رئيس مجلس حقوق الإنسان: المحاسبة عن الانتهاكات تتطلب إرادة حقيقية على المستوى الدولي

44

للاستماع للحوار … اضغط هنا ….!!

رئيس مجلس حقوق الإنسان: المحاسبة عن الانتهاكات تتطلب إرادة حقيقية على المستوى الدولي

مجلس حقوق الإنسان في جنيف

UN Photo/Violaine Martin مجلس حقوق الإنسان في جنيف

أجرى الحوار: عبد المنعم مكي
30 تشرين الأول/أكتوبر 2024

حقوق الإنسان

قال السفير عمر زنيبر، رئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن تدهور وضع حقوق الإنسان على مستوى العالم يعود إلى عوامل عديدة من بينها النزاعات المسلحة، عدم التوازن في التنمية، والتغيرات المناخية التي تؤثر سلبا على حياة الناس.

وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة، قال السفير عمر زنيبر إن حقوق الإنسان تشكل ركيزة أساسية في المنظومة الدولية، وإن الأمم المتحدة نفسها بُنيت على هذه المبادئ، مشيرا إلى الدور الحيوي الذي يلعبه مجلس حقوق الإنسان في محاسبة مرتكبي الانتهاكات. وشدد على ضرورة توفر الإرادة الحقيقية – على المستوى الدولي – كي تتم المحاسبة.

كما سلط الضوء على التداعيات التي تسببها التكنولوجيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، على حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن هناك فوائد يجب أن يستفيد منها الأفراد في مجالات متعددة، بما فيها الصحة والتعليم.

وتحدث السفير زنيبر – وهو من المملكة المغربية – عن الفرق بين مجلس حقوق الإنسان ومكتب حقوق الإنسان. كما تناول مهام رئيس مجلس حقوق الإنسان في قيادة المجلس وطرح مواضيع جديدة للنقاش، مع التركيز على أهمية الحوار والاحترام، خصوصا في ظل النزاعات المتزايدة. وأشار إلى أولويات رئاسة المغرب للدورة الثامنة عشرة، التي تشمل قضايا التغير المناخي والتكنولوجيا الحديثة.

وأضاف قائلا: “الحرية مرتبطة بالمسؤولية، واحترام حقوق الإنسان مرتبط باحترام الآخر. هذه هي القواعد الأساسية التي يجب أن يحترمها الجميع”.

المزيد في حوارنا مع السفير عمر زنيبر، رئيس مجلس حقوق الإنسان، الذي حضر إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك لتقديم تقرير المجلس السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة.

أخبار الأمم المتحدة: مرحبا بك سعادة السفير عمر زنيبر رئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. بداية، ربما يتساءل البعض عن الفرق مجلس حقوق الإنسان ومكتب حقوق الإنسان؟
السفير عمر زنيبر: هناك فرق واضح بين هاتين الهيئتين. المجلس هو هيئة حكومية يتم تعيينها من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة. لها مسؤوليات واضحة فيما يتعلق بالتنمية والحفاظ على حقوق الإنسان. أما المكتب فهو هيئة إدارية تابعة للمجلس، وهي مسؤولة عن تطبيق قرارات المجلس وتنظيم كل الآليات التابعة للمجلس والمتابعة الإدارية والمالية، ولكن حتى كذلك من باب – مثلا – الاتصال والإخبار ووضع القرارات أو المقررات فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان عبر العالم.

إذن ليس هناك أي خلط ما بين المجلس ومكتب حقوق الإنسان (المفوضية السامية لحقوق الإنسان) التي لها كذلك مسؤوليات جسيمة، ولكن كل ما يتعلق بالقرارات ومتابعة الأوضاع، وكذلك التعاطي مع مستجدات الساحة الدولية فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان هذا مرتبط بالمجلس بحد ذاته.

السفير عمر زنيبر، رئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
UN News السفير عمر زنيبر، رئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

أخبار الأمم المتحدة: بوصفك رئيسا لمجلس حقوق الإنسان ما هي واجباتك ومهامك؟
السفير عمر زنيبر: مهام رئيس مجلس حقوق الإنسان واضحة وثابتة. أولا، قيادة أعمال المجلس حسب المعايير والقوانين التي تضبط أعمال المجلس. يعاون الرئيس مكتب مساعد. هذا من جهة.

من جهة أخرى، للرئيس الحق في اتخاذ بعض المبادرات وإقحام بعض المواضيع للنقاش. إذا رأى الرئيس أن هناك قضايا ملحة يجب طرحها للنقاش – حتى وإن كان نقاشا غير رسمي – فهو يقوم بذلك. أو يأخذ مبادرات لتكوين هيئات استشارية. مثلا قمنا خلال هذه السنة بتكوين هيئة استشارية فيما يتعلق بمقاربة النوع كي تكون ذريعة في يد رئيس مجلس حق الإنسان من ناحية الاقتراحات، ومن ناحية توضيح الرؤية، وهي مكونة من عدد من رؤساء المنظمات الدولية وبعض الدول الأعضاء.

وكذلك من مهام الرئيس أن يخلق مناخا صحيا في أعمال المجلس – بمعنى أن تكون الأولوية للحوار والاحترام، وأن نتفادى كل المجابهات، ونحن نمر بظروف دولية صعبة للغاية تميزها – مع الأسف – كثرة النزاعات الضخمة والتي تلقي بتداعيات هائلة على التمتع بحقوق الإنسان.

أخبار الأمم المتحدة: وضع حقوق الإنسان يتدهور في جميع أنحاء العالم. في رأيك، ما هي الأسباب الرئيسية لهذا الاتجاه المقلق؟
السفير عمر زنيبر: كما ذكرت، كثرة النزاعات الجهوية والمسلحة والسياسية والحروب في حد ذاتها. هذه مسألة لها امتداد على وضعية السكان المدنيين في جميع أنحاء المعمورة. هناك كذلك عدم التوازن في التنمية في العالم، الأمر الذي يسبب القلق فيما يتعلق بالتمتع بحقوق الإنسان: الحق في الصحة، الحق في الدراسة، الحق في السكن.

أضف إلى ذلك ما نلاحظه من تدهور حالة المناخ في العالم والذي له أيضا امتدادات على المستوى الإنساني. بمعنى أن التغيرات المناخية تجعل أعدادا هائلة من الناس ينتقلون من أماكنهم.

ونحن كمجلس يجب علينا أن نولي اهتماما كبيرا بهذه الجوانب، بما فيها التداعيات التكنولوجية الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، لأن هناك تحديات كبيرة بالنسبة لحرية الأشخاص فيما يتصل بالتمتع بهذه التكنولوجيات من أجل حياة كريمة في الميدان الصحي وفي ميدان الإعلام وغير ذلك. إذن هناك تحديات كبيرة أمام المجلس ونحن نقوم بواجبنا كي – على الأقل – نتفاهم حول أننا يجب أن نتطرق إليها.

يعتمد أكثر من نصف السكان داخل أفغانستان على المساعدة الإنسانية ، ولا تزال حقوق الإنسان الخاصة بهم تواجه تحديات.
IOM 2021/Paula Bonstein

أخبار الأمم المتحدة: يمر عالمنا – وخاصة المنطقة العربية – بالكثير من النزاعات والحروب. وفي خضم كل ذلك، يتساءل الكثير من الناس عن مدى جدوى الآليات المعنية بتعزيز وترقية مسألة حقوق الإنسان مثل مجلس حقوق الإنسان في ضمان محاسبة مرتكبي الانتهاكات والتجاوزات؟
السفير عمر زنيبر: هناك دور أساسي للمجلس في هذا المضمار. أنا على علم بأن هناك بعض التشاؤم وبعض التساؤلات. كما قلت فهذه النزاعات المسلحة – مع الأسف – لها امتدادات ولها ضحايا كثر جدا، وكل ذلك يقلقنا بدرجة قصوى، ولكن المجلس له هيئات متعلقة بكل هذه القضايا. هذه الهيئات بما فيها لجان تقصي الحقائق والإجراءات الخاصة وتعاون المجلس مع هيئات أخرى.

هذه الهيئات تضبط وتوثق الأمور، ولها كذلك تقارير محددة. فكل هذه الهيئات التابعة لمجلس حقوق الإنسان تقوم بهذا العمل. هل هناك متابعة بالمستوى المرغوب؟ هذا نقاش آخر. ولكن ما يجب ذكره هو أنه إذا ما كانت هناك إرادة حقيقية على المستوى الدولي في أن تتم المحاسبة، فإن المجلس يكون قد لعب دوره في تحديد المسؤوليات.

أخبار الأمم المتحدة: مسؤولو الأمم المتحدة يقولون إن حقوق الإنسان نفسها ليست في أزمة، بل إن الأزمة تكمن في تطبيقها، بالإضافة إلى غياب قيادة سياسية حازمة تضمن احترام حقوق الجميع. ما تعليقك على هذا الأمر؟
السفير عمر زنيبر: تعليقي هو أن حقوق الإنسان ركيزة من الركائز الأساسية للمنظومة الدولية. حتى منظمة الأمم المتحدة بُنيت على هذه الركيزة. لا أعتبر أن هناك أزمة. هناك – كما قلت سابقا – خلافات في المقاربة بين الدول. هناك ربما توجهات داخل هذه الهيئة التي تقوم بدورها بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان وهو أعلى هيئة في الأمم المتحدة للتعاطي مع هذه الأمور.

صحيح أن هناك خلافات وصعوبات، ولكن كيفما كان الحال، أنا أدعو كل المتتبعين والمهتمين إذا ما أرادوا أن يفحصوا ما يقوم به المجلس، يوميا، من اتخاذ لعشرات القرارات، وتنظيم المئات من الحوارات، وكذلك تعيين مسؤولين على مستوى المعمورة لمتابعة الأوضاع، حيثما كان هناك قلق حول احترام حقوق الإنسان. وهذه مسألة أساسية.

العمل الجاد ساري المفعول، ولكن ما من شك أن هناك نقائص. وأنا أعرف أن هناك تشاؤم، ولكن كيفما كان الحال يجب علينا أن نبقى متفائلين حتى يكون الهدف واحد، وحتى تكون هناك – على الأقل – موافقة أو اتفاقات حول الأساسيات، لا يجب أن نختلف في كل شيء، يمكن أن نختلف في بعض المقاربات نحن كدول، ولكن هناك أمور أساسية، وهي شاسعة وطويلة، مثل الحق في الحياة والحق في التنمية والحق في الصحة، وكذلك الاهتمام بالمحتاجين والأشخاص ذوي الإعاقة. يجب على الأقل ضمان حقوق الناس في كل هذه المستويات.

أما فيما يتعلق بالقضايا الأخرى ذات الطابع السياسي فذلك يتطلب جهودا على المستوى الشامل، ليس فقط على مجلس حقوق الإنسان، فالمجلس يقوم بواجبه قدر المستطاع، ولكن هناك هيئات أخرى معروفة على المستوى الدولي، وعلى المستوى الجهوي كذلك، يجب أن تقوم بدورها.

من الأرشيف: فنانات يرتدين قبعات كتب عليها “لا للتعذيب”، يتحضرن للغناء في فعالية يوم حقوق الإنسان خارج سجن مقديشو المركزي في الصومال.
UN/Tobin Jones

أخبار الأمم المتحدة: وهل لك أن تحدثنا عن أهم الأولويات التي تطمح في إنجازها خلال رئاستكم للدورة الثامنة عشرة لمجلس حقوق الإنسان؟
السفير عمر زنيبر: هناك أولويات بارزة في ولاية رئاسة المملكة المغربية، وفي شخصي المتواضع للمجلس. أولا، حصر التداعيات والنزاعات الجيوسياسية في أعمال المجلس. كان البعض يتوقع أن يكون من المستحيل تقريبا على المجلس مواكبة أعماله خلال هذه السنة، لكن الحمد لله، بحكم الدور الذي لعبته الرئاسة، وكذلك روح المسؤولية والنداء للحوار والاحترام، كان له أثر إيجابي في هذا الجانب.

هناك أولويات أخرى، وأنا أنتمي إلى دول الجنوب، وأنتمي إلى القارة الأفريقية والعالم العربي. أولوياتنا كمملكة مغربية تمثلت في إقحام الموضوعات ذات الأهمية القصوى بالنسبة لدول الجنوب، بما في ذلك التداعيات الناجمة عن التغيرات المناخية على الأمن الصحي والغذائي. إقحام تداعيات التكنولوجيا الحديثة بما فيها الذكاء الاصطناعي في التمتع بحق الإنسان. هناك مخاطر بالنسبة للحياة الخاصة، وهناك مخاطر فيما يتعلق بالتواصل والإخبار، ولكن هناك أيضا فوائد يجب أن يتمتع بها الإنسان في الميدان الصحي وغيرها. لقد أقحمنا كل هذه المواضيع بقوة.

أنا شخصيا نظمت جلسات رئاسية بحضور المنظمات الدولية ذات الصلة التي لها أدوار كبيرة في هذا الميدان. أضف إلى ذلك قضية مقاربة النوع التي كانت أيضا من أولويات الرئاسة هذه السنة. وأخيرا البحث عن عقلنة أعمال المجلس من أجل أن يبقى المجلس محافظا على مصداقيته.

أخبار الأمم المتحدة: أخيرا إذا ما طلبنا منك أن توجه رسالة لمن يرون أن هناك تقارير وأن هناك آليات كثيرة ولكن يعتقدون بأنه لا توجد نتائج على أرض الواقع؟
السفير عمر زنيبر: أنا أقول بكل تواضع أن الحرية مرتبطة بالمسؤولية واحترام حقوق الإنسان مرتبط باحترام الآخر. هذه هي القواعد الأساسية التي يجب أن يحترمها الجميع. نحن نقبل الانتقادات والملاحظات. هناك بعض التشاؤم، ولكن هذا لا يمكن أن يجعلنا نتخلص من مسؤوليتنا.

Leave A Reply

Your email address will not be published.