شئ للوطن . م.صلاح غريبة – ضرورة إنشاء مجلس أعلى لإدارة الكوارث ودرء المخاطر بالولاية الشمالية
شئ للوطن
م.صلاح غريبة – مصر
Ghariba2013@gmail.com
ضرورة إنشاء مجلس أعلى لإدارة الكوارث ودرء المخاطر بالولاية الشمالية
تواجه الولاية الشمالية، بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي وطبيعتها الجيولوجية المتنوعة، تحديات جمة تتمثل في تكرار حدوث الكوارث الطبيعية والبشرية. إن هذه الكوارث لا تهدد حياة المواطنين وممتلكاتهم فحسب، بل تعيق التنمية المستدامة وتؤثر سلباً على الاقتصاد المحلي. لذا، فإن إنشاء مجلس أعلى لإدارة الكوارث ودرء المخاطر في هذه الولاية يمثل ضرورة ملحة لضمان صمود المجتمع وتحقيق المرونة في مواجهة الأزمات.
تتميز الولاية الشمالية بأهمية استراتيجية كونها معبراً رئيسياً بين مصر والسودان والقارة الأفريقية. هذه الأهمية تجعلها نقطة جذب للعديد من الأنشطة الاقتصادية والتجارية، مما يزيد من الكثافة السكانية والضغط على الموارد الطبيعية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الولاية تتميز بظروف بيئية حساسة تجعلها عرضة للعديد من المخاطر، منها الفيضانات نتيجة الأمطار الغزيرة المفاجئة وتدفق السيول من المناطق الجبلية، خاصة خلال فصل الخريف، كما يؤثر الجفاف في بعض المناطق والخاصة البعيدة عن مجرى النيل، تؤثر على الزراعة وتربية المواشي ويؤدي إلى شح المياه، خاصة في فصل الصيف، كما تسبب العواصف الترابية والزحف الصحراوي تدهوراً في الرؤية وتلوث الهواء وتضرر المحاصيل والبنية التحتية، وتساهم التغيرات المناخية في زيادة حدة وشدة الكوارث الطبيعية، مثل التغيرات مواعيد الفصول وتداخلها، وهطول الأمطار في منطقة لا تعرف للأمطار سبيلا، وزيادة وتيرة وشدة العواصف.
يهدف إنشاء مجلس أعلى لإدارة الكوارث ودرء المخاطر في الولاية الشمالية إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، منها وضع إطار مؤسسي لتحديد المسؤوليات والواجبات وتنظيم الجهود المبذولة في مجال إدارة الكوارث، وتقييم المخاطر بإجراء دراسات شاملة لتحديد المخاطر المحتملة وتقييم احتمالية وقوعها وأثرها، ووضع وإعداد خطط طوارئ مفصلة لكل نوع من الكوارث، تحدد الإجراءات التي يجب اتخاذها قبل وأثناء وبعد وقوع الكارثة، والتنسيق بين الجهات المعنية وبناء شراكات فعالة بين مختلف الجهات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني لضمان التنسيق والتكامل في جهود الاستجابة للإغاثة والإنقاذ، بجانب برامج تدريب وتأهيل الكوادر بتوفير برامج تدريبية متخصصة لرفع كفاءة العاملين في مجال إدارة الكوارث، وتزويدهم بالمهارات والمعارف اللازمة للتعامل مع مختلف أنواع الحالات الطارئة، وتوعية المجتمع بنشر ثقافة الوقاية من الكوارث وتزويد المواطنين بالمعلومات اللازمة لاتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية أنفسهم وعائلاتهم، ودعم البحوث والتطوير والدراسات العلمية في مجال إدارة الكوارث، وتطوير التقنيات الحديثة لتوقع الكوارث والإنذار المبكر بها.
يمكن للمجلس الأعلى أن يعمل من خلال عدة آليات، منها اللجان المتخصصة المشكلة لدراسة جوانب محددة من إدارة الكوارث، مثل التقييم، والتخطيط، والاستجابة، والإغاثة، وإعادة التأهيل، وانشاء قاعدة بيانات متكاملة تضم جميع المعلومات المتعلقة بالمخاطر والخطط الطوارئ والموارد المتاحة، وتطوير نظام إنذار مبكر فعال للتنبيه عن اقتراب الكوارث وإعطاء الوقت الكافي للإخلاء والتحضير للاستجابة، وبناء علاقات تعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية العاملة في مجال إدارة الكوارث.
إن إنشاء مجلس أعلى لإدارة الكوارث ودرء المخاطر في الولاية الشمالية يمثل استثماراً طويل الأجل في حماية الأرواح والممتلكات وتحقيق التنمية المستدامة. من خلال توفير الإطار المؤسسي اللازم وتنسيق الجهود المبذولة، يمكن للمجلس أن يساهم في بناء مجتمع أكثر صموداً وقدرة على مواجهة التحديات المستقبلية.
يجب أن يكون المجلس الأعلى ممثلاً لكافة القطاعات المعنية بإدارة الكوارث، بما في ذلك الحكومة المحلية، والوزارات المعنية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، بجانب تخصيص ميزانية كافية لتمويل أنشطة المجلس وبرامجه، وان يتم تفعيل دور المجتمع المدني في التوعية والتدريب والمشاركة في عمليات الاستجابة والإغاثة، وربط المجلس الأعلى بالشبكات الإقليمية والدولية المعنية بإدارة الكوارث.