شئ للوطن | صلاح غريبة يكتب ….. قمة الدوحة 2025: رهان التنمية في زمن الصراعات

70

شئ للوطن
م.صلاح غريبة – مصر
Ghariba2013@gmail.com

قمة الدوحة 2025: رهان التنمية في زمن الصراعات

تنطلق القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية في العاصمة القطرية الدوحة في الفترة من 4 إلى 6 نوفمبر الجاري، لتشكل محطة مفصلية في مسيرة الأمم المتحدة نحو تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة. هذه القمة تأتي بعد ثلاثة عقود من القمة الأولى في كوبنهاغن عام 1995، حيث تعهدت الحكومات بجعل القضاء على الفقر وتوفير فرص العمل الكاملة والتكامل الاجتماعي محاور أساسية للتنمية.

ومع وصول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لحضور القمة، يتجدد التركيز العالمي على تحديات معقدة تتطلب تعاوناً دولياً غير مسبوق، وعلى رأسها تفاقم أوجه عدم المساواة، والبطالة، والفقر، والصراعات، وانتشار المعاناة الإنسانية.

تهدف قمة الدوحة إلى أن تكون منصة محورية للحوار والتعاون والحلول المشتركة، تسعى إلى بناء مجتمعات أكثر مرونة وشمولية واستدامة. فبينما أحرز العالم تقدماً اجتماعياً في العقود الماضية، لا تزال التفاوتات العميقة والفقر المستمر والافتقار إلى العمل اللائق وأزمة المناخ تترك الكثيرين متخلفين عن الركب.

إن تركيز الأمين العام في كلمته على التقدم المحرز منذ عام 1995، إلى جانب التحديات العالمية الكبرى الحالية، يوضح أن القمة لا تهدف فقط إلى الاحتفال بالإنجازات، بل إلى تجديد الالتزام وتحديد مسار جديد يتجذر في التضامن والإنصاف والاستدامة، وهو أمر يكتسب أهمية خاصة في ظل الدعوة إلى إجراءات جريئة لتسريع التقدم في التنمية الاجتماعية في إطار أجندة 2030.

كما يتضح من البرنامج، فإن الفعاليات ستركز على مواضيع حيوية مثل العدالة الاجتماعية، العمل اللائق، والحماية الاجتماعية، وستشمل فعاليات موازية مثل منتدى الدوحة للحلول من أجل التنمية الاجتماعية، مما يدل على السعي لبلورة حلول عملية وقابلة للتنفيذ لمعالجة الأسباب الجذرية للفقر وتعزيز العدالة.

تأتي هذه القمة في وقت يمر فيه السودان بواحدة من أصعب المراحل في تاريخه الحديث، بسبب الحرب المدمرة التي اندلعت في عام 2023. إن الظروف القاسية للحرب وتطوراتها، وما أحدثته من نزوح وتشريد داخلي وخارجي، وتدمير شامل للبنى التحتية، وتفاقم الأزمة الإنسانية مع خطر المجاعة الوشيك، تضع السودان في قلب التحديات التي ستناقشها القمة، وهي تحديات تترجمها كلمات الأمين العام:

“الصراعات، وانتشار المعاناة الإنسانية”.
إن دور السودان في مستخلص نتائج القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية يمكن أن يكون محورياً من زاويتين، الاولى حالة دراسية ونداء عالمي عاجل، فالسودان يمثل نموذجاً صارخاً لـ كيف يمكن للصراع أن يقوّض عقوداً من التنمية الاجتماعية، ويزيد بشكل حاد من الفقر، والبطالة، وأوجه عدم المساواة.

إن تسليط الضوء على الأوضاع في السودان، وما ترتب عليها من انتهاكات مثل العنف ضد المرأة والطفل، يخدم كـ تحذير عالمي حول هشاشة التنمية في ظل غياب السلام، ويجعل قضية وقف الصراعات وتحقيق العودة إلى حكم مدني نقطة لا يمكن تجاوزها في أي إعلان ختامي للقمة.

المطالبة بحلول شاملة وتضامن دولي فعال، ويجب أن يسعى الوفد السوداني (أو الأطراف المعنية بالشأن السوداني) إلى أن تتبنى القمة آليات دولية أكثر فعالية لتقديم المساعدة الإنسانية والتنموية الفورية في مناطق النزاع وما بعده.

إن نتائج القمة يجب أن تؤكد على ضرورة توفير شبكات أمان اجتماعي فورية للفئات الأكثر تضرراً، خاصة النازحين واللاجئين، ووضع خطط للتعافي الاقتصادي والاجتماعي تراعي إعادة دمج المقاتلين والنازحين، مع إعطاء الأولوية للتعليم والصحة التي تضررت بشدة بسبب الحرب، وهو ما يتفق مع مشاركة غوتيريش في فعالية حول التعليم.

في الختام، فإن القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية هي فرصة حاسمة لإعادة تأكيد المبادئ الأساسية للتنمية الإنسانية. وبالنسبة للسودان، فهي ليست مجرد حدث دبلوماسي، بل هي منصة حيوية لجعل صوته المأزوم مسموعاً، وللتأكيد على أن لا تنمية مستدامة ممكنة دون سلام شامل وعادل.

رابط المقال

لتصفح صحيفة القوات المسلحة العدد الصادر يوم الثلاثاء 04 نوفمبر 2025

Leave A Reply

Your email address will not be published.