شئ للوطن| صلاح غريبة يكتب: الاقتصاد الأخضر: حجر الزاوية في إعادة بناء السودان
شئ للوطن
م.صلاح غريبة – مصر
Ghariba2013@gmail.com
الاقتصاد الأخضر: حجر الزاوية في إعادة بناء السودان
يمر السودان بمرحلة حساسة تستدعي إعادة بناء شاملة، ولتحقيق هذا الهدف، لا بد من تبني نهج جديد قائم على الاستدامة والنمو الأخضر. ففي ظل التحديات البيئية المتزايدة التي يواجهها العالم، بات التحول نحو اقتصاد أخضر ضرورة ملحة، ليس فقط لحماية البيئة، بل أيضاً لتعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل مستدامة.
إن التركيز على الاقتصاد الأخضر في السودان ليس مجرد خيار، بل هو استثمار استراتيجي في المستقبل. بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة الوفيرة في البلاد، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، يمكن للسودان أن يقلل من اعتماده على الوقود الأحفوري، ويحقق الاكتفاء الذاتي من الطاقة، ويصدر الفائض منها. كما أن الاستثمار في الزراعة المستدامة، مثل الزراعة العضوية والزراعة الذكية، سيساهم في زيادة الإنتاجية، وتحسين جودة المحاصيل، والحفاظ على الموارد الطبيعية.
أهمية الاقتصاد الأخضر للسودان يتمثل في التكيف مع التغيرات المناخية، فيساهم الاقتصاد الأخضر في بناء قدرة السودان على التكيف مع آثار التغيرات المناخية، مثل الجفاف والتصحر، من خلال تبني ممارسات زراعية مستدامة وإدارة الموارد المائية بكفاءة، ويوفر الاقتصاد الأخضر فرص عمل جديدة في قطاعات الطاقة المتجددة، والزراعة المستدامة، وإدارة النفايات، مما يساهم في الحد من البطالة، ويجذب الاقتصاد الأخضر الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما يساهم في نقل التكنولوجيا والمعرفة، وتعزيز النمو الاقتصادي، ويساهم الاقتصاد الأخضر في تحسين جودة الهواء والماء، مما يؤدي إلى تحسين الصحة العامة ورفاهية المواطنين.
لتحقيق هذا التحول، يجب أن تعمل الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني معاً بشكل متكامل، ويتلخص دور الحكومة في وضع السياسات والإطار التشريعي المناسبين لدعم الاستثمار في المشاريع الخضراء، وتوفير الحوافز المالية والتقنية للشركات، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية، وبناء القدرات المؤسسية، ويمكن للقطاع الخاص أن يلعب دوراً محورياً في تنفيذ المشاريع الخضراء، من خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة، وتطوير منتجات وخدمات صديقة للبيئة، وتبني ممارسات إنتاج مستدامة، ويمكن للمجتمع المدني أن يساهم في توعية المجتمع بأهمية الاقتصاد الأخضر، ودعم المبادرات البيئية، والمشاركة في عملية صنع القرار.
على الرغم من الإمكانات الهائلة التي يوفرها الاقتصاد الأخضر، إلا أن السودان يواجه العديد من التحديات، منها نقص الاستثمارات، والافتقار إلى الكفاءات، والتغيرات المناخية.
لتجاوز هذه التحديات، يمكن اتخاذ إجراءات منها جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة من خلال تقديم حوافز مالية، وتبسيط الإجراءات، وتسويق الفرص الاستثمارية في مجال الطاقة المتجددة والزراعة المستدامة، كما يجب الاستثمار في بناء القدرات الوطنية في مجال الطاقة المتجددة، والزراعة المستدامة، وإدارة النفايات، من خلال التدريب والتأهيل، وتعزيز التعاون الدولي مع الدول والمؤسسات الدولية المهتمة بالاستدامة، للحصول على الدعم المالي والتقني، والاستثمار في تطوير البنية التحتية للطاقة المتجددة، مثل شبكات الكهرباء الذكية، ومحطات توليد الطاقة الشمسية والريحية.
إن التحول نحو الاقتصاد الأخضر هو فرصة تاريخية للسودان لبناء مستقبل مستدام ومزدهر. من خلال العمل الجماعي والالتزام، يمكن للسودان أن يحقق أهداف التنمية المستدامة، ويصبح نموذجاً يحتذى به في المنطقة في مجال الاستدامة البيئية.
عليه نوصى بوضع استراتيجية وطنية شاملة للانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، بجانب تأسيس هيئة وطنية للطاقة المتجددة والبيئة وإنشاء صندوق للاستثمار الأخضر، وتعزيز التعاون بين القطاع العام والخاص والمجتمع المدني وتوعية المجتمع بأهمية الاقتصاد الأخضر.