هذه الولاية الكريمة.