شئ للوطن| صلاح غريبة يكتب …..البيئة في الوطن العربي بين الحرب والتصحر وتحديات المستقبل

148

شئ للوطن
م.ضلاح غريبة – مصر
Ghariba2013@gmail.com

البيئة في الوطن العربي بين الحرب والتصحر وتحديات المستقبل

يُمثل الاحتفال باليوم العربي للبيئة مناسبةً سنويةً للتذكير بالتحديات البيئية الجسام التي تواجه الوطن العربي، والتي تتفاقم يوماً بعد يوم بفعل عوامل طبيعية وبشرية متداخلة. ففي الوقت الذي يعاني فيه العالم من آثار التغيرات المناخية، يواجه الوطن العربي تحديات إضافية تتمثل في ندرة المياه، وتدهور الأراضي، والتصحر، فضلاً عن الصراعات والحروب التي تزيد من حدة هذه المشكلات وتؤثر سلبًا على البيئة والمجتمعات.
يشهد الوطن العربي تدهوراً متسارعاً في بيئته، حيث تغطي الصحاري والمساحات القاحلة الجزء الأكبر من مساحته، وتزداد معدلات التصحر والجفاف بشكل ملحوظ. وتؤدي هذه التحديات إلى نقص في الغذاء والمياه، وزيادة في الهجرة، وتدهور في الصحة العامة.
يمثل السودان مثالاً صارخاً على الدول العربية التي تعاني من تدهور بيئي حاد. فالحرب الدائرة في البلاد أدت إلى تدمير البنية التحتية، وتلوث المياه والتربة، وزيادة معدلات التصحر. كما أدى النزوح واللجوء إلى ضغوط إضافية على الموارد الطبيعية في المناطق المستقبلة للنازحين واللاجئين.
تتعدد الأسباب التي أدت إلى تدهور البيئة في الوطن العربي، ومن أبرزها التغيرات المناخية التي تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، وتغير أنماط هطول الأمطار، وزيادة في الظواهر الجوية المتطرفة مثل الجفاف والفيضانات، بجانب سوء إدارة الموارد الطبيعية فالاستخدام الجائر للمياه، وإزالة الغابات، والرعي الجائر، والصيد الجائر كلها عوامل تساهم في تدهور الأراضي، كما ان الصراعات والحروب تؤدي إلى تدمير البنية التحتية، وتلوث البيئة، ونزوح السكان، مما يزيد من الضغط على الموارد الطبيعية، والنمو السكاني يؤدي إلى زيادة الطلب على الموارد الطبيعية، مما يزيد من الضغط على البيئة، وحسابات التنمية غير المستدامة في التركيز على النمو الاقتصادي على حساب الحفاظ على البيئة.
تعتبر إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة من أهم الحلول لمواجهة التحديات البيئية في الوطن العربي. فهي تساهم في تعزيز الأمن الغذائي من خلال زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين جودته، والحفاظ على التنوع البيولوجي من خلال استعادة النظم البيئية الطبيعية، والحد من التصحر من خلال تثبيت التربة والحد من انجرافها، وخلق فرص عمل من خلال تنفيذ مشاريع إعادة تأهيل الأراضي.
تلعب جامعة الدول العربية دوراً محورياً في مواجهة التحديات البيئية التي تواجه المنطقة العربية، وذلك من خلال وضع السياسات والاستراتيجيات الإقليمية لحماية البيئة ومواجهة التغيرات المناخية، وبناء القدرات فتقوم الجامعة العربية بتنظيم العديد من البرامج التدريبية لتطوير قدرات الكوادر العربية في مجال حماية البيئة، مع تشجيع التعاون الإقليمي وتعمل الجامعة العربية على تعزيز التعاون بين الدول العربية في مجال حماية البيئة.
لتجاوز التحديات البيئية التي تواجه الوطن العربي، يجب اتخاذ مجموعة من الإجراءات العاجلة، من بينها الاستثمار في الطاقة المتجددة بالانتقال نحو مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والحد من الانبعاثات الكربونية، وتطبيق الزراعة المستدامة وتشجيع المزارعين على اعتماد ممارسات زراعية مستدامة، مثل الزراعة العضوية والري بالتنقيط، وإدارة النفايات بشكل صحيح بتطبيق أنظمة فعالة لإدارة النفايات، بما في ذلك إعادة التدوير والتخلص الآمن من النفايات الخطرة وتعزيز الوعي البيئي بنشر الوعي البيئي بين جميع فئات المجتمع، وتشجيع المشاركة المجتمعية في حماية البيئة، وبناء القدرات بالاستثمار في بناء القدرات البشرية في مجال حماية البيئة وإدارة الموارد الطبيعية.
تواجه البيئة في الوطن العربي تحديات كبيرة تتطلب تضافر الجهود على المستويين الإقليمي والدولي. فمن خلال تبني سياسات بيئية مستدامة، والاستثمار في التكنولوجيا الخضراء، وتعزيز التعاون الإقليمي، يمكننا حماية بيئتنا والحفاظ على مواردنا الطبيعية للأجيال القادمة.

Leave A Reply

Your email address will not be published.