تأملات جمال عنقرة ملتقي الاتحاد الأفريقي التشاوري .. رؤية من قريب
تأملات
جمال عنقرة
ملتقي الاتحاد الأفريقي التشاوري .. رؤية من قريب
لم يكن لدي خيار الاعتذار او حتى التفكير فيه بالنسبة للملتقى التشاوري الذي دعت له الآلية رفيعة المستوي بالاتحاد الأفريقي في العاشر من شهر يوليو الجاري في مقر الاتحاد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حيث وصلتني الدعوة للمشاركة في هذا الملتقي ممثلا للجبهة الشعبية السودانية، التي كلفت من قبل مؤسسيها بقيادة امانتها العامة. السبب الأول لعدم التفكير في الاعتذار ان خبر المشاركة نقله لي عزيز لا يرد له طلب، ثم ان السفير محمد بلعيش الذي تواصل معي من الاتحاد الأفريقي بخصوص الدعوة اختزن له مع كثيرين من اهل السودان الأوفياء مواقف مشرفة علي ايام الثورة الأولي في العام ٢٠١٩م، فكان حريصا علي ان يعبر السودان والسودانيون جسر التغيير بسلام وأمان، وفوق ذلك فإن الدعوة أتت في أعقاب ملتقي القاهرة والذي كنا نعول عليه كثيرا في وضع الأزمة السودانية في مسار الحل الصحيح، ويعلم كثيرون انا كنا قاب قوسين او ادني من ذلك مع صديقنا الخبير العليم السفير صلاح حليمة نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير صلاح حليمة، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
لقد أحسنت الآلية الرفيعة عندما لم تستثن أحدا من اهل السودان، واحسن ما فعلته انها خرجت من الحرج بتوجيه الدعوة للكيانات وليس للاحزاب، واحسن ما فعلته في ذلك انها اختصت من الأحزاب فقط حزب المؤتمر الشعبي، وفي هذا اختصت المجموعة المتمسكة بالاصول المرابطة مع القوات المسلحة، التي تقاتل في الصفوف الأمامية في معركة الكرامة بقيادة الدكتور آمين محمود الذي رد التحية بأفضل منها وقاد الوفد بنفسه، ورافقه إثنان من خيرة شباب قيادات الحزب علي نفقتهم الخاصة تاج الدين بانقا، وراشد دياب، وبذلك اسكت الاتحاد الأفريقي كل الذين يزايدون باتهامه بمعاداة الاسلاميين.
بصرة أخري مهمة سجلتها الآلية الرفيعة عندما لم تستجب لمزايدات تقدم، ولم ترضخ لشروطهم، ولم تخش تهديدهم بمقاطعة الملتقي، ومضت في برنامجها كان شيئا لم يكن، واشهد ان اعضاء الآلية كلهم كانوا صامدين. وتعاملوا مع القضية ومع كل الحضور بمودة ومحبة، السفير محمد بن شمباس، للسيدة سبليوسا انديرا، السفير فرانسيسكو ماديرا، والسفير لويس كورباندي المبعوث الخاص للايقاد، ولقد وفقت الآلية جدا في ترشيح السفير المخضرم نور الدين ساتي لقيادة التشاور، وافلح المشاركون في الملتقي في اختيار المشاركين له. السلطان صديق ودعة، والدكتورة ماجدة خوجلي، والقس عز الدين الطيب، والشاب الثائر كاربينو، وتجلت عبقرية الجميع في عبقري الصياغة والتوفيق البروفيسور محمد محجوب هارون الذي ارسي السفينة بعد خمسة أيام من الابحار في أمواج الشد والجذب إلى بر الأمان.
قضية عزل المؤتمر الوطني عن المشاركة السياسية لم تكن اصلا مطروحة، وما كان ينبغي لها ان تطرح في ظل صيغة الكتل التي اعتمدتها الآلية للمشاركة، وفي ظل عزوف المؤتمر الوطني عن تكرار التجربة السابقة، وهو اصلا بدا منذ العام ٢٠١٤م مشروعا جادا للحوار الوطني أشرك فيه كل القوي السياسية التى كانت تشارك في للحكم والتي كانت تعارضه، وبعض حركات الكفاح المسلح، والذين يقودون الحزب اليوم هم من دعاة الانفتاح، فما كان ينبغي المزايدة عليهم، وجرهم إلى طريق التعصب.
عموما الملتقي فتح دروبا واسعة، ومهد معالم طريق واضحة يمكن أن تعين السودانيين علي فتح صفحة جديدة لبناء وطن يسعهم جميعا بل تمييز ولا إقصاء. والكره الان في ملعب الجميع.