شئ للوطن- م.صلاح غريبة – الاقتصاد الأزرق في السودان بين الكفاءة والاستدامة
شئ للوطن
م.صلاح غريبة – مصر
Ghariba2013@gmail.com
الاقتصاد الأزرق في السودان بين الكفاءة والاستدامة
يواجه العالم تحديات اقتصادية وبيئية متزايدة، مما يدفع العديد من الدول إلى البحث عن آفاق جديدة للتنمية. يأتي الاقتصاد الأزرق كواحد من أهم هذه الآفاق، حيث يمثل استغلال الموارد البحرية بطريقة مستدامة لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي والحفاظ على البيئة. في السودان، الذي يتمتع بواجهة بحرية واسعة وأنهار عريضة، يكتسب الاقتصاد الأزرق أهمية خاصة كمحرك للتنمية الشاملة والمستدامة.
يشمل الاقتصاد الأزرق مجموعة واسعة من الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالمحيطات والبحار والموارد المائية الداخلية، مثل الصيد، وتربية الأحياء المائية، والنقل البحري، والسياحة البحرية، واستخراج الطاقة المتجددة من المحيطات، والبحار والتكنولوجيا الحيوية البحرية، وغيرها.
تكمن الأهمية الاستراتيجية للاقتصاد الأزرق في الأمن الغذائي، ويمثل الاقتصاد الأزرق مصدراً هاماً للأمن الغذائي من خلال توفير الأسماك والمنتجات البحرية، بجانب التنمية الاقتصادية، حيث يساهم الاقتصاد الأزرق في تنويع مصادر الدخل وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، بجانب أنه يوفر فرص عمل جديدة للشباب، خاصة في المناطق الساحلية، ويشجع على ممارسات صديقة للبيئة للحفاظ على الثروة السمكية والتنوع البيولوجي البحري، ويمكن أن يساهم في التكيف مع آثار تغير المناخ من خلال تطوير أنظمة إنذار مبكر، وحماية المناطق الساحلية، وتطوير الزراعة المقاومة للملوحة.
الإمكانات الهائلة للاقتصاد الأزرق في السودان تتمثل في الموارد الطبيعية، فيتميز السودان بوجود مساحات شاسعة من المياه العذبة والمالحة، والتي تحتوي على ثروة سمكية متنوعة وموارد طبيعية أخرى، بجانب الموقع الجغرافي، فيقع السودان على البحر الأحمر، مما يوفر له موقعاً استراتيجياً للتجارة والنقل البحري، والطلب العالمي المتزايد. فيشهد العالم طلباً متزايداً على المنتجات البحرية، مما يوفر فرصاً كبيرة للسودان.
التحديات التي تواجه تنمية الاقتصاد الأزرق في السودان نقص الاستثمارات، ويعاني القطاع من نقص الاستثمارات في البنية التحتية والتكنولوجيا، ويؤثر التلوث الصناعي والزراعي على جودة المياه ويؤثر سلباً على الثروة السمكية، كما يهدد الصيد الجائر استدامة الثروة السمكية، ويعاني القطاع من نقص الكفاءات في مجال إدارة الموارد البحرية، وتؤثر التغيرات المناخية على ارتفاع مستوى سطح البحر وتحمض المحيطات، مما يهدد النظم البيئية البحرية.
الرؤية المستقبلية للاقتصاد الأزرق في السودان تتمثل في الاستدامة، فيجب أن يكون الهدف الرئيسي هو تحقيق التنمية المستدامة من خلال الاستخدام الرشيد للموارد البحرية والحفاظ على البيئة، مع الحوكمة الرشيدة، بوضع إطار قانوني وتنظيمي واضح لتنظيم الأنشطة الاقتصادية في المجال البحري، ويجب تعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتطوير القطاع، مع الاستثمار في البحث والتطوير لتطوير تقنيات جديدة في مجال الاستزراع السمكي، واستخراج الطاقة المتجددة، ومعالجة المياه، وتوعية المجتمع المحلي بأهمية الحفاظ على البيئة البحرية والمشاركة في جهود التنمية المستدامة.
يمثل الاقتصاد الأزرق في السودان فرصة تاريخية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة. من خلال الاستغلال الأمثل للموارد البحرية، يمكن للسودان أن يحقق الأمن الغذائي، ويوفر فرص عمل، ويحافظ على البيئة، ويعزز مكانته الإقليمية والدولية. يتطلب ذلك تضافر الجهود من قبل الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لوضع استراتيجية شاملة لتنمية الاقتصاد الأزرق، والاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيا، وتطوير الكفاءات، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي.