شئ للوطن | صلاح غريبة يكتب …….. حسم لا هدنة: رسالة سيادة من قلب الخرطوم
شئ للوطن
م.صلاح غريبة – مصر
Ghariba2013@gmail.com
حسم لا هدنة: رسالة سيادة من قلب الخرطوم
اجتماع مجلس الأمن والدفاع الوطني الأخير في العاصمة الخرطوم، الذي عكس زخماً إعلامياً كبيراً وترقباً بشأن إقرار هدنة مزعومة، جاء ليؤكد بصورة حاسمة المضي قدماً في الحسم العسكري لمواجهة التمرد، معلناً بذلك التعبئة والاستنفار العام للأمة. لقد كان الاجتماع رسالة واضحة، ليست للداخل فحسب، بل للمجتمع الدولي أيضاً، مفادها أن الدولة قائمة ومؤسساتها تعمل بفاعلية من قلب العاصمة، وأن الجيش هو المؤسسة الشرعية التي تتحمل مسؤولية الحرب والسلام.
إن القرارات الصادرة عن المجلس تضمنت إعلاناً صريحاً بعدم التطرق لمسألة الهدنة، والتشديد على استمرار الحقوق الوطنية المشروعة في مواصلة التجهيزات لمعركة الشعب.
هذا الموقف، الذي جاء على لسان وزير الدفاع، يمثل منطق قوة وليس عنتريات، ويشير إلى أن الحكومة الشرعية عازمة على إنهاء التمرد بصورة جذرية، خاصة بعد بحثه لـ “جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي” المرتكبة من قبل المليشيا المسلحة في مناطق مختلفة، وتشكيل لجنة وطنية للتعامل مع الوضع الإنساني.
الرسائل التي حملها انعقاد المجلس كانت متعددة ومحكمة. أولها، أن انعقاد المجلس تحديداً (وليس مجلس السيادة فقط) ومن داخل الخرطوم، يؤكد على سيادة الدولة ومركزية دور الجيش كـ المؤسسة الشرعية في إدارة البلاد. وثانيها، الترحيب الحذر بالمبادرات الساعية للسلام، مع التمسك الصارم بحق الجيش في مواصلة القتال، وهو ما تجلى في الدعوة إلى “استنهاض الأمة” لمواجهة العدوان.
يرى محللون أن هذه القرارات تمثل “زلزالاً عنيفاً” و”صفعة موجعة” لمن كانوا يبشرون بقرب قبول الهدنة، مؤكدين أنها تشير إلى امتلاك الجيش منطق القوة ووصول دعم عسكري مكنه من اتخاذ هذا الموقف الحاسم، ومن المتوقع أن يكون لها أثر مباشر في رفع الروح المعنوية والقيادة العسكرية للعمليات في الميدان.
في الوقت ذاته، ورغم الإعلان عن الاستمرار في التعبئة، لم يُغلق الباب أمام الهدنة بشكل كامل. فقد أشار مراقبون إلى أن موقف المجلس وازن بين الدبلوماسية والسيادة الوطنية.
الترحيب بـ “المبادرات” يشير إلى الانفتاح على العالم، لكن شروط الهدنة واضحة وغير قابلة للتنازل، وأبرزها انسحاب المتمردين من المدن التي احتلوها. هذا التأكيد على الشروط يبعث برسالة قوية بأن الحكومة ترفض أي تسوية تبقى على المليشيا المتمردة كجزء من المشهد.
واقعياً، لاقى بيان المجلس ارتياحاً واسعاً بين المواطنين، واعتُبر مؤشراً على قوة منطق الدولة التي ترفض التوقيع على أي تسوية تحت الضغوطات. إن استمرار التعبئة العامة، وتزامن اجتماع المجلس مع دفع تعزيزات عسكرية ضخمة لمناطق العمليات، يعكس قدرة الدولة على خلق خيارات عديدة لحسم التمرد، وأن المبادرات الدولية ليست سوى خيار صغير ضمن خيارات أخرى، يتقدمها الخيار العسكري الذي ينفذه الجيش في مختلف الولايات إلى جانب العاصمة. هذا الخطاب يعكس بالفعل خطاب الدولة المسؤول الذي يضع السيادة الوطنية وحماية المواطنين في المقام الأول.

لتصفح صحيفة القوات المسلحة العدد الصادر يوم الخميس 06 نوفمبر 2025، مستخدما تطبيق Google drive، أضغط هنا……!