“جسور العطاء”: تعاون مصري-نوبي – سوداني لدعم صمود التعليم في السودان

107

شئ للوطن
م.صلاح غريبة – مصر
Ghariba2013@gmail.com

“جسور العطاء”: تعاون مصري-نوبي – سوداني لدعم صمود التعليم في السودان

 

إنَّ التعليم هو حجر الزاوية في بناء الأمم ومستقبلها، وفي أوقات الأزمات والحروب، يصبح دعمه وإسناده ضرورة قصوى لضمان عدم ضياع جيل بأكمله. وفي هذا السياق، تأتي المبادرة المشتركة التي تجسدت في توقيع بروتوكول التعاون بين المؤسسة المصرية النوبية للتنمية بالقاهرة، وشريكتها جمعية دنقلا للثقافة والتراث النوبي، ومنظمة شركاء للتنمية بالسودان، لتُضيء شمعة أمل في ظلام التحديات التي يواجهها قطاع التعليم السوداني.

يُعدّ هذا التوقيع تتويجًا للإحساس العميق بالمسؤولية المشتركة والروابط الأخوية التي تجمع بين الشعبين المصري والسوداني، ولا سيما الامتداد النوبي المشترك. ما يُميز هذا البروتوكول ليس فقط الالتزام النظري، بل الطابع العملي والمحدد لخطواته، حيث نصّ على التعاون المشترك لدعم وإسناد التعليم في 5 ولايات سودانية كمرحلة أولى، بواقع عشر مدارس في كل ولاية. هذا التحديد الدقيق للأهداف والمستفيدين يضمن فاعلية الدعم ووصوله إلى المناطق الأكثر تضرراً وحاجة.

قد جاء الاتفاق ليُركز على الدعم بالمواد العينية ذات الأثر المباشر، بدءاً من مواد البناء والأثاث (الإجلاس)، ووصولاً إلى توفير الكتاب المدرسي. هذا النوع من الدعم حيوي للمدارس التي تضررت بفعل الحرب أو تلك التي استُخدمت كمأوى للنازحين. إنَّ إعادة تأهيل هذه المنشآت وتجهيزها لا يمثل مجرد ترميم للمباني، بل هو إعادة للحياة الكريمة إلى العملية التعليمية، وتأكيد على أن التعلم لا يمكن أن يتوقف حتى في أصعب الظروف.

إنَّ أسماء الموقعين والداعمين للمبادرة، كالدكتور عبد الرحمن علي خيري، والأستاذة هند صيام، والدكتورة وفاء التجاني، وبمباركة المستشار محمد عوض والأستاذ مسعد هركي، تعكس التزاماً قيادياً واسعاً من مختلف الأطراف. وتأتي كلمة الأستاذ مسعد هركي لتؤكد على بُعد مهم للمبادرة، وهو إشراك رجال الأعمال المصريين وحثهم على الدعم والمساندة. هذا التوسع في دائرة المشاركة يحوّل المبادرة من مجرد اتفاق بين مؤسسات إلى حركة مجتمعية شاملة تؤمن بأهمية التعليم كقضية عابرة للحدود والأزمات.

أكدت الدكتورة وفاء التجاني على العمل بجد لتحقيق أهداف البروتوكول، مشيرةً إلى أن “له ما بعده إن شاء الله”. هذه العبارة تحمل دلالة عميقة بأن هذا التوقيع ليس مجرد نهاية لمفاوضات، بل هو نقطة انطلاق لجهود مضنية ومستمرة. إنَّ نجاح المرحلة الأولى سيكون حافزاً للتوسع ليشمل ولايات ومدارس أخرى، مما يجعل هذه المبادرة نموذجاً يحتذى به في التكافل الإقليمي.

إنَّ الأمل معقود على أن ينجح هذا التعاون في تخفيف العبء عن كاهل الأسر السودانية، وتمكين الطلاب من العودة إلى مقاعد الدراسة ببيئة تعليمية لائقة. إنها رسالة قوية تؤكد أن الروابط الثقافية والتاريخية العميقة قادرة على أن تتحول إلى طاقة إغاثية وتنموية فعلية في أشد الأوقات حاجة. بالدعم المقدم للتعليم اليوم هو استثمار في الاستقرار والسلام والازدهار المستقبلي للسودان.

مصدر المقال

لتصفح صحيفة صوت الشمالية العدد 395 الصادر يوم الثلاثاء 04 نوفمبر 2025, مستخدما تطبيق Google drive، اضغط هنا .. ……!

Leave A Reply

Your email address will not be published.