أقلام وآراء في لزوم ما لا يلزم.. السودان والصراع الدولي الجديد! هاني لبيب
أقلام وآراء
في لزوم ما لا يلزم.. السودان والصراع الدولي الجديد!
هاني لبيب
ما حدث من محاولة تعكير صفو العلاقات السودانية – المصرية خلال الأيام الماضية لم يكن غالبًا بحسن نية.. بقدر ما كان بسوء نية لاستهداف استقرار تلك العلاقات لصالح أنماط جديدة لشكل علاقات بعض دول الجوار وبعض دول المنطقة مع السودان. ومن الواضح أن جميعها تلعب على وتر سحب مزيد من مساحات الثقة السودانية – المصرية لصالح تحالفات اقتصادية براجماتية جديدة. وفى اعتقادى هناك بعض المحددات الهامة التى يجب الإشارة إليها ضمن هذا الملف الفائق الأهمية.
أولًا: تاريخيًا.. الشعب السودانى هو أقرب الشعوب المجاورة للعقل والوجدان المصرى. كما أن لهم محبة خاصة فى قلوب الشعب المصرى رغم كل محاولات بث روح الفرقة والانقسام منذ الانفصال بينهما، واستقلال السودان. كما أنهما يمثلان لبعضهما إحدى ركائز الأمن القومى. وهناك وجود معتبر للشعب السودانى فى مصر.. ربما يفوق الوجود المصرى فى السودان، وهى علاقات تاريخية قديمة جدًا سواء كانت بسبب الزواج والمصاهرة، أو بسبب التبادل التجارى المستمر من تصدير واستيراد.
ثانيًا: شهدت مسيرة العلاقات السودانية – المصرية مراحل من التكامل، مثلما شهدت سنوات من الصدام البارد على غرار السنوات الأخيرة لحكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك والرئيس السودانى السابق عمر البشير. وقد استغلت العديد من دول الجوار أو بعض دول المنطقة فترات الصدام.. لتزيد من مساحة تواجدها لنفسها فى سبيل تحقيق أكبر قدر من الاستفادة الاقتصادية من جانب، وللانطلاق لدول إفريقيا أخرى عبر السودان من جانب آخر.
ثالثًا: بعد اندلاع شرارة الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.. سرعان ما انطلقت شرارة الحرب لتنزل إلى الشارع فى أجواء تصاعدت حتى أصبحت حرب شوارع وحربا أهلية.. مما ترتب عليه فرار الملايين من الشعب السودانى من ويلات القتل والحرق والتدمير.
وطبقًا للتقديرات الرسمية، لم يتجاوز إجمالى السودانيين الذين دخلوا إلى الأراضى المصرية بشكل رسمى.. نصف مليون مواطن سودانى. ومع مراعاة أن هناك ما يقرب من ١٢٥٨ كم للحدود الجنوبية لمصر التى هى فى الوقت نفسه الحدود الشمالية للسودان.
رابعًا: حاول البعض الضغط بتحميل الأزمة الاقتصادية التى يعانى منها المجتمع المصرى على التواجد السودانى فى مصر.. رغم أن تلك الأزمة بدأت قبل دخولهم مصر من جانب، وما لتلك الأزمة من أبعاد دولية وسياسات داخلية من جانب آخر. وتواكب مع ذلك ما حدث على مدار الأيام الماضية من محاولات البعض بشكل شبه ممنهج ومنظم على السوشيال ميديا.. ببث بعض المشكلات الفردية لسودانى هنا وآخر هناك.. باعتباره سلوكا عاما من السودانيين ضد مصر. وما صاحب ذلك من انتشار بعض الحكايات السودانية السلبية المسيئة لمصر بشكل غير مبرر لتسميم العلاقات وتلغيمها.
نقطة ومن أول السطر..
تقدر بعض التحليلات الاستراتيجية.. الصراعات الدولية بحوالى ٥٦ صراعًا دوليًا بأشكال وأبعاد مختلفة ومتباينة بشكل عام، منها ٣٢ صراعًا تؤثر مباشرة على مصر بشكل خاص. وتظل الرؤية الضبابية فى ظل كل تلك الصراعات هى التى تحكم المشهد بعد عدم قدرة اللاعبين الرئيسيين لتلك الصراعات على تحديد الشكل المستقبلى المتوقع للعالم والمناطق الملتهبة خلال السنوات القريبة القادمة.
احذروا.. السودان أصبحت مرشحة بقوة لأن تحتل مساحة الاهتمام.. التى احتلتها القضية الفلسطينية خلال الفترة الماضية بعد شهور طويلة من عدم وضوح الرؤية، ووجود فعلى لدول أخرى، بعد أن تحولت الأراضى السودانية لملعب جديد لبعض الدول التى ترى فى وجودها هناك تحقيق المزيد من المكاسب السياسية والاقتصادية.