تُعتبر السياحة من القطاعات الحيوية التي تلعب دورًا محوريًّا في الاقتصاد العالمي، حيث تجمع بين التنوع الثقافي والثراء الحضاري لتعزز التبادل الثقافي والتنمية الاقتصادية. وفي هذا السياق، تبرز المتاحف كقوة ناعمة فريدة تعكس هوية الأمم وتراثها، وتساهم في تعزيز السياحة الثقافية عبر انتشارها المتزايد عالميًّا.
وفي هذا الإطار يُسلِّط هذا العدد الضوء على موضوع “المتحف المصري الكبير: بوابة مصر إلى حضارة المستقبل”؛ حيث يتناول المشهد السياحي العالمي مع التركيز على السياحة المصرية كنموذج فريد يجمع بين التاريخ العريق والابتكار، ويُسلط الضوء بشكل خاص على المتحف المصري الكبير، الذي يستعد لافتتاحه الرسمي في 1 نوفمبر 2025، ليكون أكبر متحف في العالم مكرسًا لحضارة واحدة، مما يعزز من مكانة مصر الثقافية والسياحية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
القسم الأول: التطورات الراهنة في المشهد السياحي العالمي
القسم الثاني: السياحة المصرية: كنز حضاري ومحرك تنموي
القسم الثالث: المتحف المصري الكبير: مشروع حضاري استثنائي
يمثل المشهد السياحي العالمي أحد القطاعات الحيوية التي تُساهم بشكل مباشر في دفع عجلة الاقتصاد العالمي من خلال تعدد أنواعه وأهميته الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة. فالسياحة لا تقتصر على التنقل والترفيه فحسب، بل تشمل تجارب ثقافية متعددة تعزز التبادل الحضاري، ومن أبرز مظاهر ذلك دور المتاحف كقوة ناعمة تعكس الهوية الثقافية، وترسخ مكانة الدول على الساحة العالمية. إذ تُعد المتاحف من أهم الوجهات السياحية التي تُسهم في تعزيز السياحة الثقافية، وتوسع نطاق تأثير السياحة في تعزيز الاقتصاد والتفاهم الثقافي عبر الحدود.
أولًا: دور السياحة في الاقتصاد العالمي: الأنواع والأهمية
1. الأنواع الرئيسة للسياحة عالميًّا:
مع تطور قطاع السياحة عالميًّا وتنوع أذواق واهتمامات الأفراد، ظهرت أشكال متعددة من السياحة لتلبي احتياجات شرائح مختلفة من السياح. فلم تعد السياحة تقتصر على الترفيه والاستجمام فقط، بل أصبحت تشمل أنشطة ثقافية، ودينية، وعلاجية، ورياضية، وحتى سياحة الفضاء والمغامرات. ويعكس هذا التنوع قدرة السياحة على مواكبة التحولات الاجتماعية والتكنولوجية والاقتصادية، مما يساهم في توسيع نطاق تأثيرها في الاقتصاد العالمي وتعزيز التبادل الثقافي بين الشعوب.
فيما يلي استعراض لأهم أنواع السياحة على مستوى العالم:
سياحة المغامرات: تستقطب عشاق التحدي والإثارة ممن يمتلكون مهارات خاصة وخبرة في ممارسة أنشطة محفوفة بالمخاطر، مثل: تسلق الجبال، المشي في الصحاري، الغوص، وتسلق الصخور. وتُعد الوجهات التي توفر بيئات طبيعية صعبة ومغامرات فريدة من أكثر ما يجذب هذا النوع من السياح.
سياحة الأعمال: تتعلق بالسفر لأغراض مهنية مثل حضور المؤتمرات والندوات والمعارض واللقاءات التجارية. ويُعرف سائح الأعمال بقدرته على الإنفاق أعلى مقارنة بسائح الترفيه، ما يجعل هذا النوع ذا عائد اقتصادي مهم للدول المُضيفة.
السياحة الثقافية: تركز على استكشاف التراث الثقافي والحضاري، وتشمل زيارة المتاحف والمعالم التاريخية والمعمارية، والمشاركة في المهرجانات التقليدية، مثل زيارة تاج محل الذي يعكس عمارة المغول.
السياحة الدينية: تهدف إلى أداء الشعائر الدينية أو زيارة الأماكن المقدسة، وتشمل رحلات الحج أو التبشير للديانة المسيحية. وتستقطب هذه السياحة ملايين الزوار سنويًّا، مثل رحلة أمارناث في الهند.
سياحة الفضاء: يقصد بها السفر إلى الفضاء لأغراض ترفيهية. وتُعدّ حاليًّا متاحة لعدد محدود من الأثرياء؛ نظرًا لتكاليفها الباهظة.
السياحة الرياضية: تشمل السفر لحضور أو المشاركة في فعاليات رياضية كبرى. وتعد البطولات العالمية فرصة لجذب أعداد كبيرة من الزوار وتعزيز الدخل السياحي للدولة المُضيفة.
سياحة الحياة البرية: تستهدف عشاق الطبيعة ممن يسافرون إلى مناطق بعيدة لمراقبة الحيوانات في بيئاتها الطبيعية، وهو نوع شائع وذو جاذبية خاصة.
السياحة الصحية أو العلاجية: تتمثل في السفر لتحسين الحالة الصحية من خلال زيارة مراكز العلاج الطبيعي، أو المنتجعات الصحية، أو معسكرات إنقاص الوزن، ما يضيف بعدًا علاجيًّا للرحلة السياحية.
2. مساهمة قطاع السياحة في الاقتصاد العالمي:
تشير التوقعات إلى استمرار نمو مساهمة قطاع السفر والسياحة في إجمالي الناتج العالمي، لتصل إلى 10.3% في عام 2025، بقيمة 11.7 تريليون دولار، وتبلغ ذروتها في عام 2035 بنسبة 11.5% من الناتج المحلي الإجمالي، بقيمة 16.5 تريليون دولار، يعكس هذا النمو المتوقع الدور المتزايد للقطاع كأحد محركات الاقتصاد العالمي، خاصةً في ظل تطور الخدمات السياحية وعودة ثقة المسافرين عالميًّا.
أما فيما يتعلق بالوظائف، فقد أسهم قطاع السفر والسياحة في دعم نحو 356.6 مليون وظيفة حول العالم خلال عام 2024، وسيواصل هذا الرقم ارتفاعه ليصل إلى 371 مليون وظيفة في عام 2025، و461.6 مليون وظيفة في عام 2035.
شهد الإنفاق من قِبل الزوار الدوليين ارتفاعًا ملحوظًا، حيث بلغ نحو 1.9 تريليون دولار أمريكي في عام 2024، مسجلًا نموًّا بنسبة 11.6% مقارنة بعام 2023. وتُعدّ السياحة في هذا الإطار قطاعًا ذا سلسلة قيمة واسعة؛ إذ تُسهم — عند إدارتها بكفاءة — في توليد فرص العمل، وتعزيز القيمة المُضافة، وتحقيق آثار اقتصادية واجتماعية إيجابية عبر مختلف مراحلها.
إلى جانب ذلك، تُسهم السياحة في توسيع أسواق المنتجات والخدمات القائمة واستحداث أسواق جديدة، وهو ما ينعكس إيجابًا على تحسين أوضاع المجتمعات الفقيرة والمناطق النائية. وعند تطوير هذا القطاع بأسلوب مستدام ومسؤول، يمكن أن يتحول إلى محرك رئيسي للحفاظ على التنوع البيولوجي، وصون التراث الثقافي والطبيعي، وتعزيز سبل العيش المتوائمة مع المناخ، مما يجعله ركيزة محورية في دعم الاقتصادين الأزرق والأخضر.
3. أداء قطاع السياحة عالميًّا:
كما تجاوزت الإيرادات السياحية في عام 2024 مستويات ما قبل الجائحة، لتبلغ نحو 1735 مليار دولار، محققة نموًا نسبته 12.9% مقارنةً بعام 2023؛ الذي سجل نحو 1537 مليار دولار، وهو ما يعكس انتعاشًا قويًّا في أداء القطاع. وجاء هذا التعافي بعد الانكماش الحاد الذي شهده القطاع في عام 2020 بسبب جائحة كوفيد-19، لتبدأ المؤشرات بعد ذلك بالتحسن التدريجي مدفوعة بتخفيف القيود وزيادة الثقة بالسفر، وصولًا إلى مرحلة شبه تعافٍ كامل في عام 2024.
ثانيًا: المتاحف كقوة ناعمة: الأهمية والانتشار العالمي
1. اليوم العالمي للمتاحف:
شهد اليوم العالمي للمتاحف تطورًا ملحوظًا منذ انطلاقه قبل أكثر من أربعة عقود، حيث يتزايد عدد المتاحف المشاركة سنويًّا. ففي عام 2024، شارك في هذه المناسبة أكثر من 37 ألف متحف من نحو 158 دولة ومنطقة حول العالم، مما يعكس الاهتمام المتزايد بالدور الثقافي والتعليمي الذي تؤديه المتاحف عالميًّا.
كما جاء اليوم العالمي للمتاحف لعام 2025، يحمل شعارًا معبّرًا: “مستقبل المتاحف في مجتمعات سريعة التغير”، داعيًا إلى إعادة التفكير في أدوار المتاحف بوصفها منصات للتواصل، ومصادر للإبداع، وداعمة أساسية للهوية الثقافية.
2. الوجهات الثقافية الأولى: تصنيف المتاحف الأكثر زيارة:
شهدت صناعة المتنزهات الترفيهية والمتاحف العالمية مرونة ملحوظة وقدرة كبيرة على التكيف، رغم ما واجهته من تحديات خلال عام 2023، والتي شملت تقلبات الطقس، ومشكلات سلسلة التوريد المستمرة، وارتفاع معدلات التضخم.
وفي هذا الإطار، أظهرت نتائج مؤشر المتاحف العالمي 2023 الصادر عن شركة (Themed Entertainment Association)، وشركة (AECOM)، وهما جهتان عالميتان متخصصتان في صناعة الترفيه، والسياحة، والمتاحف، أن معظم المتاحف العالمية شهدت زيادة واضحة في أعداد الزوار في عام 2023، مقارنةً بعام 2022، ما يعكس تعافي قطاع السياحة الثقافية، حيث يتصدر متحف اللوفر في فرنسا قائمة أكثر المتاحف زيارة عالميًّا بـ 8.9 ملايين زائر في عام 2023، تليه متاحف الفاتيكان، والمتحف الوطني للصين التي شهدت قفزة كبيرة في أعداد الزوار. وتبرز الصين بنمو ملحوظ في عدد متاحفها الإقليمية مثل متحف مقاطعة هوبي، ومتحف هونان. كما تحافظ الولايات المتحدة الأمريكية على حضور قوي من خلال متاحف مثل المتروبوليتان للفنون، كما حققت المتاحف البريطانية زيادة في عدد الزوار مثل المتحف البريطاني، ويعكس هذا النمو نجاح المتاحف على مستوى العالم في جذب الزوار عبر تحسين العروض والتكيف مع التحديات العالمية.
3. أبرز المتاحف العالمية: نماذج ملهمة
متحف اللوفر – فرنسا:
يُعد متحف اللوفر من أكبر وأشهر المتاحف في العالم، بمساحة عرض تبلغ 60 ألف متر مربعًا، ويضم حوالي 460 ألف عمل فني، منها 35 ألف معروض للجمهور، ويستقبل نحو 9 ملايين زائر سنويًّا، ما يجعله الأكثر زيارة عالميًّا. وينقسم المتحف إلى 8 أقسام وهي: (آثار الشرق الأدنى – الآثار المصرية – الآثار اليونانية والرومانية – الفن الإسلامي – المنحوتات – الأعمال الفنية – اللوحات – الفنون التصويرية).
كما افتُتح مركز اللوفر للترميم عام 2019 في مدينة ليفين شمال فرنسا، بهدف أساسي هو حماية المجموعات الوطنية الفرنسية المحفوظة في اللوفر من مخاطر الفيضانات، إضافة إلى تحسين بيئة الحفظ وتعزيز جهود البحث العلمي.
متاحف الفاتيكان – دولة مدينة الفاتيكان:
يُعرف الفاتيكان بـ”متحف المتاحف”، إذ يضم مجموعات فنية وآثارية هامة، إلى جانب قاعات القصر الرسولي ذات الأهمية التاريخية والفنية، وإنّ مهمة متاحف الفاتيكان اليوم هي عرض وحفظ ومشاركة هذا الإرث الاستثنائي من الثقافة والتاريخ والجمال الذي جمعه وحافظ عليه الباباوات الرومان على مرّ القرون.
المتحف الوطني الصيني – الصين:
يُعد المتحف الوطني الصيني (NMC) من أبرز المؤسسات الثقافية في الصين، ويجمع بين الثقافة التقليدية والثورية والاشتراكية المتقدمة. أُسس في عام 2003 بدمج متحفين سابقين، وشهد عملية تجديد وتوسعة كبيرة اكتملت في عام 2011، بمساحة تقارب 200 ألف متر مربعًا.
يضم المتحف أكثر من 1.4 مليون قطعة أثرية، منها نحو 6 آلاف قطعة من الدرجة الأولى، ويشمل معارض دائمة مثل “الصين القديمة”، و”طريق التجديد”، إلى جانب أكثر من 40 معرضًا مؤقتًا سنويًّا تغطي مختلف المجالات الثقافية، والفنية، والتاريخية.
المتحف البريطاني – المملكة المتحدة:
تأسس المتحف البريطاني عام 1753 وفتح أبوابه عام 1759. وكان أول متحف وطني يغطي جميع مجالات المعرفة الإنسانية، ويفتح أبوابه للزوار من جميع أنحاء العالم.
تتيح مقتنياته، التي يبلغ عددها ثمانية ملايين قطعة، استكشاف التنوع الاستثنائي للثقافات الإنسانية، من المجتمعات الصغيرة إلى الإمبراطوريات الشاسعة، واكتشاف الأشكال والتعبيرات العديدة التي أبدعها البشر على كل جانب من جوانب الحياة، وإدراك مدى ترابطها الوثيق.
متحف المتروبوليتان للفنون – الولايات المتحدة الأمريكية:
يقدم متحف المتروبوليتان للفنون أكثر من 5 آلاف عام من الفن من جميع أنحاء العالم منذ تأسيسه عام 1870، ليختبرها ويستمتع بها الجميع، ويشارك ملايين الأشخاص في تجربة المتحف عبر الإنترنت.
سعى متحف المتروبوليتان إلى أن يكون أكثر من مجرد مستودع للتحف النادرة والروائع الفنية؛ إذ ينبض الفن فيه بالحياة يوميًّا داخل قاعاته ومعارضه وفعالياته، كاشفًا عن رؤى جديدة وصلات مدهشة تمتد عبر الأزمنة والثقافات.
ظلت مصر عبر العصور محط أنظار الزائرين والسياح، منذ أن وطئت أقدام المؤرخ اليوناني “هيرودوت” أرضها في العصور القديمة، معبرًا عن دهشته من تفردها عن سائر البلدان.
وقد حافظت مصر على هذا الزخم السياحي خلال عصورها الوسطى والحديثة، غير أن اكتشاف كنوز الفراعنة أضاف سحرًا استثنائيًّا إلى مقوماتها السياحية الفريدة، التي تشمل: مواقع أثرية ودينية وحضارية لا نظير لها، وموقع جغرافي استراتيجي في قلب العالم، ومناخ معتدل على مدار العام، وأخيرًا سواحل خلابة تمتد إلى مسافات شاسعة.
شهدت مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي في مصر تطورات واضحة خلال الفترة (2014/2015 – 2024/ 2025)، حيث ارتفعت مساهمة قطاع السياحة من 2.4% خلال عام 2021/2022 إلى 3.1% (2022/2023) ثم إلى 3.4% (2023/2024) ثم إلى 3.7% (2024/ 2025)، وهو أعلى مستوى خلال العقد، وعكس هذا النمو المتتالي تعافي القطاع بشكل قوي بفضل استقرار الأوضاع، وعودة حركة السياحة الدولية، ونجاح جهود الدولة في تحسين البنية التحتية السياحية والترويج الخارجي، مما يجعل السياحة أحد المحركات الرئيسة للنمو الاقتصادي في الفترة القادمة.
أولًا: أهم أنماط السياحة في مصر:
1. السياحة الدينية:
تمثل مصر موقعًا مميزًا للسياحة الدينية، حيث تجمع بين مقدسات الديانات السماوية الثلاث (الإسلامية، المسيحية، اليهودية) في تناغم فريد، حيث تمتلك مصر العديد من المعالم والأماكن الدينية التي يقصدها السائحون ومن بينها:
السياحة الإسلامية: مساجد تاريخية مثل مسجد ابن طولون والجامع الأزهر.
السياحة المسيحية: مثل كنيسة القديس سيرجيوس التي لجأت إليها العائلة المقدسة في أثناء لجوئها إلى مصر والكنيسة المعلقة ودير سانت كاترين ودير القديس الأنبا أنطونيوس مؤسس الرهبنة.
السياحة اليهودية: مثل “معبد بن عزرا” في مصر القديمة بالقاهرة، حيث يُعد أحد أبرز معالم السياحة اليهودية وأقدم المعابد في مصر، وسُمّي باسم إبراهام بن عزرا الفيلسوف اليهودي.
2. السياحة الثقافية:
تُعد من أقدم وأهم أنواع السياحة في مصر، حيث تمتلك مصر إرثًا حضاريًّا فريدًا يجمع بين الآثار الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية، بالإضافة إلى المتاحف المتنوعة في مختلف المحافظات. وتعود جذور السياحة الثقافية في مصر إلى لحظة اكتشاف أسرار الحضارة الفرعونية وفك رموز الحروف الهيروغليفية. ومنذ ذلك الحين لم تتوقف بعثات الآثار عن العمل، وظلت مصر مقصدًا للرحالة والباحثين. ووفقًا لأحدث إحصاءات وزارة السياحة والآثار المنشورة على موقع الوزارة حتى 20 أكتوبر 2025، تضم مصر نحو 43 متحف آثار، منهم 33 متحفًا مفتوحًا على مستوى الجمهورية.
3. السياحة الترفيهية:
تُعد السياحة الترفيهية من أبرز أنواع السياحة في مصر، إذ تستقطب أعدادًا كبيرة من الزوار من مختلف أنحاء العالم لما تتمتع به من مقومات طبيعية متميزة، مثل الشواطئ الممتدة على البحرين الأحمر والمتوسط، ونهر النيل، والمناطق الصحراوية والجبلية. وتنقسم السياحة الترفيهية في مصر إلى أربعة أنواع رئيسية:
السياحة الشاطئية، وتنتشر في مناطق مثل البحر الأحمر، الساحل الشمالي، جنوب سيناء، والعريش.
زيارة الحدائق والمتنزهات مثل حديقة الأزهر وجبلاية الأسماك والحديقة الدولية.
السياحة النيلية التي توفر رحلات نهرية متميزة بالفلوكة أو السفن الفاخرة، مما جعل مصر مركزًا عالميًّا في هذا المجال.
سياحة السفاري، والتي تشتهر بها مصر بفضل تنوع بيئاتها الصحراوية والواحات مثل سانت كاترين وسيوة والصحراء البيضاء، وتتميز بمزيج من المغامرة والاستكشاف البيئي.
4. السياحة البيئية: أحد أهم أنماط السياحة في مصر التي تتيح للسائحين فرصة الاستمتاع بالتجول في المناطق الطبيعية المتمثلة في المحميات الطبيعية ومن أبرزها؛ محميات رأس محمد، وسانت كاترين، ونبق في جنوب سيناء.
5. السياحة الرياضية: تُعد السياحة الرياضية من الأنواع المتنامية في مصر، حيث تلعب دورًا مهمًا في تنشيط الحركة السياحية داخليًّا ودوليًّا. وقد ازداد الاهتمام بها مؤخرًا من خلال المبادرات التي تنظمها وزارة الشباب والرياضة بالتعاون مع الاتحادات المختلفة. وتشمل أنشطة السياحة الرياضية: الجولف، الفروسية، الرياضات المائية، الغطس، صيد الأسماك، والتجديف. وتُعد مناطق مثل نادي الجولف، نادي الجزيرة للفروسية، نادي الصيد، ونوادي البحر الأحمر والغردقة من أبرز الوجهات في هذا المجال.
6. السياحة العلاجية: تُعد السياحة العلاجية من المقومات المتميزة في مصر، نظرًا لتوفر العديد من الموارد الطبيعية ذات الخصائص العلاجية، مثل العيون والآبار الكبريتية والمعدنية، والهواء الجاف، والرمال الغنية بالعناصر المفيدة. وتُستخدم هذه الموارد في علاج أمراض مختلفة، خاصة الروماتيزم وأمراض العمود الفقري، من خلال طرق علاجية مختلفة مثل الدفن في الرمال. كما أظهرت التحاليل أن مياه العيون المصرية تحتوي على نسب عالية من الكبريت والأملاح المعدنية النادرة. ومن أبرز المناطق المعروفة بالسياحة العلاجية: حلوان، والواحات البحرية، وسيوة، والوادي الجديد، والخارجة، والداخلة، والفرافرة، وأسوان، والغردقة، وسفاجا، وسيناء.
7. المهرجانات والمؤتمرات: تُعد المهرجانات أحد أبرز عناصر الترويج السياحي التي تدعمها وزارة السياحة، بهدف إثراء وتنويع مقومات الجذب السياحي في مصر. كما تُشكّل هذه المهرجانات أداة فعّالة في الجذب الإعلامي والسياحي، لما تُحققه من عوائد اقتصادية كبيرة للدولة. وتتميز مصر بتنظيم مجموعة متنوعة من المهرجانات التي تستقطب جماهيرية واسعة، ومن أبرزها مهرجانات: (السياحة والتسوق، وتعامد الشمس بمعبد أبو سمبل، ويوم السياحة العالمي، والقاهرة الدولي للأغنية الشعبية، والقاهرة السينمائي الدولي والاحتفال السنوي لاكتشاف مقبرة توت عنخ آمون بالأقصر، وعيد وفاء النيل، والقاهرة للإعلام العربي).
ثانيًا: الاستراتيجية الوطنية للسياحة:
يعتبر قطاع السياحة من بين السبعة قطاعات الواعدة التي حددتها رؤية مصر 2030 لتكون قاطرات للنمو الاقتصادي، وهي القطاعات التي تم اختيارها بناءً على مجموعة من الأسس والمعايير من أهمها: القدرة على تحقيق النمو الاحتوائي، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، ورفع درجة التشابك مع القطاعات الاقتصادية الأخرى، وتوفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وكذلك القطاعات التي تتمتع مصر فيها بميزة تنافسية. وقد تم تحديد قطاع السياحة كأحد القطاعات الواعدة؛ نظرًا لارتباطه مع عدد من القطاعات الأخرى، مما يخلق فرص عمل جديدة.
اتساقًا مع المبادئ الحاكمة لرؤية مصر 2030، والممكنات والأهداف الاستراتيجية التي تشملها الرؤية، وتماشيًا مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، تتبنى وزارة السياحة والآثار “الاستراتيجية الوطنية للسياحة”، والتي تقوم على تحقيق استدامة النشاطين السياحي، والأثري، وزيادة فاعلية آثارهما الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وذلك بتعظيم العائد منهما من خلال:
محاور الاستراتيجية الوطنية للسياحة، ترتكز الاستراتيجية على ستة محاور رئيسة:
1. الإصلاح المؤسسي والتشريعي.
2. رفع القدرة التنافسية للمقصد السياحي المصري، ويرتكز هذا المحور على تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد السياحية والطبيعية والبشرية والأثرية في مصر، مع ضمان استدامتها وتعزيز قدرتها التنافسية، وذلك من خلال:
تبني أطر مؤسسية وتشريعية لمواكبة التطور العالمي.
تطبيق أفضل السبل للترويج والتنشيط السياحي محليًّا ودوليًّا لجذب أكبر عدد من السائحين من مختلف الأسواق وكل الفئات، خاصة ذات الإنفاق المرتفع.
تشجيع السياحة الداخلية وزيادة الوعي السياحي والأثري.
القيام بأعمال الحفائر الأثرية.
تنفيذ مشروعات تأمين وترميم وصيانة الآثار وبناء وتطوير المتاحف بمختلف أنحاء الجمهورية.
3. تهيئة البيئة الاقتصادية، من خلال زيادة القدرات التمويلية، وتشجيع الاستثمارات السياحية.
4. تعزيز المشاركة الاجتماعية ودعم وبناء قدرات العنصر البشري.
5. تعظيم الاستفادة من الوسائل التكنولوجية.
6. الحفاظ على التوازن البيئي واستدامة النشاطين السياحي والأثري.
ثالثًا: الوضع الراهن لقطاع السياحة في مصر
1. تطور قيمة الإيرادات السياحية:
شهدت قيمة الإيرادات السياحية في مصر تطورًا ملحوظًا خلال الفترة (2014/2015 – 2023/2024)، على الرغم من التأثر بأزمات الطائرة الروسية وجائحة كوفيد-19، واللتان تسببا بشكل كبير في تراجع الإيرادات السياحية.
وبصفة عامة، مرت الإيرادات السياحية في مصر بعدد من التقلبات خلال الفترة (2014/2015- 2023/2024)، حيث سجلت أدنى مستوياتها في عام 2015/2016 بقيمة بلغت 3.8 مليارات دولار، متأثرة بأزمة الطائرة الروسية، ثم تراجعت مجددًا في عام 2020/2021 إلى نحو 4.9 مليارات دولار نتيجة تداعيات جائحة كوفيد-19.
هذا، وقد عادت الإيرادات السياحية إلى الارتفاع مُسجلة أعلى مستوى قياسي لها في عام 2023/2024، حيث بلغت نحو 14.4 مليار دولار، بمعدل نمو بلغ 34.6% مقارنةً بعام 2021/2022. وذلك على الرغم من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
خلال الفترة (يوليو – مارس) من السنة المالية لعام 2024/ 2025، ارتفعت قيمة الإيرادات السياحية أيضًا لتسجل نحو 12.5 مليار دولار، مقارنةً بـ 10.9 مليارات دولار في نفس الفترة من السنة المالية 2023/2024. وذلك بمعدل نمو بلغ 14.7%.
2. تطور أعداد السائحين الوافدين والليالي السياحية:
بلغ عدد السائحين الوافدين إلى مصر في العام المالي 2023/2024 نحو 14.9 مليون سائح، مقابل 13.9 مليون سائح في العام 2022/2023، بمعدل نمو قدره 7.2%.
كما ارتفع عدد الليالي السياحية، ليبلغ 154.1 مليون ليلة في العام المالي 2023/2024، مقابل 146.1 مليون ليلة في العام المالي 2022/2023، بمعدل نمو قدره 5.5%.
3. أعداد المنشآت السياحية:
تمتلك مصر بنية تحتية سياحية واسعة ومتنوعة، حيث بلغ إجمالي المنشآت السياحية الفندقية (الثابتة والعائمة) نحو 1.27 ألف منشأة فندقية حتى أكتوبر 2025، وفيما يتعلق بأعداد محال العاديات والسلع السياحية بلغ نحو 3.44 ألف محلًا، و1.6 ألف مطعمًا وكافتيريا سياحية، و608 مراكز غوص وأنشطة بحرية، و17.23 ألف مركبة سياحية، و2.24 ألف شركة سياحية.
4. الاكتشافات الأثرية والمشروعات الجديدة:
شهد عام 2023 ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الاكتشافات الأثرية في مصر، حيث بلغ 115 اكتشافًا، مقارنةً بـ 57 فقط في عام 2022، بنسبة زيادة بلغت 101.8%. ويعكس هذا التطور تكثيف الجهود الحكومية والدولية في مجال التنقيب، إلى جانب تنامي الاهتمام بالتراث الثقافي كرافد للتنمية الاقتصادية والسياحية.
بلغ عدد افتتاحات وزارة السياحة والآثار للمشروعات مثل: (مقابر – مواقع أثرية – متاحف – مساجد -كنائس -معابد) تم الانتهاء من ترميمها وصيانتها أو افتتاح الجديد منها نحو 38 افتتاحًا خلال عام 2023، مقارنة بـ 13 افتتاحًا في عام 2022.
رابعًا: تميز السياحة المصرية في المحافل الدولية
1. مؤشر تنمية السفر والسياحة 2024:
كما شهدت قيمة المؤشر ذاته ارتفاعًا في عام 2024، بنسبة 4.5% لتسجل نحو 3.96 نقاط، مقارنةً بقيمته في عام 2019، والتي سجلت نحو 3.79 نقاط، وهو ما يُعد مؤشرًا إيجابيًّا على التطور الذي يشهده قطاع السياحة في مصر. وعلى المستوى الإقليمي، جاءت مصر في المرتبة السادسة بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
قائمة أفضل الوجهات السياحية في إفريقيا لعام 2024/2025
Source: Bloom Consulting Country Brand Ranking, 2024/ 2025. tourism edition.
[1] يعكس هذا التصنيف مدى دقة وفعالية التموضع الاستراتيجي للجهة الوطنية المعنية بالسياحة، من خلال تقييم مدى اتساق استراتيجيتها مع اهتمامات وتوجهات السياح الدوليين. تحظى الدول بتصنيف أعلى عندما تُبنى استراتيجياتها السياحية على علامات تجارية ذات صلة تحظى بإقبال واهتمام واسع، يتم قياسه وفقًا لحجم البحث العالمي عنها.
3. المعيار العالمي Global Review Index:
وفقًا للمعيار العالمي Global Review Index (GRI) الخاص بقياس مدى جودة الخدمات المقدمة طبقًا لآراء الزائرين الصادر عن شركة Reviewpro أحد أكبر الشركات الدولية المتخصصة، حيث حصلت المنشآت الفندقية بالمقاصد السياحية في مصر على 85.1% طبقًا للمعيار خلال الربع الأول من 2024، بنسبة تحسن قدرها 1.1% عن نفس الفترة من العام السابق.
4. مؤسسة “فيتش”:
تشير توقعات مؤسسة “فيتش” في تقريرها الصادر في سبتمبر 2025 إلى آفاق إيجابية لقطاع السياحة في مصر خلال عام 2025، مع زيادة مرتقبة مقارنة بعام 2024. ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه التصاعدي ليشهد عدد الوافدين إلى مصر نموًا أكبر في عام 2026، ويواصل الصعود حتى عام 2029. مدفوعًا بشكل رئيسي من أسواق أوروبا والشرق الأوسط.
كما أشارت توقعات “فيتش” إلى أن عدد السياح الوافدين إلى مصر سيصل إلى نحو 17.76 مليون سائح في عام 2025، بزيادة سنوية قدرها 13.12% مقارنةً بـ 15.7 مليون سائح في عام 2024. كما توقعت المؤسسة أن يرتفع العدد بنسبة 4.5% ليبلغ 18.56 مليون سائح في عام 2026. وعلى المدى المتوسط (2025–2029)، من المرجح أن يسجل قطاع السياحة نموًا سنويًّا متوسطًا قدره 5.7% ليصل إلى نحو 20.65 مليون سائح بحلول عام 2029. وبالتوازي، توقعت فيتش أن تنعكس هذه الزيادة في حركة السياحة الدولية على العائدات، لتبلغ 17.1 مليار دولار أمريكي في عام 2025، وترتفع إلى نحو 19 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2029.
خامسًا: أبرز الجهود المصرية لتطوير قطاع السياحة:
في السنوات الأخيرة، شهد قطاع السياحة تحولًا استراتيجيًّا غير مسبوق، جعلت منه قطاعًا صامدًا استطاع التغلب على الأزمات التي مر بها، حيث أولته الدولة المصرية اهتمامًا بالغًا باعتباره إحدى القطاعات الواعدة بالاقتصاد المصري، وبهدف تعزيز مكانة الدولة كإحدى أبرز الوجهات السياحية عالميًّا.
شملت هذه الجهود تطوير البنية التحتية السياحية، والقوانين المُنظمة داخل القطاع، ورفع كفاءة الخدمات، إلى جانب إطلاق مبادرات مبتكرة لتنويع المنتج السياحي، وتبنى التحول الرقمي بالقطاع. ولم تقتصر هذه الجهود على الجانب التطويري فحسب، بل امتدت إلى تعزيز الأمن السياحي وتبني معايير الاستدامة.
من أبرز الجهود المصرية لتطوير هذا القطاع الواعد من خلال عدد من المحاور الرئيسة كما يلي:
المحور الأول: الإصلاح المؤسسي والتشريعي:
تم إصدار عدد من القوانين الحديثة التي تواكب متطلبات صناعة السياحة في الوقت الحالي، والتي يمكن إيجازها حسب الهدف منها كما يلي:
تنظيم القطاع السياحي، بإصدار القانون رقم 8 لسنة 2022 الخاص بالمنشآت الفندقية والسياحية، بهدف تحقيق نقلة نوعية في نظام ترخيص المنشآت الفندقية والسياحية. كذلك إصدار قانون رقم 27 لسنة 2023 الخاص بإنشاء الغرف السياحية وتنظيم اتحاد لها، ويهدف القانون إلى تنظيم عمل الغرف السياحية بما يمكّنها من المساهمة الفاعلة في تنمية القطاع السياحي وتعزيز كفاءته، إلى جانب تنظيم الاتحاد المصري للغرف السياحية لضمان تحقيق أهدافه في دعم المصالح المشتركة للعاملين في المجال.
كما تم إصدار قرار وزاري في أبريل 2025، يحدد شروط وضوابط ترخيص وحدات “شقق الإجازات” كأحد أنماط الإقامة السياحية المستحدثة، وذلك استنادًا للقوانين المنظمة للمنشآت السياحية والغرف السياحية. ويهدف القرار إلى تقنين أوضاع هذا النوع من الإقامة، وضمان جودة الخدمات المقدمة، بما يعزز من تنافسية المقصد السياحي المصري، ويدعم مستهدفات الوزارة في تطوير القطاع السياحي.
حماية التراث الحضاري، إدخال التعديلات على قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 في أعوام 2018 و2020، وذلك ليصبح القانون إطارًا تشريعيًّا متكاملًا يتعامل مع كل ما يتعلق بالآثار، سواء كانت عقارية أو منقولة، من الناحية الفنية والقانونية، بالإضافة إلى وضع عقوبات مغلظة للحد من جرائم الآثار بمختلف أنواعها. كما شملت التعديلات التي تمت بالقانون الإشارة إلى هيئتي المتحف المصري الكبير والمتحف القومي للحضارة المصرية واختصاصاتهما.
دعم الاستثمار السياحي، من خلال قانون إنشاء صندوق دعم السياحة والآثار الصادر بالقانون رقم 19 لسنة 2022، والذي نص على إنشاء صندوق “دعم السياحة والآثار، تتمثل مهمته في التعاون مع الجهات المختصة لدعم وتمويل الأنشطة الرامية إلى رفع قدرات وتأهيل العاملين في قطاعي السياحة والآثار، وتنشيط وتنمية الحركة السياحية، والارتقاء بجودة الخدمات والمواقع السياحية. كما يسهم في تمويل مشاريع المجلس الأعلى للآثار التي تتعلق بترميم وصيانة الآثار، وتطوير المناطق والمواقع الأثرية، إلى جانب إنشاء وتحديث المتاحف المصرية للحفاظ على التراث الحضاري الفريد وضمان استمراريته للأجيال القادمة، مما يعزز منظومة السياحة في مصر.
تطوير المتاحف المصرية وتعزيز استغلالها، من خلال القانون رقم 10 لسنة 2020 والخاص بتنظيم هيئة المتحف القومي للحضارة المصرية، كهيئة عامة اقتصادية تهدف إلى التعرف على الحضارة المصرية، وتوفير الخدمات والأنشطة الثقافية اللازمة للزائرين. وكذلك القانون رقم 9 لسنة 2020 المختص بإعادة تنظيم هيئة المتحف المصري الكبير كهيئة عامة اقتصادية تهدف إلى التعرف على الحضارة المصرية، وتوفير الخدمات والأنشطة الثقافية اللازمة للزائرين.
المحور الثاني: رفع القدرة التنافسية للمقصد السياحي المصري:
تم تنفيذ ذلك من خلال عدد من المسارات والاتجاهات، ولعل أبرزها:
1. رفع جودة الخدمات والبنية التحتية السياحية، وذلك من خلال:
تطوير وتأهيل جميع المناطق السياحية، مع افتتاح العديد من المطاعم والاستراحات السياحية، وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للزائرين، بالإضافة إلى تنظيم فعاليات متنوعة لإبراز عراقة الحضارة المصرية. وفي إطار حماية الآثار وتأمين المناطق الأثرية والسياحية، ركبت الدولة أنظمة مراقبة متكاملة تشمل كاميرات مراقبة في تلك المواقع.
التنمية المكانية والحضارية للمدن السياحية، حيث تقوم الهيئة العامة للتنمية السياحية بتقديم دعم للمحافظات ذات الطابع السياحي من خلال إعداد المخططات التنموية، أو في صورة دعم مالي. ومن أبرز الأمثلة على ذلك: تنمية مدينة ميدوم السياحية ببني سويف، كما أنشأت الهيئة 3 محطات تحلية لمياه البحر بمناطق التنمية بجنوب سيناء والبحر الأحمر.
2. تقديم الدعم لقطاع السياحة والعاملين به: تم إطلاق العديد من مبادرات البنك المركزي المصري لتشجيع توسع الاستثمارات بالقطاع ومساندته في أوقات الأزمات كجائحة كوفيد-19، ومنها:
مبادرة دعم قطاع السياحة في أكتوبر 2024، والتي تتضمن: توفير تسهيلات تمويلية للشركات السياحية بقيمة 50 مليار جنيه، بالإضافة إلى تيسيرات في سداد الأقساط بهدف زيادة الطاقة الاستيعابية للغرف الفندقية.
مبادرة إحلال وتجديد فنادق الإقامة والفنادق العائمة وأساطيل البناء السياحي.
مبادرة العملاء غير المنتظمين من الأشخاص الاعتبارية العالمية في قطاع السياحة.
مبادرة تأجيل استحقاقات الشركات العاملة في قطاع السياحة.
3. تطوير منظومة النقل: تمتلك مصر شبكة نقل واسعة ومتنوعة، وقد شهدت الفترة (2014-2024) عمليات تطوير وتعزيز لجودة تلك الطرق، وأبرزها:
بلغ إجمالي الطرق المستهدف تنفيذها ضمن المشروع القومي للطرق نحو 7 آلاف كيلو متر، تم تنفيذ 6300 كيلو متر منها بتكلفة 155 مليار جنيه، وتطوير وتحسين 38 كيلو متر من شبكة الطرق المحلية داخل المحافظات، وإعادة تأهيل نحو 1354 عربة قطار عادية من إجمالي 1385 عربة مخطط إعادة تأهيلها من قطارات السكك الحديدية.
تطوير وتنفيذ عدد من مشروعات التطوير بالمواني البحرية. هذا، فضلًا عن افتتاح قناة السويس الجديدة في 6 أغسطس 2015. وأدت كل تلك المشروعات إلى زيادة مساحات المواني البحرية لتصل إلى 75 مليون متر مربعًا في عام 2023، مقابل 40 مليون متر مربعًا عام 2014.
تطوير ورفع كفاءة المطارات المصرية، وافتتاح مطارات جديدة من بينها مطار العاصمة الإدارية.
4. جذب الوفود السياحية إلى مصر والترويج للسياحة المصرية: إطلاق العديد من المبادرات الداخلية والخارجية، ومن أبرزها:
خلال الفترة (2014- 2022)، إنتاج سلسلة أفلام لعرض المقومات السياحية والأثرية الفريدة في كل محافظة، بهدف التعريف بالتنوع الثقافي والطبيعي لمصر.
في سبتمبر 2022، الحملة الترويجية للاحتفال بمرور 200 عام على فك رموز الكتابة المصرية القديمة (حجر رشيد) وإحياءً لعلم المصريات.
في نوفمبر 2022، تم إطلاق حملة للترويج للسياحة المستدامة تحت شعار “حضارة من إلهام الطبيعة”، والتي عُقدت على هامش استضافة مصر لقمة المناخ (COP 27).
مارس 2023، الحملة الترويجية الجديدة لمصر في الأسواق الرئيسة بعنوان “Your Expectations are History“.
يوليو 2023، إطلاق حملات إعلانية للترويج للسياحة المصرية في ألمانيا والنمسا، بالإضافة إلى التعاقد مع خبير دولي لتنفيذ الحملة الترويجية لسياحة اليخوت ومشاركة مصر في معرض موناكو لليخوت الفائقة.
في عام 2023، إطلاق حملة دعائية خلال مباريات الدوري الإنجليزي بهدف الترويج للمقصد السياحي المصري.
في عام 2023، إطلاق الموقع الإلكتروني الترويجي الجديد للسياحة باللغة الإنجليزية من خلال الهيئة العامة للتنشيط السياحي.
في عام 2024، رعاية واستضافة العديد من البطولات الرياضية والمهرجانات والفعاليات المحلية والدولية، ومنها؛ معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55، والدورة الـ 31 لماراثون مصر الدولي بالأقصر، وحفل عيد الربيع الصيني بمنطقة أهرامات الجيزة، ومشروع سُفرة مصر الذي أطلقته منصة Google للفنون والثقافة بالتعاون مع مجلة راوي ومؤسسة نوايا، إلى جانب المشاركة في العديد من المعارض الدولية والإقليمية والبورصات السياحية العالمية.
في 27 أبريل 2024، تم تعزيز زيادة الاعتمادات المُخصصة للحملات المشتركة مع منظمي الرحلات وشركات الطيران، إلى جانب توسيع عدد اللغات المتاحة على الموقع الإلكتروني الترويجي للهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي (Experience Egypt).
إطلاق برنامج تحفيز الطيران، بهدف الحفاظ على أحد أهم مكونات المنتج السياحي المصري، والمتمثل في مقاعد الطيران القادمة إلى مصر، نظرًا لاعتماد غالبية السائحين على النقل الجوي كوسيلة رئيسة للوصول إليها، ويعتبر هذا البرنامج بمثابة أداة تسويقية واسعة الانتشار في الكثير من الدول، ويهدف إلى فتح أسواق من خلال تشغيل مسارات خطوط جوية جديدة وتنشيط الحركة في المطارات الإقليمية والمناطق السياحية المختلفة وضمان استمرار الحركة السياحية إلى مصر. حيث يُقدم البرنامج مزايا تحفيزية وحوافز إضافية عند تحقيق نمو مستدام مرة واحدة كل 6 أشهر، مقسمة لشرائح تصاعدية على الرحلات المحفزة، علاوة على تقليل وتبسيط الإجراءات الورقية والإدارية التي تستلزمها عملية التحفيز.
وعليه، ساهم البرنامج في تحقيق نمو بحركة الطيران السياحي تمثل في ارتفاع أعداد الركاب بنسبة 34% خلال عام 2023 مقارنة بعام 2022، متجاوزًا بذلك نسب النمو التي تستهدفها الوزارة وهي 30%، حيث بلغ عدد السائحين الوافدين على متن الرحلات المستفيدة من ذلك البرنامج أكثر من 7 ملايين راكب في عام 2023.
كما استضافت مصر معرض السياحة الإفريقية 2025 في شرم الشيخ يومي 13 و14 سبتمبر 2025، تحت شعار “شمس السياحة”. ويهدف المعرض إلى الترويج لمصر والأسواق الإفريقية الأخرى كوجهات سياحية. وتنظم المعرض شركة جي إم تي فورجيليك، واستقبل زوارَ من أكثر من 70 دولة، ويضم 100 علامة تجارية سياحية رائدة.
كما أطلقت الدولة المصرية مجموعة من المشروعات القومية التي استهدفت تنشيط الحركة السياحية وتعزيز مكانة مصر كوجهة سياحية عالمية، من أهمها:
مسار العائلة المقدسة:
يُعد مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة أحد أبرز المشروعات القومية في مصر، ويعكس اهتمام الدولة بالتراث الديني والثقافي وتعزيز السياحة الروحية. ويُنظر إلى هذا المشروع ليس فقط باعتباره مبادرة سياحية، بل كمشروع قومي متكامل ذي أبعاد دينية وثقافية واقتصادية. ويستهدف المشروع تطوير 25 موقعًا أثريًّا مرت بها العائلة المقدسة، من شمال سيناء حتى أسيوط، من خلال ترميم البنية التحتية وتحسين الخدمات والمرافق. كما يهدف إلى تنشيط السياحة الدينية، وتمكين المجتمعات المحلية اقتصاديًّا عبر توفير فرص عمل وتدريب على الصناعات الحرفية. ويجري تنفيذ المشروع على مراحل، بدعم مؤسسي يضم الوزارات المعنية والكنيسة، مع التخطيط لترويج المسار دوليًّا كحدث سياحي وروحي بارز، وتحقيق تنمية عمرانية شاملة بطول المسار.
المتحف القومي للحضارة المصرية:
يُجسد المتحف القومي للحضارة المصرية مشروعًا وطنيًّا رائدًا بدأت فكرة إنشائه من خلال إطلاق حملة دولية لإنشاء متحف النوبة بأسوان والمتحف القومي للحضارة المصرية بالقاهرة، أعلنت عنها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام 1982 بناءً على طلب من الحكومة المصرية. وقد تم تأسيسه في الفسطاط ليكون أول متحف يعرض تسلسل الحضارة المصرية من عصور ما قبل التاريخ حتى العصر الحديث، ويضم آلاف القطع الأثرية، إضافة إلى مرافق ثقافية وتعليمية متكاملة. وقد نال المتحف اهتمامًا عالميًّا مع افتتاحه الرسمي في أبريل 2021 عبر موكب المومياوات الملكية. كما يدعم المتحف الاقتصاد الإبداعي من خلال الترميم وصناعة المستنسخات الأثرية، ويواكب العصر بتطبيقات رقمية وتفاعلية تعزز التواصل مع الجمهور، ما يجعله منارة للثقافة والسياحة في مصر.
المحور الثالث: تعزيز المشاركة الاجتماعية ورفع كفاءة الموارد البشرية:
تنظيم وإطلاق سلسلة من الندوات التوعوية، والرحلات التثقيفية والسياحية، استهدفت مختلف فئات المجتمع المصري، بما في ذلك طلاب المدارس والجامعات، والشباب، والمرأة المعيلة، والأطفال، والأيتام، وذوو الهمم، إضافةً إلى دور العبادة، والمجتمعات المدنية، وأصحاب الحرف التراثية، والجيش الأبيض، وسكان المناطق البديلة للعشوائيات.
تفعيل قاعدة بيانات لتسجيل كافة بيانات العاملين في كافة الأنشطة بالقطاع السياحي، وذلك من أجل توفير رؤية أوضح بأعداد العاملين وحصر المهن المختلفة، وإمكانية تحديد البرامج التدريبية المستهدفة للقطاع، وتوفير الوقت والجهد على العاملين في عملية إصدار البطاقة الأمنية.
تدريب وتأهيل العاملين في قطاع السياحة بشكل مستمر، ففي عام 2024، قامت وزارة السياحة والآثار بتدريب وتأهيل لأكثر من 42960 من العاملين عبر مجالات متنوعة تشمل جودة الخدمات السياحية، وسلامة الغذاء، والسياحة المستدامة، وإدارة الأزمات. كما تم تنظيم دورات تدريبية متخصصة للمرشدين السياحيين وأصحاب البازارات، بهدف تعزيز مهاراتهم في تقديم خدمات متميزة للسائحين. كما أولت الوزارة اهتمامًا خاصًا بإعادة ترميم وصيانة المواقع الأثرية في مصر مع التركيز على تدريب العاملين على مهارات التواصل الفعال مع الزوار.
تم في يوليو 2025 إطلاق أول منصة إلكترونية للتدريب في مجالي السياحة والآثار في مصر، تحت اسم (EGTAP.com)، بهدف تقديم برامج تدريبية متنوعة ومعتمدة لرفع كفاءة وتأهيل الكوادر البشرية العاملة بالوزارة وبالقطاعين السياحي والأثري، وذلك بما يتماشى مع استراتيجية الدولة في بناء الإنسان وتعزيز التحول الرقمي.
المحور الرابع: تعزيز التحول الرقمي في القطاع السياحي:
اعتمدت وزارة السياحة والآثار استراتيجية حديثة تقوم على توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الترويج للمقاصد السياحية المصرية، بهدف الارتقاء بتجربة السائحين واستقطاب شرائح أوسع من الزوار عبر حملات تسويقية مبتكرة. ومن أبرز نماذج هذه الاستراتيجية، إعلان الوزارة بالشراكة مع شركة “ميتا” العالمية في 11 نوفمبر 2024 عن إطلاق مشروع إحياء التراث (Project Revival)، وهو مبادرة رقمية تهدف إلى إعادة إحياء الحضارة المصرية القديمة عبر تجارب تفاعلية تعتمد على تقنية الواقع المُعزز.
تقديم تيسيرات للحصول على التأشيرة السياحية من خلال نظام التأشيرة الإلكترونية الذي بدأ العمل به رسميًّا في 3 ديسمبر 2017. بحيث يمكن للسياح والمسافرين من أكثر من 74 دولة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، وسويسرا، والولايات المتحدة الأمريكية، الحصول على تصريح سفر قصير الأجل لدخول مصر لأغراض السياحة أو العمل. وتكون تأشيرة السياحة المصرية صالحة لمدة تصل إلى تسعين (90) يومًا.
تشغيل ماكينات الخدمة الذاتية لإصدار تذاكر زيارة المتاحف والمواقع الأثرية في عدد من المواقع الأثرية.
تطبيق نظام الحجز الإلكتروني للتذاكر والبوابات الذكية اعتبارًا من 20 أغسطس 2024، وذلك في 107 متاحف ومواقع أثرية موزعة على مختلف محافظات الجمهورية.
سبتمبر 2024، تم إطلاق مشروع “نظام المعلومات المركزي” لوزارة السياحة والآثار، والذي يهدف إلى توثيق البيانات، وتنفيذ برامج تدريبية، وتقييم الاحتياجات.
استحداث خدمة إرسال رسائل نصية قصيرة للسائحين عند وصولهم للترحيب بهم وتعريفهم برقم الخط الساخن الخاص بوزارة السياحة والآثار (١٩٦٥٤)، والذي يتعامل بعدة لغات للرد على استفساراتهم أو الاستماع لمقترحاتهم أو شكواهم بالإضافة لأرقام الطوارئ الأخرى كالإسعاف والشرطة.
المحور الخامس: التوازن البيئي واستدامة النشاط السياحي والأثري:
إطلاق برنامج “فندق النجمة الخضراء” (GSH) وهو برنامج تُديره الجمعية المصرية للفنادق (EHA) تحت رعاية وزارة السياحة المصرية. ويوفر فرصةً للفنادق العاملة في مصر للحصول على اعتراف دولي لتحسين أدائها البيئي والمعايير الاجتماعية، مع خفض تكاليف التشغيل. ويهدف البرنامج إلى تعزيز ممارسات السياحة المستدامة في مصر، مما يسهم في حماية البيئة ورفع كفاءة القطاع الفندقي.
في عام 2023، صدر القرار الوزاري باعتماد الاشتراطات والمعايير المصرية لتقييم الفنادق البيئية (Ecolodge)، بما يتماشى مع معايير تصنيف المنشآت الفندقية (HC)، التي تم إعدادها بالتعاون مع منظمة السياحة العالمية. وفي نفس العام تم الانتهاء من تقييم وترخيص 3 منشآت فندقية بيئية بواحة سيوة في محافظة مطروح، وهي تعتبر أول فنادق بيئية يتم تقييمها وفقًا لاشتراطات ومعايير تقييم الفنادق البيئية (Ecolodge).
إطلاق مشروع “تحويل مدينة شرم الشيخ إلى مدينة خضراء”، القائم على تنفيذ حزمة من الأنشطة البيئية بمدينة شرم الشيخ والتي تشمل؛ تطبيقات النقل المستدام والطاقة المتجددة.
خلال الفترة (يونيو 2022 – ديسمبر 2023) حصلت 264 منشأة فندقية في عدة محافظات (جنوب سيناء، البحر الأحمر، السويس، العين السخنة، القاهرة، الجيزة، الأقصر، أسوان، والإسكندرية) على شهادات الاستدامة البيئية، كما نال 44 مركز غوص ويخت سفاري في جنوب سيناء والبحر الأحمر شهادة “الزعانف الخضراء” (Green Fins).
إحداث طفرة في الاكتشافات الأثرية، حيث شهدت مصر في السنوات الأخيرة سلسلة متميزة من الاكتشافات الأثرية التي تجسد الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية للتراث الحضاري المصري، وعلى رأسها: اكتشاف مقبرة ملكية بمنطقة الوديان الغربية بالبر الغربي بالأقصر في يناير 2023، واكتشاف لأول مرة تحت مياه النيل بأسوان عدد من النقوش واللوحات والصور المصغرة لملوك (تحتمس الرابع، وأمنحتب الثالث، وبسماتيك الثاني، وإبريس) في يوليو 2024، واكتشاف أول مقبرة تعود إلى عصر الدولة الوسطى، بها العديد من الدفنات المغلقة لرجال ونساء وأطفال في نوفمبر 2024.
تكثيف جهود استرداد القطع الأثرية، حيث نجحت الدولة المصرية في استرداد نحو 29.2 ألف قطعة أثرية من عدد من الدول الأجنبية خلال الفترة (2014 – 2022). كما تم استرداد 53 قطعة أثرية من عدد من الدول الأجنبية وقطع أخرى أثرية تعود إلى الحضارة المصرية القديمة من متحفي وانجانوى، وساوث آيلاند بدولة نيوزيلاندا. وفي عام 2024، تم استرداد عدد من القطع الأثرية الأخرى من عدة دول من بينها رأس تمثال للملك رمسيس الثاني من سويسرا.
أولًا: عقود من العمل والالتزام: مسيرة إنشاء المتحف المصري الكبير
انطلقت فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير خلال تسعينيات القرن الماضي، حين برزت الحاجة إلى صرح ثقافي ضخم يعكس عراقة الحضارة المصرية القديمة، ويُعبّر عن الدور الرائد لمصر في حفظ التراث الإنساني، وقد تم اختيار موقع فريد يطل على أهرامات الجيزة الخالدة ليحتضن هذا المشروع الحضاري العملاق، وهو ما يؤكد الترابط الزمني والمكاني بين الماضي العريق والمستقبل الطموح.
وفي عام 2002، أعلنت الدولة المصرية، برعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين، عن مسابقة معمارية دولية لتصميم المتحف المصري الكبير، وقد فاز بالمسابقة التصميم المُقدم من مكتب “هينغهان بنغ” (Heneghan Peng Architects) للمهندسين المعماريين من أيرلندا، وهو تصميم فريد استلهم فكرته من أشعة الشمس الممتدة من قمم الأهرامات الثلاثة لتتلاقى مكونةً شكلًا مخروطيًّا يُجسد هيئة المتحف، بما يعكس الارتباط الرمزي بين الحضارة المصرية القديمة والطبيعة من جهة، وبين الماضي والحاضر من جهة أخرى.
في مايو 2005، تم البدء في تنفيذ مشروع المتحف فعليًّا، حيث جرى تمهيد الموقع وتجهيزه لإنشاء هذا الصرح العظيم، وفي عام 2006، وُضع حجر أساس آخر لصرح مهم داخل المشروع، وهو أكبر مركز لترميم الآثار في الشرق الأوسط، الذي خُصص لترميم وحفظ وصيانة وتأهيل القطع الأثرية المنتقاة لعرضها في قاعات المتحف، وقد تم افتتاح هذا المركز رسميًّا عام 2010، ليشكل ركيزة فنية أساسية تدعم المشروع بأكمله.
وفي عام 2017، تم الانتهاء الكامل من الهيكل الخرساني والمعدني لمباني المتحف بنسبة 100%، كما تم تسجيل القطع الأثرية على قواعد البيانات الخاصة بالمتحف، في خطوة بالغة الأهمية لتوثيق المقتنيات وتنظيم العرض.
مع حلول عام 2020، وصلت نسبة الإنجاز في الأعمال الإنشائية إلى 98%، كما أُنجز مشروع تطوير المناطق المحيطة بالمتحف، خاصة تطوير منطقة هضبة الأهرامات وربطها بالمتحف، بالتوازي مع نجاح مراكز الترميم في ترميم أكثر من 52 ألف قطعة أثرية.
في عام 2021، تم الانتهاء من 90% من البنية التحتية الرقمية بالمتحف، إلى جانب الانتهاء من 80% من أنظمة الاتصالات الذكية، وهو ما أتاح الانطلاق في تنفيذ سيناريو العرض المتحفي الخاص بكنوز الملك توت عنخ آمون، التي تُعرض بالكامل ولأول مرة.
وفي عام 2022، شهد بهو المدخل والدرج العظيم إنجازًا بنسبة 99.8%، كما انتهت أعمال تشطيب قاعة توت عنخ آمون بنسبة تجاوزت 99%، وتم تثبيت أكثر من 4700 قطعة من مقتنياته. كذلك جرى الانتهاء من 96% من تشطيبات قاعات العرض الرئيسة، وقد تم نقل أكثر من 56 ألف قطعة أثرية إلى المتحف.
في عام 2023، أُنجزت بالكامل عدة مكونات رئيسة للمتحف، شملت: بهو المدخل والدرج العظيم، وقاعات الملك توت عنخ آمون، ومتحف الطفل، ومبنى التذاكر، وميدان المسلة المعلقة، والحدائق المحيطة، والمباني الأمنية والخدمية، والمناطق الاستثمارية، وأنظمة التشغيل الإلكترونية، والتأمين والمراقبة، ومناطق انتظار السيارات.
هذا وقد بدأت وزارة السياحة والآثار مرحلة التشغيل التجريبي المحدود لضمان الجاهزية الكاملة، بالتوازي مع استكمال التجهيزات النهائية لقاعات العرض ومتحف مراكب خوفو، فضلًا عن نقل القطع الأثرية إلى أماكن عرضها الدائم.
ومن أبرز جهود الدولة المصرية لدعم المشروع تم إنشاء شبكة طرق محيطة بالمتحف، لحل مشكلات الازدحام المروري وتسهيل الوصول، وتطوير المحاور والتقاطعات المرتبطة بالمتحف، مثل طريق الفيوم والإسكندرية، إلى جانب تطوير محور المنصورية ومطار سفنكس الدولي.
وفي الإطار ذاته، عملت وزارة النقل على تطوير المشهد البصري للطريق الدائري وتوسعة العديد من القطاعات، مثل الطريق من الإسكندرية الصحراوي حتى وصلة الواحات، وإنشاء أنفاق جديدة مثل نفق صحاري الأهرام، ورفع كفاءة الكباري، وتكثيف الأعمال السطحية الخاصة بمحطات مترو الخط الرابع (المتحف الكبير – الرماية – الأهرامات)، والتي بلغت نسبة إنجازها 70%.
وفي إطار الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة المصرية بالمتحف المصري الكبير، صدر قرار رئاسي رقم 600 لسنة 2024، بإعادة تشكيل مجلس أمناء لهيئة المتحف المصري الكبير لمدة ثلاث سنوات برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية نخبة من الرموز المؤثرة والخبراء المحليين والدوليين، بهدف إقرار السياسة العامة للمتحف ودعم أنشطته. ويتولى إدارة المتحف مجلس إدارة برئاسة وزير السياحة والآثار، ويضم عددًا من المسؤولين التنفيذيين والخبراء في مجالات متعددة، لضمان تكامل الرؤى الأثرية والإدارية وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للمشروع.
وهكذا، يمثل مشروع المتحف المصري الكبير مسيرة وطنية شاملة امتدت لأكثر من عقدين من الزمن، تضافرت خلالها الجهود الحكومية والدولية، ليخرج هذا الصرح إلى النور كأحد أكبر المشروعات الثقافية في العالم، وأيقونة معمارية وسياحية تليق بمكانة مصر الحضارية.
ثانيًا: شراكات دولية لإنجاز مشروع المتحف المصري الكبير
1. الجهات المنفذة للمشروع:
تشمل الجهات المنفذة لمشروع المتحف المصري الكبير مجموعة من التحالفات والشركات المصرية والدولية، حيث تولت شركة “هينجان بنغ” مهام التصميم المعماري للمتحف المصري الكبير بعد فوزها في المسابقة الدولية الخاصة بذلك، بينما أسند تنفيذ سيناريو العرض المتحفي إلى شركة “أتيليه بروكنر” المتخصصة في تصميم المتاحف العالمية. أما الأعمال الإنشائية، فقد نُفذت من خلال تحالف يجمع بين شركة “أوراسكوم للإنشاء والصناعة” المصرية وشركة “بيسيكس” البلجيكية، في تعاون يعكس الشراكة بين الخبرات المحلية والدولية لإنجاز هذا المشروع الحضاري الضخم.
2. الدعم الدولي للمتحف المصري الكبير:
يحظى مشروع المتحف المصري الكبير بدعم دولي كبير، يأتي في مقدمته الدعم المقدم من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا)، التي لعبت دورًا محوريًّا في تحويل هذا الحلم الثقافي إلى واقع ملموس، من خلال تقديم دعم مالي وفني متكامل على مدار سنوات، ما جعل المتحف نموذجًا رائدًا للتعاون بين الدول في مجال الحفاظ على التراث الثقافي والحضاري.
فمن الناحية المالية، قدمت جايكا قرضين للمساعدات الإنمائية الرسمية، الأول عام 2008 والثاني عام 2016، بقيمة إجمالية تبلغ نحو 84.2 مليار ين ياباني، أي ما يعادل تقريبًا 800 مليون دولار أمريكي. وقد خصصت هذه القروض لتمويل إنشاء مبنى المتحف بما يشمله من قاعات عرض ومعارض وبنية تحتية متطورة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فضلًا عن تغطية الخدمات الاستشارية المرتبطة بالإشراف على أعمال الإنشاء والبناء والتوريدات الفنية اللازمة للمتحف.
أما على صعيد التعاون الفني، فقد أولت جايكا اهتمامًا خاصًا بدعم مركز ترميم الآثار بالمتحف المصري الكبير، وهو أكبر مركز لترميم الآثار في الشرق الأوسط، أنشئ في يونيو 2010. ويمثل هذا المركز حجر الزاوية في عمليات حفظ وصيانة آلاف القطع الأثرية التي سيتم عرضها في المتحف، بالإضافة إلى المقتنيات المخزنة لأغراض البحث والدراسة.
وقد مر التعاون الفني بين الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا) والمتحف المصري الكبير بعدة مراحل رئيسة تتمثل في:
مرحلة الإعداد (2008 – 2011):
ركزت هذه المرحلة على تطوير قاعدة بيانات أثرية دقيقة، حيث قام الخبراء اليابانيون بإعداد وتدريب فريق مصري لتولي هذه المهمة، مما ساعد على تحديث النظام السابق ليشمل معلومات أكثر تفصيلًا حول القطع الأثرية. كما شملت هذه المرحلة تنظيم ورش عمل تدريبية بالتعاون مع المعهد القومي لبحوث التراث الثقافي في طوكيو، بهدف رفع كفاءة العاملين المصريين في تقنيات الترميم.
مرحلة التدريب (2011 – 2016):
في هذه المرحلة، تم إرسال خبراء يابانيين متخصصين إلى مركز الترميم لتنفيذ برامج تدريبية أكثر تقدمًا، بهدف تعزيز القدرات والمهارات في الترميم، ليصبح المركز مؤهلًا وفقًا للمعايير العالمية. ونُظم أكثر من 100 برنامج تدريبي استفاد منها حوالي 2250 مشاركًا مصريًّا في مجالات متعددة مثل الترميم والحفظ والبحث الأثري.
مرحلة الترميم المصري الياباني المشترك (من نوفمبر 2016 حتى الآن):
تعد هذه المرحلة نقلة نوعية في التعاون المصري الياباني، حيث يعمل خبراء من البلدين سويًا على ترميم وتغليف ونقل 72 قطعة أثرية متميزة، تشمل قطعًا فريدة من كنوز الملك توت عنخ آمون مثل السرير الذهبي، المركبات الحربية، والملابس الملكية الشخصية. ويأتي هذا التعاون بهدف عرض هذه القطع النادرة داخل المتحف عند افتتاحه.
إلى جانب ذلك، قدمت جايكا أيضًا دعمًا كبيرًا في تنمية القدرات في الإدارة والعرض المتحفي، من خلال مشروع متخصص بدأ في أبريل 2016 وما يزال مستمرًا، يهدف إلى بناء نظام مستدام لإدارة وتشغيل المتحف، ويركز على تطوير مهارات الكوادر المصرية في مجالات الإدارة، وتكنولوجيا المعلومات، وتصميم العروض المتحفية، والبرامج التعليمية للزوار.
كما تدعم الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا) أعمال التنقيب والترميم لمركب الملك خوفو الثاني، المعروف أيضًا بـ”مركب الشمس الثاني”، وذلك بالتعاون مع معهد مركب الشمس في طوكيو. وقد اكتُشف هذا المركب عام 1987 على يد فريق ياباني برئاسة البروفيسور ساكوجي يوشيمورا، ويجري حاليًا ترميمه تمهيدًا لعرضه داخل المتحف المصري الكبير ليكون أحد أبرز معروضاته وعناصر الجذب السياحي فيه.
ويُظهر هذا التعاون الشامل بين مصر واليابان، من خلال جايكا، نموذجًا ناجحًا للتكامل بين التمويل الدولي، والخبرة الفنية، والتدريب البشري، في مشروع حضاري وثقافي ضخم بحجم المتحف المصري الكبير، الذي يُعد عند افتتاحه أكبر متحف مخصص لحضارة واحدة في العالم، ورمزًا للتعاون الدولي في خدمة التراث الإنساني.
ثالثًا: حكاية مصر في متحف: مزيج من العمارة، التراث، والتجربة التفاعلية
1. المجموعة الأثرية الفريدة:
يضم المتحف المصري الكبير مجموعة فريدة من الكنوز الأثرية، أبرزها المجموعة الكاملة للملك الذهبي توت عنخ آمون، التي تُعرض لأول مرة كاملة منذ اكتشاف مقبرته في نوفمبر 1922. كما يحتضن المتحف مجموعة الملكة حتب حرس، والدة الملك خوفو منشئ الهرم الأكبر، إلى جانب متحف مراكب الملك خوفو الذي أُدمج ضمن نطاقه. ويضم كذلك عددًا ضخمًا من المقتنيات الأثرية التي تمتد من عصور ما قبل الأسرات وصولًا إلى العصرين اليوناني والروماني، بما يعكس التسلسل الحضاري لمصر عبر آلاف السنين، ويوفر للزائرين تجربة تاريخية وبصرية ومعرفية لا مثيل لها.
كما يحتوي المتحف على متحف مركب الشمس بمساحة تصل إلى ٤ آلاف متر مربع، حيث يعرض واحدة من أهم القطع الأثرية التي تعكس حضارة الفراعنة.
ويضم المتحف أيضًا مخازن أثرية على مساحة 4 آلاف متر مربع، تحتوي على نحو 50 ألف قطعة معدة للدراسة والبحث العلمي.
2. التصميم والمساحات:
يبدأ المتحف من المدخل الرئيسي الذي يمتد على مساحة 7 آلاف متر مربع، ويستقبل الزائرين بتمثال الملك رمسيس الثاني وعدد من القطع الأثرية الضخمة التي تضفي على المدخل هيبة وعراقة التاريخ المصري القديم. يلي ذلك الدرج العظيم، الذي يمتد على مساحة 6 آلاف متر مربع بارتفاع يعادل ستة أدوار، ويضم 87 قطعة أثرية ضخمة، بما يعكس التسلسل الزمني للحضارة المصرية في تصميم مبهر.
وفي قلب المتحف تقع قاعة الملك توت عنخ آمون، التي تمتد على مساحة 7,5 ألف متر مربع، وتُعد من أبرز معالم المتحف، حيث تحتضن أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية نادرة، تُعرض مجتمعة لأول مرة في التاريخ.
وتكمل قاعات العرض الدائم، بمساحة 18 ألف متر مربع، الصورة الشاملة للحضارة المصرية القديمة من خلال عرض آلاف القطع الأثرية التي تسرد تطور الفن والدين والعلوم في مصر القديمة، بينما توفر قاعات العرض المؤقت، التي تبلغ مساحتها 5 آلاف متر مربع، مرونة لاستضافة معارض متغيرة تسلط الضوء على موضوعات مختلفة من التراث المصري والعالمي.
وبالنسبة للساحات الخارجية للمتحف الكبير تتميز بتصميمها الواسع والمتنوع الذي يدمج بين المساحات الخضراء والمرافق الخدمية والترفيهية. ويقع مطعم الأهرامات على مساحة ٦ آلاف متر مربع، ويتميز بإطلالة رائعة على أهرامات الجيزة، بالإضافة إلى مطعم حديقة المعبد بمساحة ٣ آلاف متر مربع لخدمة زائري المتحف.
يوجد مبنى متعدد الاستخدامات بمساحة ١٧ ألف متر مربعًا يلبي احتياجات الفعاليات المختلفة، كما تمتد الحديقة الترفيهية على مساحة واسعة تبلغ ٥٨ ألف متر مربعًا أمام مركز المؤتمرات في المنطقة الشمالية، لتوفير تجربة ممتعة للعائلات والزوار. كما تضم المنطقة الجنوبية حديقة المعروضات بمساحة ١٩ ألف متر مربعًا، وتحتوي على قطع أثرية ضخمة تُعرض في الهواء الطلق.
تضم الساحات أيضًا حديقة المعبد بمساحة ١٥ ألف متر مربعًا تضم النباتات العطرية التي كانت معروفة في الحضارة المصرية القديمة، إضافة إلى حديقة أرض مصر التي تبلغ مساحتها ١٧ ألف متر مربعًا، وتقع غرب مبنى المتحف، حيث تحاكي البيئة الزراعية لمصر القديمة. كما توجد حديقة الطفل بمساحة ٨ آلاف متر مربع لتوفير مساحة ترفيهية وتعليمية للأطفال.
تنتشر منطقة الكثبان الرملية على مساحة شاسعة تبلغ ٨٠ ألف متر مربعًا في الجنوب الغربي من المبنى، ويوجد مدرج الأهرام الذي يربط بين حديقة المعبد ومنطقة الكثبان الرملية مع إطلالة بانورامية على أهرامات الجيزة من الجنوب. ولتيسير حركة الزائرين، تم تخصيص موقف سيارات واسع بمساحة ٣٠ ألف متر مربعًا.
3. المرافق الثقافية والتعليمية والترفيهية:
ولا يقتصر المتحف على كونه مكانًا لعرض الآثار فحسب، بل يضم بين جنباته عددًا من المرافق الثقافية والتعليمية والترفيهية التي تضيف بُعدًا تكامليًّا لتجربة الزوار؛ حيث تم تخصيص مساحة 5 آلاف متر مربع لإنشاء متحف الطفل، والذي يُقدم محتوى تفاعليًّا وتعليميًّا يلائم الفئات العمرية الصغيرة، كما يضم مركزًا تعليميًّا مجهزًا وقاعات مخصصة للعرض المؤقت، يُمكن من خلالها استضافة معارض وفعاليات ثقافية متنوعة، بالإضافة إلى سينما ومركز متكامل للمؤتمرات يعزز من مكانة المتحف كمركز دولي للفعاليات الثقافية والعلمية.
كما تم تخصيص 880 مترًا مربعًا لفصول الحرف والفنون التي تضم خمسة فصول لتعليم الحرف اليدوية التراثية، إضافة إلى قاعات عرض مخصصة لذوي القدرات الخاصة بمساحة 650 مترًا مربعًا، لتضمن تجربة متكاملة وشاملة لجميع الزوار.
فضلًا عن مكتبة رئيسة بمساحة 1,1 ألف متر مربع، ومكتبة للكتب النادرة بمساحة 250 مترًا مربعًا، ومكتبة المرئيات بمساحة 325 مترًا مربعًا، ما يعزز دور المتحف كمركز بحثي وتعليمي.
أما على صعيد الفعاليات والمؤتمرات، فقد تم إنشاء مركز للمؤتمرات يحتوي على قاعة كبرى متعددة الاستخدامات بمساحة 3 آلاف متر مربع تتسع لنحو 900 فرد، إلى جانب قاعة عرض ثلاثي الأبعاد بمساحة 700 متر مربع وسعة 500 فرد، مما يتيح استضافة عروض ومؤتمرات على أعلى مستوى. كما يحتوي الدور العلوي على حديقة واستراحة لاستقبال كبار الزوار بمساحة 225 مترًا مربعًا، بالإضافة إلى مركز ثقافي بمساحة 1,4 ألف متر مربع يضم 10 فصول دراسية وقاعتي محاضرات وقاعة كمبيوتر.
وقد أُنشئت أيضًا مناطق تجارية داخل المتحف تشمل مجموعة متنوعة من المحال التجارية والمطاعم التي تخدم الزوار، وتوفر لهم خيارات متعددة في أثناء زيارتهم إلى جانب مساحات خضراء وحدائق ومتنزهات تُضفي على المكان لمسة جمالية، وتُسهم في راحة الزائرين وتمكينهم من قضاء يوم كامل داخل هذا الصرح بما يجمع بين المعرفة والترفيه والخدمات.
وفي أبريل 2021، تم توقيع عقد لتقديم وتشغيل خدمات الزائرين بالمتحف مع تحالف “حسن علام”، والذي يضم مجموعة من الشركات المصرية والدولية ذات خبرات متنوعة في مجالات إدارة الأعمال، والتسويق، والضيافة، والترويج، والجودة، والصحة، والسلامة المهنية. ويهدف هذا التعاقد إلى ضمان تقديم أعلى مستوى من الخدمات التي تليق بمكانة المتحف وزواره، مع الالتزام بتطبيق أرقى المعايير العالمية في إدارة تجربة الزائر داخل المتحف.
لذا يُعد المتحف المصري الكبير تتويجًا لمسيرة طويلة من العمل الدؤوب والتخطيط المتقن والجهد المشترك بين مؤسسات الدولة والخبرات الوطنية والدولية منذ لحظة إطلاق فكرته في التسعينيات وحتى اكتمال بنائه وإعداد مكوناته المختلفة، فقد أصبح صرحًا يجمع بين العراقة والحداثة، ويُجسد رؤية الدولة المصرية في تقديم التراث بأسلوب علمي ومعماري وثقافي متكامل يُعلي من قيمة التاريخ، ويضعه في قلب الحاضر ليستمر في إلهام الأجيال المقبلة.
رابعًا: المتحف المصري الكبير: استثمار حضاري لمصر والعالم
وعلى صعيد الدولة المصرية، سيلعب المتحف المصري الكبير دورًا محوريًّا في تحقيق عدد من المنافع، منها ما يلي:
1. المنافع الاقتصادية: يُتوقع أن يسهم المشروع في خلق فرص عمل دائمة في مجالات متعددة، إلى جانب توفير فرص واسعة في قطاع الخدمات. كما يُنتظر أن يدعم أنشطة اقتصادية مرتبطة بالمتحف في مجالات مثل البناء والنقل والتأمين والخدمات والتصنيع، مما يعزز من دوره كمحرك للتنمية الاقتصادية.
2. المنافع التنموية المحلية: من خلال تطوير المناطق المحيطة بالمتحف المصري الكبير، وإنشاء مطاعم ومراكز حرفية ومحلات تجارية وفنادق ومراكز تسوق. وتطوير منطقة الأهرامات، وربطها بالمتحف المصري الكبير وبعض الفنادق المهمة. وإنشاء وتطوير طرق لتسهيل الوصول إلى المتحف المصري الكبير.
3. المميزات السياحية: سيرفع مشروع المتحف الكبير مستوى الخدمات السياحية، ويزيد عدد السياح الدوليين. علاوة على ذلك، سيكون المتحف حافزًا للسياح لتمديد إقامتهم نتيجة لتقديم خدمات متنوعة تستهدف جميع فئات السياح. كما سيعكس المتحف المصري الكبير حرص مصر على إتاحة زيارة أكبر متحف للحضارة المصرية القديمة في العالم بتقنيات حديثة، بما يسهم في جذب اهتمام المؤسسات الثقافية والزوار من مختلف أنحاء العالم.
4. تطوير السياحة الثقافية: حيث يجذب ملايين الزوار سنويًّا ليقدّم لهم تجربة فريدة تدمج بين الآثار الفرعونية العريقة وتقنيات العرض الحديثة، مما يعزز مكانة مصر كوجهة عالمية رائدة للتراث الحضاري، ووفقًا لمؤسسة فيتش (Fitch)، يُعد المتحف المصري الكبير أكبر متحف في العالم مُخصصًا لحضارة واحدة، ويمتد على مساحة 120 فدانًا، وسيعرض 100 ألف قطعة أثرية، ومن المتوقع أن يجذب 5 ملايين زائر سنويًّا.
5. الترويج لسياحة المؤتمرات: سيعمل المتحف المصري الكبير على الترويج لسياحة المؤتمرات في مصر، حيث يضم مركزًا للمؤتمرات الدولية.
6. تعزيز الهوية الوطنية: يعكس المتحف عظمة الحضارة المصرية، ويعزز فخر المصريين بتاريخهم العريق.
7. الترويج للسياحة التعليمية: حيث يضم المتحف المصري الكبير (مركزًا للتعليم والتدريب – مركزًا للفنون والحرف – مكتبة المصريات)، مما يرفع من وعي الأجيال الجديدة بتاريخهم وثقافتهم.
8. الترويج للسياحة الترفيهية: حيث يضم المتحف المصري الكبير (حدائق، أوبرا، سينما، مسارح، متاجر، قاعات طعام، أنشطة ترفيهية، وقريب من الفنادق المحيطة).
لقد نجح المتحف في دمج المعايير البيئية والابتكارات التكنولوجية الحديثة في كل مراحل إنشائه وتشغيله، ليصبح نموذجًا عالميًّا يُحتذى به في بناء وإدارة المؤسسات الثقافية المستدامة. وقد تُوّجت هذه الجهود بحصوله على عدد من الشهادات الدولية والمحلية المرموقة التي تعكس التزامه الكامل بالجودة والاستدامة والتميز في الأداء، ومنها:
1. الشهادات الدولية (الأيزو):
شهادة ISO 45001:2018 وهي شهادة دولية في مجال الصحة والسلامة المهنية، تعكس التزام المتحف بتطبيق أفضل معايير الأمان والحماية للموظفين والزوار.
شهادة ISO 14001 في مجال إدارة البيئة، وهي شهادة تؤكد التزام المتحف بتقليل الأثر البيئي لأنشطته، واعتماد أفضل الممارسات البيئية.
شهادة ISO 9001 في نظم إدارة الجودة، التي تُمنح للمؤسسات التي تلتزم بأعلى معايير الجودة في الإدارة والخدمات المقدمة.
شهادة ISO/PAS 45005:2020 وهي شهادة متخصصة بإدارة المخاطر الناشئة عن فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وقد حصل عليها المتحف في مارس 2021 لحرصه على حماية صحة الزائرين والعاملين والتعامل باحترافية مع الأزمة.
2. الجوائز والشهادات البيئية:
الشهادة الذهبية للبناء الأخضر والاستدامة حصل عليها المتحف في أكتوبر 2022 من المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء، وفقًا لنظام “الهرم الأخضر المصري”، وهي شهادة تُمنح للمشروعات التي تطبق أعلى معايير البناء الأخضر والتأثير الإيجابي على الاقتصاد والبيئة والمجتمع.
جائزة “أفضل مشروع في مجال البناء الأخضر“ حصدها المتحف خلال عام 2022، في أثناء منتدى البيئة والتنمية – الطريق إلى مؤتمر شرم الشيخ لتغير المناخ COP27، الذي نظمه المجلس العربي للمياه تحت رعاية جامعة الدول العربية، بمشاركة 12 دولة عربية وأجنبية.
جائزة أفضل نموذج لبناء المنشآت الذكي ضمن جوائز BIM Model Award خلال عام 2023، حيث تم تكريم المتحف لتميزه في استخدام نماذج البناء المعلوماتي (Building Information Modeling) في تصميمه وتنفيذه.
شهادة(EDGE) Advanced Green Building certification حصل عليها المتحف المصري الكبير من مؤسسة التمويل الدولية (IFC) عام 2024 كأول متحف أخضر في إفريقيا والشرق الأوسط.
جائزة فيرساي العالمية، جائزة “Prix Versailles”برعاية اليونيسكو، والتي حصل بموجبها المتحف المصري الكبير على تصنيف ضمن أجمل سبعة متاحف في العالم لعام 2024.
جائزة المشروعات الأفضل للعام على مستوى العالم لمستخدمي نماذج العقود الدولية فيديك (FIDIC) 2024 حصل عليها المتحف المصري الكبير من الاتحاد الدولي للاستشارات الهندسية (FIDIC).
حصل المتحف المصري الكبير في سبتمبر 2025 على اعتماد رسمي لتقرير شامل بشأن الغازات الدفيئة، وذلك بعد اعتماده من الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، وبالتعاون مع المجلس الوطني للاعتماد (EGAC)، ويغطي التقرير الجوانب البيئية كافة، بما في ذلك قياس الانبعاثات الكربونية الناتجة عن أنشطة المتحف خلال مراحل التشغيل، وفقًا لأعلى المعايير الدولية.