ولو كانت تركيا| لَواء ركن ( م) د. يونس محمود محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
٦ يناير ٢٠٢٥
*ولو كانت تركيا*
لَواء ركن ( م) د. يونس محمود محمد
معلوم يقيناً أن لغة المصالح هي وسيلة التداول المفهومة بين الدول والكيانات السياسية، وهي المعيار المفضّل لدى الجميع في سوق الحياة . المتداول حالياً وعلى نطاق واسع ومهم هو ( *المبادرة التركية* ) للإصلاح ما بين السودان والإمارات، تتمةً لما أحدثته تركيا من مصالحة بين أثيوبيا والصومال في خلافهما المعلوم حول منفذ للبحر الأحمر، ولذلك تريد تركيا أن تحقق نجاحاً ثانياً لدبلوماسيتها وحضورها في هذه المنطقة المهمة، وليس ثمة غضاضة في ذلك، ولكن ليس على حسابنا نحن هنا في السودان، وتركيا نفسها ( *رفضت أن تبيع السودان طائرات الدرون المميزة بيرقدار* ) لحسابات التوازن الإستراتيجي في الصراع الجاري في السودان بأيدي إقليمية وأخرى وكيلة عن إرادة دولية طاغية، تحوي قوائمها كل مردة الإنس ( *أمريكا،* *بريطانيا،* *فرنسا،* *الكيان الصهيوني* )، ودليلهم إلى ذلك ووكيل أعمالهم الإمارات، ومقاوليها من الباطن اليسار العلماني، حزب الرذيلة، وآخرين من دونهم يعلمهم أهل السودان، فضلاً عن الدول الأفريقية المرتزقة التي هانت لدرجة شراء ذمم رؤسائها ليقوموا بهذه الأدوار المهينة، في الإشتراك الجنائي الدولي لقتل مواطني دولة مجاورة، والإعتداء على حقوقهم، هذه حقائق بدهية لا تحتاج جدالاً،
فمضت سنتا الحرب وهم ينظرون ما حاق بأهل السودان من مصائب، وينتظرون المكافآت والحوافز.
وفي غمرة هذا الإنغماس في المآسي تجد من يريد الإستثمار في المواجع، ويأتي بما هو أقسى على أهل السودان مما قاسوه؛ فقد طفحت على سطح الأخبار هذه الأيام ما سميت بالمبادرة التركية، وتداول الكُتاب والإعلاميون والرأي العام بنودها المجحفة المفخخة، ( *وإن لم تخرج بإعلان حكومي رسمي* ) وبالتالي يبقى القطع بها مؤجلاً آلى حين تدشينها حكومياً، ولكن بالنظر للمتداول من بنود يمكن إجمالها في الآتي:
شطب دعوى السودان ضد الإمارات في مجلس الأمن، ضمان إستثمارات الإمارات وزيادتها، تشارك الإمارات في إعادة الإعمار ( *دون تقييد ذلك في حسابها* )، إعتماد الحرية والتغيير شريكاً سياسياً، دمج الدعم السريع في الجيش، مشاركة الإمارات في مراقبة الحدود السودانية للحد من التسلح، ترفع الإمارات يدها عن تسليح ( *أي طرف* ) دون ذكر الدعم السريع.
تقريباً هذا مجمل ما ورد في هذه المبادرة،
فإن كان ذلك كذلك، فجدير بالقيادة السودانية أن ترفضها كلها من حيث المبدأ، ثم تشكر سعي تركيا التي رفضت أي وساطة مع حزب العمال الكردتستاني والذي تعتقل زعيمه عبد الله غول منذ سنوات، وشرطها واحد هو إلقاء السلاح وحل الحزب والإنخراط في الحياة بشروط الأهلية التركية،
وكذلك يمكن للقيادة السودانية أن تصمم مبادرة للإصلاح بين تركيا وحزب العمال بشروط ميسرة.
أما ( *الإمارات* ) وسعيها للحكم المدني في السودان هو من عجائب الدنيا ( *الثمانية* ) غير أنها وجدت الريح فأفردت شراعها، ووجدت العملاء المرتخصين، حسبهم مطعم و…… وزجاجة، وتريد أن تمكّن لهم في أرض السودان بعدما لفظتهم، وتحملهم عنوة على رقاب الضحايا والنازحين والمشردين والمكسورين، فقط لأنها تملك مالاً إستطاعت به شراء رؤوساء أفارقة، وخونة أوطان، ولذلك ظنت أن ثمرة السودان قد أنضجتها الحرب، وأن الوهن واليأس قد ملأ جوانح أهله، وأنهم في وضع حرج يقبلون فيه أي صيغة مهما كانت قاسية ومهينة، يقبلونها حتى تنقذهم مما هم فيه حرج بالغ، ولذلك رأت في تركيا صديقاً للسودان يمكن أن يبلغ الرسالة، ويقوم بالوساطة، ويحقق الهدف، لتأتيها بالسودان ( *صرة في خيط* )، حينها تنفرج أسارير ( *الشيطان* ) ويدندن لحن الإثارة، ها قد جئتكم بالسودان بذهبه وكيزانه، وسأنكِره بالتغيير والحرية، والجنجويد في الجيش، والمرتزقة في الحياة العامة، حتى لا يعرفه أحد ممن كانوا يعرفونه، موطن العز، ومثابة الخائفين، وعوج الدروب والمكارم، أرض البطولات، وأبو التاريخ، وأصل الحياة، تطوعه الإمارات وتروضه ليكون زينة لها وملهاة، كما تُروضُ الأسد الكواسر في مهرجانات السيرك.
إنها سخرية القدر، ومفارقات الدهر الأعجب،
والله ( *يكضب الشينة* ) لكن إذا كانت هذه هي المبادرة
وقبلتها القيادة السودانية فإنها بلا شك نهاية التلاحم الشعبي بين الشعب وهذه القيادة.
ردوها عليها ، إلا اذا كانت كما يريد الشعب وهي أن ترفع الامارات يدها عن الجنجويد تماما ويتأكد السودان من ذلك بادواته ووسائله ، ثم يمكنه شطب الدعوى في مجلس الامن ، وتتعهد الامارات خطيا وبشهود باعادة الاعمار لما دمرته في السودان وتعويض الضحايا ، ولا دخل لها من بعد في ما يجري داخل السودان من تفاصيل ، أما غير ذلك فهي مردودة ،فقد أمضت القوات المسلحة العهد وما بقي من الجنجويد إلا القليل، ولا مقام لليسار العلماني البتة، ولا قبول بجنجويدي واحد داخل صف القوات المسلحة.
الله غالب .