شئ للوطن م.صلاح غريبة مؤتمر القاهرة حول القضية السودانية: آفاق الحلول وآمال التغيير
شئ للوطن
م.صلاح غريبة – مصر
Ghariba2013@gmail.com
,
مؤتمر القاهرة حول القضية السودانية: آفاق الحلول وآمال التغيير
يعقد مؤتمر القاهرة حول القضية السودانية هذا الشهر، حاملاً معه آمالًا عريضة بإنهاء الأزمة التي تعصف بالسودان منذ سنوات. يثير هذا المؤتمر تساؤلات جوهرية حول دوره وفعاليته في إيجاد حلول جذرية للأزمة المزمنة.
تتناقض وجهتا نظر رئيسيتان حول مؤتمر القاهرة. ففي وجهة النظر المتفائلة، يُنظر إلى المؤتمر كمنصة حوار بناء بين مختلف الأطراف السودانية، مع التأكيد على ضرورة مشاركة جميع الفاعلين دون استثناء.
يُشدد أصحاب هذا الرأي على أهمية معالجة الجذور الحقيقية للأزمة، والتي يربطونها بـ “جهات تسعى للسيطرة على البلاد”.
في المقابل، تتبنى وجهة النظر المتشائمة نظرة أكثر تشككًا حيال قدرة مؤتمر القاهرة على حل مشكلة السودان الحالية، وهي استمرار وجود مليشيات مسلحة تُمارس أعمال العنف والقتل والنهب، ويُطالب أصحاب هذا الرأي بإدانة هذه المليشيات ومحاسبتها، مع التأكيد على دور الحكومة السودانية في بسط سيطرتها على كامل البلاد وفرض هيبة الدولة.
من الملاحظات والتحليلات حول تباين الآراء حول مؤتمر القاهرة هو غموض هوية المليشيات، وتركز جميع الآراء على دور “المليشيات المسلحة” في الأزمة السودانية، لكنهما لا يحددان هويتها بوضوح، ويُعدّ هذا الأمر نقطة ضعف رئيسية، حيث تفتقر تحليلاتهم إلى الدقة والتحديد، مما يُعيق إمكانية بلورة حلول فعّالة، بجانب غياب دور المجتمع الدولي، حيث لا تتطرق الآراء إلى دور المجتمع الدولي في حل الأزمة، واكتفيا بالتأكيد على ضرورة مساعدة الحكومة السودانية فقط، ويُعدّ هذا التجاهل غريبًا، خاصةً في ظلّ التدخلات الإقليمية والدولية الكثيفة في الشأن السوداني، وتطرح الاراء حلولًا عامة للأزمة، دون الخوض في تفاصيل ملموسة لكيفية تطبيقها، فتفتقر هذه الحلول إلى الواقعية والعملية، مما يُقلّل من قيمتها ويُثير الشكوك حول جدوى عقد المؤتمر.
يواجه مؤتمر القاهرة تحديات جمة، أهمها، ضمان مشاركة جميع الأطراف، فيجب إقناع جميع الفاعلين السودانيين، بما في ذلك المليشيات المسلحة، بالمشاركة في الحوار دون شروط مسبقة، ويجب التركيز على معالجة الأسباب الجذرية للازمة، ويجب مراعاة مصالح الدول الإقليمية والقوى الدولية الفاعلة في المنطقة، والعمل على إيجاد حلول توافقية تُرضي جميع الأطراف.
على الرغم من هذه التحديات، إلا أن مؤتمر القاهرة يُمثل فرصة سانحة لتحقيق التغيير في السودان، ومن العوامل التي قد تُساهم في نجاح المؤتمر هي توفر إرادة سياسية قوية، فيجب أن يكون لدى جميع المشاركين في المؤتمر إرادة سياسية قوية لحل الأزمة والتوافق على حلول جذرية، ويجب أن يسود الحوار البناء والاحترام المتبادل بين جميع الأطراف، ويجب إشراك كافة أطياف الشعب السوداني في مسار الحوار والوصول إلى حلول تُلبي تطلعاته.
يبقى مستقبل السودان معلقًا على نتائج هذا المؤتمر. فهل سينجح في انتشال البلاد من أزمتها المزمنة، أم ستبقى آمال الشعب السوداني معلقة في الهواء؟