ورحل محمد حاكم … فيلسوف الضحك، ايقونة العلاقات المصرية السودانية

131

شئ للوطن
م.صلاح غريبة – مصر
Ghariba2013@gmail.com

تلقيت دعوة من نقابة الصحفيين المصريين لحضور حفل تأبين فيلسوف الضحك…. محمد حاكم، الثلاثاء 30 يوليو 2024 الخامسة مساء بإحدى قاعات النقابة بشارع شامبليون وسط المدينة.
كان يوم حزين، يوم ودعت مصر وودع السودان والعالم العربي أحد أبرز رموز الفن الكاريكاتيري، الفنان الكبير محمد حاكم. ابن شبا مركز مروى بالولاية الشمالية، فرحيله ترك فراغًا كبيرًا في قلوب محبيه وعشاق الفن، فحاكم لم يكن مجرد رسام كاريكاتير، بل كان صوتًا حرًا، ومرآة عاكسة لواقع مجتمعه، وساحرًا سلب قلوبنا بابتسامته الساخرة.
كان حاكم فنانًا متفردًا بأسلوبه، استطاع أن يجمع بين البساطة والعمق، وبين السخرية والنقد الاجتماعي. كان رسوماته لغة يفهمها الجميع، تتحدث عن هموم الناس وآمالهم، وتكشف عن زيف الأقوال والأفعال. لقد كان فنانًا شعبيًا بامتياز، حيث استطاع أن يصل إلى قلوب الناس ببساطة رسوماته، وعمق أفكاره.
كان حاكم صوت الشعب، الذي عبر عن همومه وآلامه ببساطة شديدة وعمق فني لا يضاهى. رسوماته كانت مرآة عاكسة لواقعنا، ساخرة من عيوبنا، وحاضرة في كل لحظة من حياتنا اليومية، وتميز حاكم بقدرته الفريدة على تحويل الألم إلى ضحك، والواقع المرير إلى لوحة فنية ساخرة. كان فيلسوف الضحك الذي استطاع أن يمسّ أعماق النفوس بكلماته البسيطة ورسوماته اللاذعة، وترك حاكم إرثًا فنيًا غنيًا، سيبقى شاهداً على عبقريته وإبداعه. رسوماته ستظل حاضرة في ذاكرتنا، وستكون مصدر إلهام للأجيال القادمة من الفنانين والمثقفين، ولم يقتصر دور حاكم على الترفيه، بل كان ناقدًا اجتماعيًا لاذعًا، كشف عن الكثير من الحقائق المرة، وسلط الضوء على القضايا التي تهم المجتمع.
كان حاكم أحد رواد الفن الكاريكاتيري في الوطن العربي، وساهم بشكل كبير في تطوير هذا الفن، وجعله فنًا راقيًا يحظى بالتقدير والاحترام، وتميز أسلوب حاكم بالبساطة والوضوح، حيث كان يستخدم خطوطًا بسيطة وألوانًا قوية للتعبير عن أفكاره. كان رسامه ساخراً لاذعاً، لكنه في الوقت نفسه كان إنسانيًا، وتناولت أعمال حاكم مجموعة واسعة من المواضيع، منها النقد السياسي، والاجتماعي، والثقافي، وكان دائمًا يبحث عن الزوايا المبتكرة لتناول القضايا.
رحيل محمد حاكم خسارة كبيرة للفن والثقافة العربية، ولكن إرثه الفني الخالد سيظل حاضراً في ذاكرتنا. لن ننسى ضحكاته الساخرة، ولن ننسى رسوماته التي كانت تعكس همومنا وآمالنا. سنظل نستلهم منه القوة والشجاعة، وسنواصل النضال من أجل مجتمع أفضل.
اذكر أنني التقيت به في فترات متفاوتة، ففي عام 1979 وانا طالب علم بحلوان، وذكرني بالاسرة والوالد وأيام جميلة جمعتهم في تاريخ سابق لعودة اسرتي للسودان بعد دعوة اختيارية من الحكومة المصرية بتسهيل تسفير من يود العودة للسودان من الأسر السودانية بعد ليلة نيل السودان لاستقلاله، ومبلغ الخمسون جنيه مصرية ذاك الوقت، تمنح مساعدة من الحكومة لكل فرد يود العودة.

Leave A Reply

Your email address will not be published.