شئ للوطن | صلاح غريبة يكتب ….. اليوم العالمي للملكية الفكرية: نافذة على الإبداع والابتكار
شئ للوطن
م.صلاح غريبة – مصر
Ghariba2013@gmail.com
اليوم العالمي للملكية الفكرية: نافذة على الإبداع والابتكار

في السادس والعشرين من أبريل من كل عام، نحتفي باليوم العالمي للملكية الفكرية، وهي مناسبة تهدف إلى تسليط الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه حقوق الملكية الفكرية – وبراءات الاختراع والعلامات التجارية وحقوق المؤلف والتصاميم الصناعية – في تشجيع الإبداع والابتكار. هذا اليوم ليس مجرد احتفال بالحقوق القانونية، بل هو تأكيد على أهمية العقول المبتكرة والمبدعة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في جميع أنحاء العالم.
إن الملكية الفكرية هي بمثابة نظام إيكولوجي يدعم نمو الأفكار وتحويلها إلى منتجات وخدمات تفيد البشرية جمعاء. فهي توفر للمبدعين والمبتكرين الحماية القانونية التي تمكنهم من جني ثمار جهودهم واستثماراتهم، مما يشجعهم على مواصلة الإبداع وتقديم حلول جديدة للتحديات التي تواجه مجتمعاتنا.
من خلال براءات الاختراع، يتم حماية الاختراعات التقنية التي تعالج مشاكل محددة أو تقدم طرقًا جديدة للقيام بالأشياء. العلامات التجارية تميز المنتجات والخدمات وتساعد المستهلكين على اتخاذ قرارات مستنيرة. حقوق المؤلف تحمي الأعمال الأدبية والفنية والموسيقية، مما يثري ثقافتنا ويحفظ تراثنا. التصاميم الصناعية تضفي جاذبية وظيفية على المنتجات، مما يجعلها أكثر تنافسية في الأسواق.
إن الاحتفال باليوم العالمي للملكية الفكرية يمثل فرصة للتأمل في كيفية مساهمة هذه الحقوق في بناء مستقبل أكثر ابتكارًا وازدهارًا. كما أنه يمثل دعوة للحكومات والمنظمات والأفراد لتعزيز بيئة تحترم وتحمي الملكية الفكرية، وتشجع على استخدامها كأداة للتنمية المستدامة ونقل التكنولوجيا.
يأتي الاحتفال باليوم العالمي للملكية الفكرية هذا العام في ظل ظروف مأساوية يشهدها السودان الشقيق. فمع استمرار ويلات الحرب والنزوح القسري لملايين السودانيين إلى دول الجوار، تتضاءل أهمية الحديث عن حقوق الملكية الفكرية في ظل الأولويات الملحة المتمثلة في إنقاذ الأرواح وتوفير الغذاء والمأوى والرعاية الصحية الأساسية.
لقد تسببت الحرب في السودان في دمار هائل للبنية التحتية، بما في ذلك المؤسسات التعليمية والبحثية والثقافية التي تعتبر حاضنات للإبداع والابتكار. كما أدت إلى تعطيل الأنشطة الاقتصادية والتجارية، مما أضعف القدرة على إنتاج وتسويق المصنفات الفكرية.
بالنسبة للمبدعين والمبتكرين السودانيين الذين أجبروا على الفرار من ديارهم، يصبح الحفاظ على حقوق ملكيتهم الفكرية تحديًا إضافيًا يضاف إلى صعوبات اللجوء والتكيف مع حياة جديدة في بيئات غير مألوفة. فقد يفقدون وثائقهم وسجلاتهم التي تثبت حقوقهم، ويصبحون عرضة لانتهاكات هذه الحقوق في ظل غياب سلطة القانون واستمرار حالة عدم الاستقرار.
إن وضع الملكية الفكرية في السودان في ظل هذه الظروف الإنسانية الصعبة يطرح تساؤلات ملحة حول كيفية حماية إبداعات ومصنفات اللاجئين السودانيين في دول اللجوء. هل هناك آليات قانونية دولية تضمن لهم الحفاظ على حقوقهم ومنع استغلالها؟ وكيف يمكن للمجتمع الدولي والمنظمات المعنية بالملكية الفكرية تقديم الدعم اللازم للمبدعين السودانيين في هذه المحنة؟
إن الإجابة على هذه التساؤلات تتطلب تضافر الجهود على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. فمن الضروري أن تعمل دول الجوار التي تستضيف اللاجئين السودانيين على توفير الحماية القانونية اللازمة لحقوق الملكية الفكرية الخاصة بهم، وتسهيل إجراءات تسجيل هذه الحقوق والحفاظ عليها. كما يجب على المنظمات الدولية المعنية بالملكية الفكرية تقديم الدعم الفني والقانوني للاجئين السودانيين، وتوعيتهم بحقوقهم وسبل حمايتها.
في الختام، بينما نحتفل باليوم العالمي للملكية الفكرية وأهميتها في تعزيز الإبداع والابتكار على مستوى العالم، لا يمكننا أن نغفل الوضع الإنساني الصعب في السودان وتأثيره المدمر على كل جوانب الحياة، بما في ذلك حماية الملكية الفكرية. إن التضامن مع الشعب السوداني في محنته يتطلب منا أيضًا التفكير في كيفية الحفاظ على إرثه الفكري والإبداعي وحماية حقوق مبدعيه ومبتكريه في هذه الظروف القاسية، حتى يتمكنوا من المساهمة في بناء مستقبل أفضل لبلادهم عندما تنجلي هذه الغمة.