الوزير المفوض إدريس محمد على يكتب عن خطورة توصية لجنة تقصي الحقائق بالامم المتحدة

44

الوزير المفوض إدريس محمد على يكتب عن خطورة توصية لجنة تقصي الحقائق بالامم المتحدة

تحياتي وتقديري لكم جميعا.
وعلى خلفية ما يتردد عن توصيات لجنة تقصى الحقائق الدولية الخاصة بالسودان فكما هم معلوم فإن مجلس حقوق الإنسان قد شكل لجنة تقصى حقائق فى ٣ أكتوبر من العام الماضي بموجب قرار أعتمده المجلس بأغلبية بسيطة حيث صوتت لصالحه ١٩ دولة وصوتت ضده ١٦ دولة، بينما امتنعت ١٢ دولة عن التصويت (وقد صوت السودان بحكم عضويته فى المجلس ضد القرار واعترض على قيام اللجنة لوجود اليات عديدة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان وتعاون السودان معها بشكل جيد) وقد بذلت البعثة فى جنيف بقيادة سعادة السفير حسن حامد وطاقم البعثة المتميز جهودا كبيرة مسنودة بموجهات قيادة الدولة والوزارة،ومن بعد عين رئيس مجلس حقوق الإنسان رئيس وأعضاء اللجنة ( الخبراء الثلاثة فى مجال القانون الإنساني الدولى والقانون الدولى لحقوق الإنسان) والذين باشروا مهامهم وفق الولاية المحددة من قبل مجلس حقوق الإنسان والتى تتلخص( فى التحقيق عن انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي بما فى ذلك الجرائم المرتكبة ضد اللاجئين والجرائم ذات الصلة فى سياق النزاع المسلح المستمر الذى بدأ فى ١٥ أبريل ٢٠٢٣، والحصول على الأدلة،وجمعها وتحليلها،
وتوثيق المعلومات والأدلة والتحقق منها،والسعي قدر الإمكان لبيان وتحديد الأشخاص والكيانات والمجموعات المسؤولة عن الانتهاكات وتقديم توصيات لا سيما بشأن تدابير المساءلة بهدف إنهاء الإفلات من العقاب)وهذا اقتباس من لغة القرار المنشئ للجنة تقصي الحقائق ،وزارت اللجنة بعض الدول بما فيها دول جوار وفى هذا الإطار كانت اللجنة قد قدمت لمجلس حقوق الإنسان تحديثا شفويا خلال الدورة الماضية للمجلس (٥٦) وأعقب ذلك حوارا تفاعليا وينتظر أن تقدم اللجنة الى الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان(٥٧) بجنيف خلال هذا الشهر تقريرا شاملا تعقبه جلسة حوار تفاعلي يشارك فيها المفوض السامي لحقوق الإنسان ومستشار الأمين العام للأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية وممثلي الاتحاد الأفريقي، ونثق فى جهود وتحركات البعثة فى جنيف للتعبير عن شواغل السودان ومواقفه بدعم وإسناد رئاسة الوزارة وموجهات قيادتها والوزارات والجهات ذات الصلة وعلى رأسها النائب العام ووزارة العدل وتتلخص أهم توصيات التقرير الذى اطلعت على نسخته الإنجليزية التى نشرت فى موقع المجلس اليوم، فى الدعوة الى نشر قوة مستقلة ومحايدة لحماية المدنيين والتوصية الى مجلس الأمن بتعميم نطاق ولاية المحكمة الجنائية الدولية على كل السودان وكذلك توسيع مجال حظر السلاح المفروضة على ولايات دارفور ليشمل كل السودان والنظر فى إنشاء آلية قضائية دولية منفصلة تعمل جنبا الى جنب وتكاملا مع المحكمة الجنائية الدولية،سيتم كذلك تقديم ذات التقرير الى الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال دورتها ال ٧٩، ويفتح تقرير لجنة تقصى الحقائق الباب أمام سيناريوهات عديدة لجهة خطورة توصياته وتأثيراتها على سلامة البلاد ووحدتها وأمنها ويبقى الأمر رهينا بالتفاعلات فى إطار مجلس الأمن وجهود السودان والبعثة المقتدرة بنيويورك بقيادة سعادة السفير الحارث وطاقمه المتميز لكفكة آثاره ورفض توصياته،ومن المهم التحرك المبكر وفى مسارات عديدة لقطع الطريق على محاولات تكثيف الضغوط على السودان عبر بوابة توصيات هذا التقرير والعمل على محاصرة ذلك من خلال تبنى موقف واضح من توصياته مسنودا بالحجج والمنطق وتكثيف التواصل مع العواصم المهمة والمفتاحية والبعثات الدبلوماسية فى نيويورك وجنيف، وتظل آليات حقوق الإنسان الأممية ورغم تعاطيها مع قضايا نبيلة لا تخلو من تسييس وتوظيف الأمر لخدمة أجندات دوائر محددة،ويظل مجلس حقوق الإنسان الذى حل محل لجنة حقوق الإنسان أقل تسييسا منها وقد كانت اللجنة غارقة فى الانتقائية والتسييس وازودجية المعايير من خلال ما عرف بالقرارات القطرية
Country Specific Resolutions، واستهداف دول معينة وغض الطرف عن انتهاكات فى دول أخرى والتركيز على الحقوق السياسية والمدنية وإغفال الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وجوانب وموضوعات أخرى عديدة كانت مثار انتقاد لعمل لجنة حقوق الإنسان السابقة وجاء قيام مجلس حقوق الإنسان نفسه فى إطار ما عرف بنتائج الوثيقة الختامية للجمعية العامة للأمم المتحدة فى العام ٢٠٠٥ التى دعت الى إجراء بعض الإصلاحات فى الأمم المتحدة وكان ذلك معركة شرسة بين من يريدون إعادة انتاج اللجنة السابقة فى ثوب جديد وبين من يتطلعون إلى إصلاح آليات حقوق الإنسان لتخدم القضايا النبيلة،وجاء المجلس على عكس ما كانت تريده بعض الدوائر الغربية التى كانت تنشد مجلسا صغيرا فى عضويته على ألا تتجاوز ١٥ دولة على غرار مجلس الأمن وبشروط قاسية تحرم دولا عديدة من نيل عضويته على عكس ما دفعت فى اتجاهه الدول النامية وبدعم من روسيا والصين فى قيام مجلس شامل وعضوية واسعة وبلا شروط وهو ما تحقق بشكل كبير فى قرار إنشاء المجلس ، وألا يكون جهاز رئيسيا مثل مجلس الأمن حتى يكون مربوطا بالجمعية العامة وتابعا لها كجهاز فرعي
Subsidiary Body وتجاوز الآليات التى تكرس للانتقائية والتسييس والعمل من خلال آلية الاستعراض الدوري الشامل Universal Periodic Review
(UPR) ورغم كل ذلك ما يزال المجلس منصة للتسييس وخدمة مصالح قوى محددة، نسأل الله لبلادنا الأمن والسلام والاستقرار وأن يجنبها كل تدبير لا يريد لها وأهلها خيرا.

Leave A Reply

Your email address will not be published.