تأملات السودان .. من الرباعية إلى الرباعية جمال عنقرة
تأملات
السودان .. من الرباعية إلى الرباعية
جمال عنقرة
ظرفاء هواة العدد في السودان يسجلون في الذاكرة أن جيل الاستقال من السياسيين كانوا يكتفون باسمين فقط، مثل اسماعيل الأزهري، عبد الله خليل، خضر حمد، احمد خير، نصر الدين السيد، فلما جاء عهد مايو جعلوها ثلاثة، جعفر محمد نميري، خالد حسن عباس، ابو القاسم محمد إبراهيم، مامون عوض ابو زيد، مهدي مصطفي الهادي، وفي الإنقاذ صارت أربعة عمر حسن أحمد البشير، علي عثمان محمد طه، صلاح محمد احمد كرار، وفي ديسمبر “فلتت” ومعروف عن السودانيين أن لهم طرقهم الخاصة في التوثيق، مثل مجاعة سنة ٦، وفيضان ٤٦، والجفاف والتصحر ٨٤، ولقاء السيدين، ورقصة شدو، وكبري بري. ومتواليات المريخ الثماني، وهلم جرا.
وليس من هذا الباب وحده. ولكن خلدت في ذاكرة السودانيين رباعية هي الأكثر شؤما في ماضيه وحاضره، وصار مجرد ذكر “رباعية” يرتعش حتى الحجر والشجر في السودان، ناهيك عن البشير، واعني رباعية الشؤم التي كان ميلادها في بيت ابن عمي الحبيب الفنان السفير السيد علي مهدي نوري السيد عبد الكريم في شارع الجزار ضاحية الرياض في العاصمة السودانية الخرطوم حيث لا تزال ترفرف رايات جدي وسيدي قنديل كردفان سيدي اسماعيل الولي رضي الله عنه، واشهد وتشهدون، والله فوق كل شاهد وشهيد اني كنت قد حذرت من السماح لهذه الرباعية أن تولد، لأنها لن تحمل لبلدنا خيرا. ولكن لم يستبنوا النصح ولا حتى ضحي الغد، وهي الرباعية التي أسس لها سفراء امريكا وبريطانيا والإمارات والسعودية، ومثل السودان فيها والجيش والثورة والشعب محمد حمدان دقلو حميدتي، وكنت قد حذرت من امرين خطيرين اولهما إبعاد واستبعاد مصر، وهذا يعني أن المجتمعين، كلهم او بالاصح بعضهم الغالب يضمرون شرا للسودان، وأن وجود مصر هو الحصن والضمان الوحيد من بعد الله تعالى لابطال مفعول هذا الشر المستبطن، والسبب الثاني هو تقديم حميدتي ممثلا للجيش السوداني. وهو بالطبع لا يصلح بكل المعايير لان يكون ممثلا لجيش السودان جند الله جند الوطن، وبصرف النظر عن كل ما قيل، وما قد يقال عن حميدتي، فكونه دخيلا علي المؤسسة العسكرية السودانية، ولم يتشرب قيمها، ولم يتعلم تعليمها، ولم يتدرب تدريبها، فمع ضعف تجربته في كل شئ، وطوحه غير المحدود في أن يكون كل شئ جعلته مطية للمتامرين والطامعين الإقليميين والعالميين، اما غياب مصر فكان هو الطامة الكبري، ولقد استخدمت مصر كل خبراتها وموروثها من الحكم لتقليل اثر الصدمة علي السودان الشقيق حتى تعود الأمور إلى نصابها، ولقد تعاملت مصر مع المؤامرات ضدها في السودان بفقه “ام الولد” التي رفضت أن يقسم إلى نصفين حتى لا يفقد حايته، وصبرت وصابرت حتى صار امر العبور والخلاص قاب قوسين او ادني، والأمل أن يكون ذلك في مصر المأمنة بأهل الله.
الرباعية الثانية، هي القمة المرتقبة التي رشحت أخبار تقول انها سوف تكون في مصر قريبا بإذن الله تعالى، وتضم إلى جانب الرئيسين السوداني عبد الفتاح البرهان والمصري عبد الفتاح السيسي، الإماراتي محمد بن زايد والاثيوبي ابي أحمد، والذي استغرب له كثيرا أن تعزل هذه القمة الجانب السعودي في حين أن كل المنابر اتفقت أن المدخل لإنهاء الحرب هو تنفيذ اتفاق جدة الذي تم توقيعه في الحادي عشر من شهر مايو العام الماضي ٢٠٢٣م. فكيف يمكن أن تبحث القمة السلام في السودان دون أن تبحث وقف الحرب. وكيف يمكن أن توقف الحرب بدون اتفاق جدة، وهل يمكن مناقشة اتفاق جدة بدون أهل جدة!!!