صحيفة القوات المسلحة العدد الصادر يوم الخميس 13 مارس 2025
مستخدما تطبيق Google drive
لتصفح صحيفة القوات المسلحة العدد الصادر يوم الخميس 13 مارس 2025، مستخدما تطبيق Google drive، أضغط هنا……!!
شئ للوطن
صلاح غريبة – مصر
Ghariba2013@gmail.com
انتصار للدبلوماسية السودانية وتغيير إيجابي داخل الاتحاد الأفريقي
يمثل البيان الصادر عن مجلس السلم والأمن الأفريقي بشأن السودان، والذي أدان محاولة مليشيا الدعم السريع إنشاء حكومة موازية، نقطة تحول هامة في تعامل الاتحاد الأفريقي مع الأزمة السودانية. هذا البيان، الذي رحبت به وزارة الخارجية السودانية، لم يكن مجرد إعلان بروتوكولي، بل كان بمثابة انتصار للدبلوماسية السودانية، وتأكيد على التزام الاتحاد الأفريقي بسيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه.
لقد جاء بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي في وقت حرج، حيث كانت محاولات مليشيا الدعم السريع لتقويض الدولة السودانية تتصاعد. هذا البيان لم يقتصر على إدانة هذه المحاولات، بل أكد أيضًا على التزام الاتحاد الأفريقي بالمبادئ الأساسية التي يقوم عليها، وهي صيانة سيادة الدول ووحدتها ورفض التدخلات الخارجية.
وقد نجحت الدبلوماسية السودانية في توظيف هذا البيان لتعزيز موقفها على المستوى الإقليمي والدولي. فمن خلال الربط بين بيان الاتحاد الأفريقي ومواقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن والجامعة العربية والمؤتمر الدولي لإقليم البحيرات العظمى والدول الفاعلة في المجتمع الدولي، تمكنت السودان من عزل مليشيا الدعم السريع ومنع أي محاولة للاعتراف بحكومتها الموازية.
يمثل بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي ورقة ضغط دبلوماسية هامة يمكن للسودان استثمارها في المحافل الدولية الأخرى. فمن خلال التأكيد على الإجماع الأفريقي والدولي الرافض لأي محاولة لتقسيم السودان، يمكن للسودان أن يضمن استمرار الحصار السياسي على القوى الساعية لفرض واقع سياسي جديد في البلاد.
يعكس بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي تحولًا إيجابيًا في مواقف الاتحاد الأفريقي تجاه القضايا الأفريقية، هذا التغيير، الذي يتجلى في تبني مواقف أكثر توازنًا تجاه الملف السوداني، يختلف بشكل واضح عن النهج السابق للمفوضية في عهد موسى فكي، الذي دفع العلاقة بين السودان والاتحاد الأفريقي إلى مرحلة الجمود.
يحمل بيان الاتحاد الأفريقي رسائل سياسية قوية على أكثر من صعيد. فمن ناحية، يعزز الثقة الداخلية بأن السودان ليس معزولًا، بل يحظى بدعم قاري واضح ضد أي تهديد لوحدته. ومن ناحية أخرى، يضع الجهات الدولية التي قد تفكر في التعامل مع الكيان الموازي في موقف سياسي حرج، حيث أصبح لديها إجماع إقليمي يمنع أي محاولة للاعتراف بحكومة غير شرعية داخل السودان.
يمثل البيان الصادر عن مجلس السلم والأمن الأفريقي والترحيب الذي صدر عن وزارة الخارجية السودانية، نقطة تحول جوهرية في إدارة الأزمة السودانية على المستوى الإقليمي والدولي. هذا الموقف جاء نتيجة تحركات دبلوماسية ذكية ومركزة، استهدفت إعادة السودان إلى قلب الاهتمام الأفريقي، ومنعت محاولات فرض أمر واقع جديد على الأرض.
لكن هذا النجاح يجب ألا يكون نهاية المسار، بل بداية لاستثماره على نطاق أوسع، عبر تكثيف التحركات الدبلوماسية والإعلامية لضمان تعزيز هذا الموقف أفريقيًا ودوليًا، والعمل على تحييد أي جهود معاكسة تهدف إلى تقويض سيادة السودان. فالدبلوماسية ليست فقط تحقيق انتصار لحظي، بل هي عملية مستمرة تتطلب البناء على المكاسب وتعزيزها في المحافل المختلفة.