صحيفة (صوت الشمالية) العدد 235، الصادر يوم الخميس 19 ديسمبر 2023
مستخدما تطبيق Google drive
شئ للوطن
م. صلاح غريبة – مصر
Ghariba2013@gmail.com
حرائق النخيل في السودان.. كارثة تهدد أرزاق الآلاف ومستقبل الزراعة
تجددت مأساة حرائق النخيل في السودان، لاسيما في الولاية الشمالية، لتلقي بظلالها الكئيبة على اقتصاد المنطقة بأكملها. هذه الحرائق المتكررة ليست مجرد أحداث عابرة، بل هي كارثة تهدد أرزاق الآلاف من المزارعين وتقوض مستقبل الزراعة في السودان.
تتعدد أسباب هذه الحرائق، فإلى جانب العوامل الطبيعية مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، هناك أسباب بشرية تلعب دوراً كبيراً في تفاقم هذه المشكلة. من أبرز هذه الأسباب الإهمال وسوء الاستخدام للنار، فيلجأ بعض المزارعين إلى إشعال النيران للتخلص من المخلفات الزراعية أو لطرد النحل، دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة، مما يؤدي إلى انتشار الحرائق بشكل سريع، ويفتقر الكثير من المزارعين إلى الوعي بأخطار إشعال النيران وسبل الوقاية منها، مما يزيد من احتمالية وقوع الحرائق، وتواجه فرق الدفاع المدني صعوبات كبيرة في إخماد الحرائق، بسبب نقص الإمكانيات وعدم وجود ممرات آمنة ومصادر مياه قريبة، وتساهم التغيرات المناخية في زيادة حدة الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، مما يجعل البيئة أكثر عرضة للحرائق.
تترك حرائق النخيل آثاراً وخيمة على الاقتصاد والمجتمع في السودان، فهي تؤدي إلى خسائر اقتصادية فادحة، فيتسبب تدمير أشجار النخيل في خسائر اقتصادية كبيرة للمزارعين، حيث يعتبر التمر مصدراً رئيسياً للدخل في العديد من المناطق، ويؤدي فقدان مصدر الدخل إلى تدهور الأوضاع المعيشية للمزارعين وأسرهم، وزيادة معدلات الفقر والبطالة، وتتسبب الحرائق في تدهور البيئة وتدمير التنوع البيولوجي، كما أنها تساهم في زيادة التصحر، ويؤثر تدمير أشجار النخيل سلباً على الأمن الغذائي، حيث يعتبر التمر مصدراً مهماً للغذاء في العديد من المناطق.
لمواجهة هذه الكارثة، يجب اتخاذ مجموعة من الإجراءات العاجلة والطويلة الأجل، من بينها توعية المزارعين، فيجب تكثيف حملات التوعية حول أخطار إشعال النيران وسبل الوقاية منها، وتوفير الإمكانيات اللازمة لفرق الدفاع المدني، مثل عربات الإطفاء الحديثة ومصادر المياه، وإنشاء حواجز وقائية حول المناطق الزراعية لمنع انتشار الحرائق.
يجب تطبيق قوانين صارمة على من يتسببون في إشعال الحرائق عمداً أو بسبب الإهمال، وتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والمنظمات الأهلية للحد من هذه المشكلة، وتشجيع المزارعين على تبني أساليب الزراعة المستدامة التي تساعد على الحفاظ على التربة والمياه.
حرائق النخيل في السودان تمثل تهديداً حقيقياً لاستقرار المجتمعات الزراعية واقتصاد البلاد. يتطلب حل هذه المشكلة تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، من الحكومة إلى المزارعين والمنظمات الأهلية. يجب أن يكون هناك إرادة سياسية حقيقية للتصدي لهذه الكارثة، وأن يتم توفير الموارد اللازمة لتنفيذ الحلول المقترحة. فحماية أشجار النخيل ليست مجرد حفاظ على مصدر دخل، بل هي حماية لمستقبل الأجيال القادمة.
