«مؤتمر القاهرة» يكشف انحياز الإعلام والتواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي في حرب غزة
«مؤتمر القاهرة» يكشف انحياز الإعلام والتواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي في حرب غزة
محمد الهواري
«مؤتمر القاهرة» يكشف انحياز الإعلام والتواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي في حرب غزة جانب من النسخة السادسة من «مؤتمر القاهرة للإعلام» (المؤتمر – عبر «فيسبوك»).
في الوقت الذي تستمر فيه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ولبنان، والاقتتال الداخلي في السودان، والحرب الروسية الأوكرانية، استضافت العاصمة المصرية، القاهرة، النسخة السادسة من «مؤتمر القاهرة للإعلام»، في القاعة الشرقية بالجامعة الأمريكية، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني).
المؤتمر الذي انعقد ليوم واحد، تحت عنوان: «صحافة الحرب والصراع في العصر الرقمي: ما هي المخاطر؟»، جاء بالتعاون بين قسم الصحافة والإعلام، في كلية الشؤون الدولية والسياسة العامة، في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وجامعة أوسلو متروبوليتان في النرويج، وبمشاركة أكاديميين وممارسين من عدة دول.
وناقش المؤتمر في 8 جلسات وكلمات أساسية، عدة محاور أبرزها مناقشة أهمية الأخلاقيات في ممارسة الصحافة في أوقات الأزمات، وتحديد التحديات التي تواجه مراسلي الحروب والصراعات، والممارسات الحالية من حيث التوازن بين السرعة والدقة في نقل الأخبار والمعلومات، وسلامة الصحفيين في البيئات المعادية، ودور الصحفيين في عصر التغطية الإعلامية للسوشيال ميديا، وأخيرًا استكشاف أهمية التكنولوجيا الرقمية في تعزيز المنتج الصحفي، وإدخال أدوات مبتكرة لاستخدامها من قبل العاملين في وسائل الإعلام.
التضليل الإعلامي
قالت د. رشا علام، أستاذ مشارك ورئيسة قسم الصحافة والإعلام، في الجامعة الأمريكية بالقاهرة: «في عصرنا الحالي أصبح الوصول إلى المعلومات، وإتاحتها، وتطويرها، أسهل بكثير، ولم يتحول دور الصحفي في تغطية الحروب والنزاعات فقط، لكنه أصبح أكثر أهمية وخطورة».
«مؤتمر القاهرة» يكشف انحياز الإعلام والتواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي في حرب غزة
د. رشا علام، أستاذ مشارك ورئيسة قسم الصحافة والإعلام، في الجامعة الأمريكية بالقاهرة (مؤتمر القاهرة للإعلام).
وأضافت: «على الرغم مما يتيحه مشهد الإعلام الرقمي، من أدوات غير مسبوقة، ومنصات لسرد القصص، لكنه يأتي مع تحديات فريدة من نوعها، من التضليل الإعلامي، والخلل المعلوماتي، والأخبار المضللة والكاذبة، والتزييف العميق، إلى معضلات أخلاقية، لتغطية مناطق الصراعات».
وشددت «علام» على أن المؤتمر فرصة لتبادل الخبرات، وتحديد المسؤوليات في هذه الأوقات، ومعالجة تعقيدات تغطية النزاعات، وتأثير الإعلام الرقمي على تغطية الحروب، وأهمية النزاهة والدقة.
في مرمى النيران
في كلمته أمام المؤتمر، قال خالد البلشي، نقيب الصحفيين في مصر: «ما يحدث اليوم في فلسطين يعد أحد أسوأ الحقب في تاريخ الإنسانية، والجريمة الأبشع في التاريخ بحق الصحافة، فالأرقام تقول إن ما يقرب من 20% ممن ينقلون الحقيقة على الأرض فقدوا حياتهم، ولا زال زملائهم يعملون، حيث استشهد أكثر من 180 صحفيًا وعاملًا بقطاع الإعلام، بينهم 20 صحفية، من بين 1000 صحفي يعملون على الأرض في غزة».
«مؤتمر القاهرة» يكشف انحياز الإعلام والتواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي في حرب غزة
خالد البلشي، نقيب الصحفيين في مصر (مؤتمر القاهرة للإعلام).
وأضاف: «هذه الأرقام لو حدثت في أي مكان آخر، لكانت القضية أثارت ضجة أكبر بكثير، الأرقام تقول أيضًا إنه خلال عام 2023 تم ارتكاب أكثر من ألف و639 جريمة وانتهاكًا بحق الصحافة في فلسطين، وهذا الرقم يشمل إصابة 357 زميلًا بسبب قصف الاحتلال، كما تم اعتقال 125 صحفيًا، بينهم 21 صحفية، وصحفيين قيد الاختفاء القسري».
وتابع: «الأرقام تشير إلى ما هو أكثر، إلى تدمير 73 مؤسسة إعلامية في قطاع غزة، وإغلاق 15 مؤسسة في الضفة الغربية، وتسجيل 902 من الانتهاكات، تراوحت بين إطلاق النار والاحتجاز، ومنع التغطية، من الاحتلال ومستوطنيه».
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، بلغت حصيلة الشهداء 43 ألفًا و972 شهيدًا، و104 آلاف وثمانية من المصابين، خلال 410 يومًا، منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وأشاد «البلشي» بجهود الصحفيين الفلسطينيين، في تغطية الأحداث «بأمانة واحترافية عالية»، رغم ما يواجهون من «مخاطر جسيمة». وانتقد ما وصفه بـ «الاستجابة المحدودة، والصمت المشين»، في الدفاع عن الصحفيين في فلسطين ولبنان.
وقال في ختام كلمته: «إن ما يجري في الحروب على الأرض في فلسطين ولبنان، وفي أماكن أخرى من العالم، والتناقضات الصارخة في المواقف يفرض علينا أن نناقش معًا كيف نتجاوز ما جرى، لاستعادة مهنتنا، وأهمية الأخلاقيات في ممارسة الصحافة في أوقات الأزمات والتحديات التي تواجه مراسلي الحروب والصراعات، ومناقشة الممارسات الحالية من حيث التوازن بين السرعة والدقة، في نقل الأخبار، وتعزيز المنتج الصحفي، وكيفية إدخال أدوات مبتكرة لاستخدامها من قبل العاملين في وسائل الإعلام».
الأخلاق بيت القصيد
في 28 مايو (أيار) 2024، اعترفت كل من النرويج وإسبانيا وأيرلندا، بدولة فلسطين، ردًا على سياسات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو. وذلك بعد أيام من بيان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، الذي حمل فيه نتنياهو، ووزير الدفاع الإسرائيلي وقتها، يوآف غالانت، المسؤولية الجنائية عن جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، ارتُكبت على أراضي دولة فلسطين (في قطاع غزة)، اعتبارًا من الثامن من أكتوبر (تشرين الأوّل) 2023، منها الإبادة، وتجويع المدنيين، وقتلهم عمدًا.
في جلسته تحت عنوان: «الأخلاق والتوازن والحقيقة في تغطية الحرب»، ناقش أرني جينسن، المستشار الأول لجمعية المحررين النرويجيين، الإشكاليات المتعلقة بتغطية النزاعات والحروب، عندما يقف الصحفي بين خيارين: تأثير ما ينشره على الأشخاص، ونقل الحقيقة، وما قد يتبعها من قرارات أو تفاعل.
«مؤتمر القاهرة» يكشف انحياز الإعلام والتواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي في حرب غزة
أرني جينسن، المستشار الأول لجمعية المحررين النرويجيين (مؤتمر القاهرة للإعلام).
قال أرني: «لدينا مدونة سلوك، توضح كيف تؤثر تغطية أخبار الحوادث والجرائم على الضحايا، لا نحدد هوية الضحايا أو الأشخاص المفقودين، ليس لدينا كلمة حرب أو إرهاب في المدونة، لكننا نأخذ في الاعتبار التأثير على الأشخاص…لكن الحرب مروعة، مرعبة، وغير إنسانية».
وأضاف: «الصورة وثيقة، توضح عواقب الحرب، وتأثيراتها على المدنيين». وضرب مثالًا بصورة «فتاة النابالم» الشهيرة، التي التقطها المصور، نيك يوت، سنة 1972، لطفلة صغيرة تدعى، فان ثي كيم فوك، تركض عارية وهي مصابة بحروق بالغة، بعد قصف قريتها في فيتنام، بقنابل النابالم الحارقة، والمحظورة دوليًا، قرب العاصمة سايغون، وتناول تأثير الصورة على تعزيز المعارضة في الداخل الأمريكي ضد الحرب وقتها.
وشدد على ضرورة السعي لتقديم الحقائق، والسياق المحيط بها، والقصة ورائها، وأشار إلى معضلات أخرى أثناء تغطية الحروب والنزاعات، أبرزها التساؤلات الخاصة بما يختبره الصحفيون والمصورون، وعما إذا كان بإمكانهم البقاء محايدين، أو غير متأثرين بما يواجهون في الميدان، وتأثير كل ذلك على التوازن في التغطية، وضرورة التحقق من الروايات الرسمية، والادعاءات، والدعاية السياسية، والعمل على فصل ما هو كاذب وملفق، مما هو حقيقي وموثق.
واختتم أرني كلمته قائلًا: «يجب أن نأخذ أفضل قيم وأخلاقيات المهنة من الإعلام التقليدي، ونحن ننتقل إلى الإعلام الجديد».
وفي تقديمها لجلسة «مسؤولية الصحفيين في أوقات الصراع والحرب»، قالت لمياء راضي، مستشار ومدرب إعلامي دولي: «نجتمع اليوم في وقت تدور فيه المعارك ليس فقط في ميدان القتال، ولكن أيضًا في ميدان الصحافة والإعلام، ولنتذكر فقط أن عدد الصحفيين الذين قتلوا في فلسطين ولبنان منذ العام الماضي نحو 180 صحفيًا، بينما قتل نحو 69 صحفيًا في الحرب العالمية الثانية، التي استمرت خمسة أعوام».
«مؤتمر القاهرة» يكشف انحياز الإعلام والتواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي في حرب غزة
لمياء راضي، مستشار ومدرب إعلامي دولي (مؤتمر القاهرة للإعلام).
وأضافت: «للأسف أصبحت الصحافة النزيهة مستهدفة أيضًا في غرف التحرير، وهو ما يفرض علينا التصدي لهذا الهجوم، بالتشبث بما تعلمناه وآمنا به من مبادئ الصحافة، وأولها التمسك بالحقيقة دون غيرها، وكشف الأكاذيب، لذا نحن هنا اليوم لنناقش مدى أهمية وجود صحافة نزيهة قوية، تتصدى لكل محاولات القضاء عليها، والمخاطر التي تتعرض لها هذه الصحافة».
التحقق كلمة السر
في كلمتها بعنوان: «تطور وأهمية صحافة التحقق من الوقائع والمعلومات»، قالت سيلجي فورسوند، رئيسة قسم التحقق في المنظمة النرويجية للتحقق من الوقائع والتدقيق في المعلومات Faktisk.no، إن صحافة التحقق من المعلومات ضرورية لمهنتنا، وأنها أصبحت أكثر أهمية بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية سنة 2016، ومع زيادة قوة وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشارت إلى العناصر الجديدة، التي طرأت على صحافة التحقق من المعلومات والوقائع، وأبرزها التحقق من المحتوى، والصور، والفيديوهات، والمقاطع الصوتية. وإلى الدور الذي لعبه الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في الحرب في سوريا، والعراق، والحرب الروسية الأوكرانية.
وأوضحت «سيلجي» أهمية الدور الذي لعبته صحافة التحقق من المعلومات في مواجهة الادعاءات، والتضليل المعلوماتي، والدعاية مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية، والجهود التي بذلها المجتمع الصحفي وقادة الإعلام والباحثون والصحفيون الاستقصائيون في النرويج، للتعامل مع مسألة افتقار المهارات اللازمة لتدقيق المعلومات، والتي أسفرت عن كتيب يضم أفضل الممارسات المهنية، ومنهج للتحقق من المعلومات، باستخدام أدوات مفتوحة المصدر.
وقالت «سيلجي» إن الحرب الإسرائيلية على غزة، أعادت التأكيد على ضرورة التحقق، في ظل الكم الهائل من المعلومات المغلوطة على الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، والدعاية السياسية، وعمليات التضليل والتأثير باستخدام الذكاء الاصطناعي.
انحياز صارخ
شهدت جلسات النسخة السادسة، من مؤتمر القاهرة للإعلام، تركيزًا على رصد أوجه الانحياز، التي شابت تغطية الحرب الإسرائيلية على كل من غزة ولبنان.
وفي الجلسة التي حملت عنوان: «مسؤولية الصحفيين في أوقات الصراع والحرب»، قالت زاهرة حرب، مدير الدراسات العليا ودراسات الصحافة الدولية في جامعة سيتي في لندن: «المصداقية والدقة وعرض الوقائع، من دون مزايدة أو إغفال، والبحث عن الحقيقة، معايير أساسية في تغطية الحروب والنزاعات، تصبح تسمية الأشياء بأسمائها فعلًا مهنيًا، عندما يكون هناك احتلال نسميه احتلالًا، وعندما يكون هناك فعل إبادة أو حملة إبادة، نسميها حملة إبادة، وعندما تكون جريمة حرب نسميها جريمة حرب، إذن الموضوعية والحيادية بالمعنى الغربي ليستا انعكاسًا لمهنية، وإنما هروب من مسؤولية إنسانية، فهما مفهومان غير ذي أهمية عند تغطية حروب ومجازر بحق مدنيين عزل، رأينا هذا جليًا عند تغطية الحرب في أوكرانيا، من هذا الإعلام الأنجلو أمريكي بالتحديد، ولا زلنا نراه حتى الآن».
«مؤتمر القاهرة» يكشف انحياز الإعلام والتواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي في حرب غزة
زاهرة حرب، مدير الدراسات العليا ودراسات الصحافة الدولية في جامعة سيتي في لندن (مؤتمر القاهرة للإعلام).
وأضافت: «الدعاية الإسرائيلية في الحربين على قطاع غزة ولبنان، فيها الكثير من التلفيق لتبرير الإفلات من القانون الدولي، هي سرديات مكررة بين الحربين، تكون واحدة، عدم الانحياز هنا يصبح له تفسير آخر، عدم الانحياز لا يعني كما تعلمنا وقرأنا أن تغطي أطراف النزاع، أو أن تعطي أطراف النزاع مساحات متساوية، عدم الانحياز في حالات الجرائم ضد الجرائم الإنسانية الموثقة في القانون الدولي، هو ألا أكون أداة تبرير وتمرير لمعلومات ليست دقيقة، تحت غطاء ضرورة إعطاء نفس المساحة للأطراف المعنية».
وأكدت في كلمتها أن الصحفيين في تغطية النزاعات والحروب أحوج إلى أن يتسلحوا بتقنيات التحقق من المعلومة والتدقيق Fact-Checking: «في العصر الرقمي، المهنية وأخلاقيات المهنة تقضي بعدم الانزلاق وراء حملات قلب الوقائع، والتلفيق التي تدار على السوشيال ميديا، وعدم الانجرار وراء شعبوية وسائل التواصل الاجتماعي، والترويج لمدونة أو منشور يشكل إساءة أو يحرض على العنف تجاه أشخاص أو مجموعات، الحروب والنزاعات ليست مجالًا للإثارة، وتحصيل الشهرة، هناك أرواح تزهق وممتلكات بناها أصحابها بعرق السنين تدمر، تاريخ وتراث يُمحى، لنكن على قدر مسؤوليتنا تجاه هؤلاء الضحايا».
المهنية والاستقطاب السياسي
من جانبه، قال نضال منصور، مؤسس وعضو مجلس إدارة مركز حماية وحرية الصحفيين بالأردن: «ما بعد غزة ليس كما قبل غزة، هل هناك مقارنة للحرب في أوكرانيا والحرب في غزة، بالطبع لا، وحشية الاحتلال في ملاحقة الصحفيين ليس لها مثيل في التاريخ، حسب لجنة حماية الصحفيين، قُتل منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية 17 صحفيًا وعاملًا في مجال الإعلام، ونحن نقترب من السنة الثالثة، وفي العراق على مدار 21 سنة قُتل 282 صحفيًا، وفقد 69 صحفيًا حياتهم خلال الحرب العالمية الثانية».
«مؤتمر القاهرة» يكشف انحياز الإعلام والتواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي في حرب غزة
نضال منصور، مؤسس وعضو مجلس إدارة مركز حماية وحرية الصحفيين بالأردن (مؤتمر القاهرة للإعلام).
وأضاف: «هناك من تنازل طوعًا عن استقلالية عمله، وتخلى عن المهنية في سياق الاستقطاب السياسي والمصالح الاقتصادية وهيمنة مالكي وسائل الإعلام على المحتوى، في ظل هذا التضليل والهيمنة كان الدور البارز لصناع المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، في ظل الحصار الذي تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي، وفي الأسابيع الأولى من الحرب كانت السردية الصهيونية تحتل وسائل التواصل الاجتماعي. أصحاب هذه المنصات كانوا جزءًا من التواطؤ على إخفاء الصوت المؤيد لعدالة القضية الفلسطينية، واستخدموا الخوارزميات والكلمات المفتاحية لحجب المحتوى الفلسطيني».
وفي جلسة «تطور ساحة المعركة الرقمية في المناطق التي مزقتها الحرب»، والتي أدارتها د. نائلة حمدي، عميد مساعد للدراسات العليا والبحوث، كلية الشؤون الدولية والسياسات العامة، بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، قال أكرم القصاص، الكاتب الصحفي، ورئيس مجلس إدارة «اليوم السابع» إن أخلاقيات المهنة تتساقط أو يتم تغييبها عمدًا في أوقات الحروب والنزاعات.
أكرم القصاص، الكاتب الصحفي، ورئيس مجلس إدارة «اليوم السابع» (مؤتمر القاهرة للإعلام).
وأضاف في كلمته: «الملاحظ في حرب غزة وقبلها في أكثر من صراع، أن الإعلام الغربي وانحيازه، ينفذ ما طرحه جوستاف لوبون في كتابه سيكولوجية الجماهير، أن الشخص الفرد في مؤسسة يختلف عنه في مؤسسة أخرى ويلتزم بما تطرحه مؤسسته».
د. نائلة حمدي، عميد مساعد للدراسات العليا والبحوث، كلية الشؤون الدولية والسياسات العامة، بالجامعة الأمريكية بالقاهرة (مؤتمر القاهرة للإعلام).
وقال سمير عمر، صحفي ومقدم برامج، ومدير مكتب قناة «سكاي نيوز عربية» بالقاهرة: «هناك انحياز من الإعلام الغربي والأنجلو أمريكي لصالح السردية الإسرائيلية، لكننا في المقابل حققنا انتصارات ولو صغيرة، في مواجهة السردية الإسرائيلية، ونجحنا في تقديم سردية، لن نقول إنها عربية أو منحازة، لأن القضية الفلسطينية من فرط عدالتها لا تحتاج انحيازًا، هي فقط تحتاج إنسانية ونزاهة».
سمير عمر، صحفي ومقدم برامج، ومدير مكتب قناة «سكاي نيوز عربية» بالقاهرة (مؤتمر القاهرة للإعلام).
سمير عمر قام بتغطية العديد من الحروب والصراعات، في السنوات العشر الأخيرة، في الروهينجا في ميانمار وبنجلاديش، وكاراباخ في أذربيجان وأرمينيا، ثم أوكرانيا وروسيا، وأخيرًا في الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان. وقال: «لم أكن متفاجئًا بالانحياز الأنجلو أمريكي في الإعلام للطبعة الأخيرة من الصراع، لأنني لمسته أيضًا في كراباخ برواية غربية أيضًا ورواية شرقية، وقرأته بوضوح شديد في الحرب الروسية الأوكرانية، وهذا طبيعي بحكم ارتباط الإعلام الغربي بانحيازاته السياسية، والأجندات الخاصة بملاك وسائل الإعلام، أو الدولة التي تنطلق منها، وهنا تبرز أهمية صحافة المواطن أو وسائل التواصل لاجتماعي».
وأضاف: «المقال السيء أو النقل الإخباري السيء، هو تزييف وكذب وادعاء، لا يخدم الحقيقة، ولا الحق، ولا الإنسانية».
وعن دور وسائل التواصل الاجتماعي في الأحداث السياسية، والحروب والصراعات، قال فراس الأطرقجي، أستاذ ممارس، ومدير تحرير مشارك بمجلة «القاهرة للشؤون الدولية»، في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، إنها تزيد الانقسام، بدلًا من محاولة التقريب بين الأشخاص المنقسمين أصلًا. وأضاف: «كنت قد تركت منصة تويتر، لأنني كنت أرى أشخاصًا غير مطلعين، يحاولون التأثير على أشخاص آخرين، باستخدام المعلومات المضللة والدعاية، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي فعالة لإدارة وشن الحرب».
فراس الأطرقجي، أستاذ ممارس، ومدير تحرير مشارك بمجلة «القاهرة للشؤون الدولية»، في الجامعة الأمريكية بالقاهرة (مؤتمر القاهرة للإعلام).
وتابع: «الخداع يتسرب بالفعل إلى وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يعد يسمح للمساحات الحرة بأن تكون حرة، وهذا في الواقع يمثل تهديدًا كبيرًا للمجتمعات الغربية، في نفس الوقت الذي يمثل فيه تهديدًا للمجتمعات الأخرى».
فيما قال طارق سعيد، صحفي ومحرر، ومنسق منتدى المحررين المصريين: «لا يوجد حياد في العالم، لا توجد موضوعية، أي شيء في العالم هو منحاز، لكن الانحياز لمن؟ هذا هو الموضوع، للحقيقة؟ للحق؟ للإنسانية؟ أم عكسهم». وأضاف: «الإعلام الغربي منحاز منذ البداية للسردية الإسرائيلية في الصراع، ورغم المنع والانحياز هناك بشر عاديون استطاعوا هزيمة كل هذه الآلة الحربية، ووجدت إحدى الشركات أن 83% من المحتوى على السوشيال ميديا ضد إسرائيل في حربها على غزة».
طارق سعيد، صحفي ومحرر، ومنسق منتدى المحررين المصريين (مؤتمر القاهرة للإعلام).
وشدد على أن قصص الحرب يجب أن تكون عن الإنسان لا السلاح، عن المظاهر التي قضت عليها الحرب لا التقدم العسكري، أن تتحدث عن معاناة الناس لا الاجتياح، يجب أن تؤنسن الضحايا لا أن تجعلهم مجرد أرقام باردة تمر سريعًا ثم تختفي. وأضاف أن تغطية الحروب من أكثر المجالات التي تتطلب استجابة صارمة للأخلاقيات، وتوفير تقارير دقيقة وموضوعية تعكس الأحداث، مع الالتزام الصارم بالمبادئ الأخلاقية وحقوق الإنسان، واحترام الأفراد.
واستعرضت كريستين سكاري أورجيريت، أستاذة في قسم الصحافة والدراسات الإعلامية بجامعة أوسلو متروبوليتان النرويج، دور الصحافة الرقمية في الصراعات الحالية في إفريقيا، وقالت أرى أن العديد من الدول الإفريقية، تقوم بأداء أفضل بكثير من الدول الأوروبية فيما يتعلق بالعمل الصحفي.
كريستين سكاري أورجيريت، أستاذة في قسم الصحافة والدراسات الإعلامية بجامعة أوسلو متروبوليتان النرويج (مؤتمر القاهرة للإعلام).
وأوضحت كريستين أن خطر الاعتماد على مصدر واحد للقصة، أنه لن يُخرج قصة ناقصة فقط، بل ستكون ناقصة وغير مكتملة، وأضافت في كلمتها: «عندما تبدأ في الحديث عن الطرف الآخر على اعتبار أنه عدو، لا يكون من الصعب أن تدخل في حرب».
نقطة ضوء
في جلسة بعنوان: «الاستفادة من القوة التخريبية للذكاء الاصطناعي واتجاهات التكنولوجيا الأخرى الآثار المترتبة على وسائل الإعلام الرئيسية»، تحدث خالد عز العرب، أستاذ الممارسة المشارك، في قسم الصحافة والإعلام، بالجامعة الأمريكية في القاهرة، عن فرص ومخاطر الذكاء الاصطناعي في التغطية الإعلامية للحروب والنزاعات.
https://www.bue.edu.eg/
وقال في الجلسة التي أدارها أحمد منتصر، مدير تطوير منتجات الإعلام، إن المعلومات المضللة وعمليات التأثير، تزيد في أوقات الحروب والأزمات بشكل كبير.
خالد عز العرب، أستاذ الممارسة المشارك، في قسم الصحافة والإعلام، بالجامعة الأمريكية في القاهرة (مؤتمر القاهرة للإعلام).
واستعرض نماذجًا شهدتها الحرب على غزة، توضح انتشار المعلومات المضللة، والتي استخدم بعضها أشكال التضليل التقليدية، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، بالتلاعب في الفيديوهات، باستخدام التزييف العميق، وتغيير الصوت، بالإضافة إلى محتوى مختلق تمامًا باستخدام الذكاء الاصطناعي، سواء صور أو غيرها.
وأوضح أنه تم استخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات التأثير، بإنشاء عدد كبير من حسابات السوشيال ميديا، أو ما يمكن تسميته «لجان إلكترونية مصنوعة بالذكاء الاصطناعي»، تكتب مقالات وتشاركها وتكتب تعليقات وتخلق حالة تفاعل، دون تدخل بشري، وتركز على مجموعة رسائل أبرزها دعم الجيش الإسرائيلي، والهجوم على حماس، وعلى الأونروا، وكذلك الهجوم على الطلاب المتضامنين مع فلسطين في الجامعات الأمريكية.
وقال «عز العرب»: «الأثر الإيجابي لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى، يتعلق بتخفيض التكلفة، ما ينتجه عشرة أشخاص يمكن أن ينتجه شخص واحد، وكذلك إنتاج التحقيقات مفتوحة المصدر، وتحليل البيانات».
الدراية الإعلامية والمعلوماتية
وتناول محمد الهواري، رئيس تحرير مؤسسة «الفنار للإعلام»، وخبير إدارة وتطوير غرف الأخبار، تأثير التضليل الإعلامي، والأخبار كاذبة، على سلامة وحدة وتماسك المجتمعات، وكيف تم تصنيف التضليل والخلل الإعلامي والمعلوماتي، على رأس قائمة المخاطر العالمية 2024، لما لها من دور في إذكاء خطاب الكراهية، خاصة أوقات الحروب والنزاعات.
وأضاف الهواري: «يتطلب الأمر أفرادًا على درجة كبيرة من الدراية الإعلامية والمعلوماتية لمواجهة هذه الظواهر، والتي يساهم الذكاء الاصطناعي في نموها بشكل كبير، ويتطلب من غرف الأخبار مزيدًا من العمق، وصحفيين متخصصين، وهو ما يفرض تساؤلات عن مدى وجود عناصر صحفية مدربة ومؤهلة، وقادرة على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. يجب ألا يكون التفكير هنا مجرد مواكبة للترند، بل حسابات متعلقة بالكوادر المؤهلة، والإمكانيات المتاحة، والمعايير والأخلاقيات المهنية».
محمد الهواري، رئيس تحرير مؤسسة «الفنار للإعلام»، وخبير إدارة وتطوير غرف الأخبار (مؤتمر القاهرة للإعلام).
وتابع: «الذكاء الاصطناعي أداة، يمكن استخدامها بشكل رشيد، بإشراف البشر، بشرط أن تكون لديهم المهارة اللازمة، وإدراك المعايير والأخلاقيات، والرسالة الصحفية، وهو صميم عمل غرف الأخبار، على عكس المواطن الصحفي الذي يلعب دورًا مهمًا في إنتاج المحتوى، لكن قد يفتقد للمعايير والرسالة».
مارينا ميلاد، صحفية رقمية، ومؤسسة شركة «ستوري تايم» الناشئة لإنتاج المحتوى الإعلامي والتدريب (مؤتمر القاهرة للإعلام).
واستعرضت مارينا ميلاد، صحفية رقمية، ومؤسسة شركة «ستوري تايم» الناشئة لإنتاج المحتوى الإعلامي والتدريب، قصصًا عن الحرب في غزة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتي تغلبت فيها على عوائق مثل الظروف التي يعيش فيها مصادر القصص، والوصول إليهم، ومشكلات الإنترنت والاتصالات، وكذلك إضفاء البعد الإنساني والواقع الافتراضي، والواقع المعزز، والقصص التفاعلية. وقالت إن الهدف من ذلك هو مواكبة التكنولوجيا، والوصول لشرائح مختلفة من الجمهور المهتم بالمنتجات الصحفية الجديدة، والتعرف على التحديات لمواجهتها بالحلول والتطور. ورأت أن أكبر التحديات متعلقة بالميزانية، وتقبل الجمهور للمنتجات، والتوازن بين وقت التحضير، وتوقيت النشر، ومواكبة الأحداث