المبادرة المصرية .. الطريق إلى النجاح تأملات جمال عنقرة

79

الرئيسية|الأعمدة
الأعمدةتأملات
المبادرة المصرية .. الطريق إلى النجاح
تأملات
جمال عنقرة

ذكرت في مقالين سابقين أن إعلان الخارجية المصرية مبادرتها لمعالجة الأزمة السودانية عبر بيان صحفي دون سابق تدبير وتشاور مع الحكومة السودانية، ورد الحكومة السودانية علي المبادرة عبر بيان مماثل عقد المشهد، لا سيما وان بيان الحكومة السودانية ابدي رفضا قاطعا لمشاركة قوي اقليمية ودولية راعية للمليشيا او داعمة لها، وقلت أن تجاوز هذه العقبة يحتاج إلى تفاهمات عاجلة بين الحكومتين حتى لا نضيع اهم فرصة لتسوية سلمية للازمة السودانية.
يبدو أن التفاهمات قد حدثت بسهولة ويسر، بتفسير المشاركة الإقليمية والدولية مشاركة شرفية لجلستي الإفتتاح والختام، وليس لهم أي دور او مشاركة في الحوار الذي يقتصر علي اهل السودان وحدهم دون مشاركة غيرهم بمن في ذلك مصر الدولة المضيفة.
حرصنا علي نجاح المبادرة المصرية لأنها الأقرب لتحقيق تسوية سلمية آمنة ومستدامة في السودان، وما تيسر لهذه المبادرة من عوامل نجاح لم ولن يتيسر لغيرها، ويكفي انها من مصر اخت بلدنا الشقيق، وفي ذلك مصر وحدها لا مثيل لها، ثم ان الطريقة التي صنعت بها مصر المبادرة جعلتها الاشمل والأقرب إلى الفكر والوجدان، والواقع السوداني، فلقد جلس المتولون امر التمهيد من الجانب المصري مع كل مكونات المجتمع السوداني دون استثناء، واستمعوا إليهم جميعا بعقول وقلوب مفتوحة، ودونوا كل ما قالوا، واستخلصوا من ذلك ورقة إطارية للمبادرة هي الاشمل كما ذكرت، والأقرب إلى تجاوز أزمة بلدنا.
ومن المبادئ الأساسية للمبادرة المصرية المحافظة علي وحدة السودان واستقلاله وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والالتزام بخيارات الشعب السوداني، ومبادئ ثورته المجيدة، وأن المؤسسة العسكرية الوطنية هي الجهة الوحيدة المنوط بها حماية الدولة والشعب، والحفاظ علي وحدته، وتحقيق أمنه واستقراره، وأن يمتلك السودانيون العملية السياسية عبر حوار سوداني سوداني، وشمولية مشاركة القوي والاحزاب السودانية وحركات الكفاح المسلح الموقعة علي اتفاق جوبا للسلام، وغير الموقعة أيضا، وكافة أطياف المجتمع المدني السوداني، خاصة المرأة والشباب، بجانب القيادات المجتمعية والقبلية والاهلية في العملية السياسية، فضلا عن مشاركة قوي شرق السودان لمعالجة قضية الشرق في الإطار العام للازمة السودانية.
العقبة الكبري التي يمكن أن تواجه المبادرين هي الاختيار السليم لمن يمثل المجتمع المدني، وهذه من تعقيدات المشهد السوداني الكبيرة، وهي من أسوأ افرازات اعوجاج الممارسات السياسية في السنوات الأخيرة التي يعود بعضها إلى نحو عقدين من الزمان او يزيد قليلا، حيث تم صناعة قوي وقيادات مجتمعية وهمية تضخمت مثل النبت الشيطاني، وصار بعضها إلى ما يشبه الأورام السرطانية، واز.اد بعضها تضخما في الخمس سنوات الأخيرة بعضه بفعل جهات حكومية، وبعضه بفعل جهات معارضة، حتى صار التمييز بين القوي الحقيقية والقوي الوهمية عصيا، وزاد الطين بلة تشكل تجمعات سياسية متداخلة يصعب التمييز بينها، ويكفي ان نشير إلى أن بعض الأحزاب والحركات توجد في أكثر من ثلاثة تجمعات مختلفة ومتعارضة، وهذا يقتضي تدقيق شديد في الاختيار للتمثيل في مؤتمر أهل السودان، وهو امر غاية في الصعوبة، ولكن تفكيك التجمعات والعودة إلى أصول التكوين الحزبي او الاهلي يمكن أن تقرب الاختيار من التمثيل الحقيقي، والله الموفق.

Leave A Reply

Your email address will not be published.