شئ للوطن | صلاح غريبة يكتب :الأبيض… في مواجهة حرب الشائعات ونداء المقاومة
مفتاح الصمود وبوصلة التحرير
شئ للوطن
م.صلاح غريبة – مصر
Ghariba2013@gmail.com
الأبيض… في مواجهة حرب الشائعات ونداء المقاومة
مفتاح الصمود وبوصلة التحرير
في خضم التحديات الأمنية التي تمر بها البلاد، تبرز مدينة الأبيض، عاصمة شمال كردفان وقلب الإقليم، كرمز للصمود ونقطة ارتكاز استراتيجية لا يمكن التنازل عنها. فبينما يشتد أوار المعارك الميدانية، تُكثف قوى التمرد والمليشيات جهدها على جبهة لا تقل خطورة وتأثيراً: حرب الشائعات والرسائل الإعلامية المضللة.
هذه الحرب الناعمة، التي تقودها غرف إعلامية تعمل بتناغم مع أجندات خارجية داعمة لعصابات الجنجويد، تهدف إلى زعزعة الاستقرار وبث البلبلة واليأس في نفوس الأهالي المرابطين، وتحويل المدينة إلى بيئة طاردة لإفراغها من سكانها.
إن الأنباء المضللة، كالتصريحات التي تبثها قنوات إخبارية متماهية مع المليشيا، حول اعتزام الدعم السريع مهاجمة المدينة، ليست سوى “سموم” إعلامية غرضها الوحيد هو التخويف والدفع بالناس نحو الهجرة. لكن إرادة سكان الأبيض، الذين أكدوا تمسكهم بأرضهم، تقف سداً منيعاً أمام هذه الأهداف الخبيثة.
في مواجهة هذا الزحف الإعلامي السالب، لا بد من صحوة إعلامية مضادة تفند كل ما يبث من رسائل سلبية بشأن هذه المدينة الاستراتيجية. فالحقيقة التي يجب أن تُبث هي أن الأبيض “لن تسقط”، وأنها محروسة برجال “كالأسود” مستعدون للذود عنها.
إن الجهود المبذولة من القيادات العسكرية والأمنية، كمدير جهاز الأمن والمخابرات بالولاية، في إطلاق رسائل إيجابية مطمئنة وتوعد للتمرد، هي خطوة مطلوبة وضرورية لرفع الروح المعنوية وبث الطمأنينة بين الناس.
تؤكد المعلومات الواردة أن القوات المسلحة والمساندين لها قد رموا بثقلهم في المدينة، ونقلوا غرفة القيادة والسيطرة إليها، مما ينبئ بـانفتاح كبير في العمليات العسكرية يتضمن المبادرة بالهجوم على أوكار المليشيا.
هذه الخطط يجب أن تتوسع لتشمل استعادة المناطق التي سقطت، مثل بارا، وتحرك متحركات الصادرات لتضييق الخناق على التمرد في مناطق مثل دار الريح. إنها استراتيجية “هاجموا قبل أن تهاجموا” التي يجب أن تكون بوصلة العمليات.
أمام الحاجة الماسة لتعزيز الدفاع والتحرير، تبرز ضرورة إيجاد إطار شعبي مساند ومنظم. فـ”المقاومة الشعبية المنظمة” مطلوبة لحماية شرف وكرامة أهل كردفان وصيانة وحدتها. ومن هنا جاءت فكرة تأسيس جسم موحد كـ”فيلق كردفان” أو “قوة دفاع كردفان” ككيان عسكري جامع يحفظ للمستنفر حقوقه ويوفر له الغطاء المطلوب للتدريب وحمل السلاح تحت إشراف القوات المسلحة.
هذا التوجه لم يعد مجرد فكرة، بل هو قيد التنفيذ، حيث أكدت اجتماعات اللجنة التحضيرية لـ”تحالف كردفان الكبرى” – التي انتمنى للجنتها التحضيرية بالقاهرة – مع لجنة أمن ولاية شمال كردفان (برئاسة الوالي وحضور قائد الفرقة الخامسة ومدير جهاز الأمن والمخابرات) للتوافق على إعلان التحالف وضرورة الالتفاف المجتمعي لدعم القوات المسلحة بالرجال والمال والإعلام. الأهم من ذلك، تم الموافقة على فتح معسكرات التدريب عبر المقاومة الشعبية تحت إشراف القوات المسلحة ورعاية حكومة الولاية، مع تأكيد الفرقة الخامسة على استعدادها لتقديم كافة متطلبات التدريب والإعداد.
إن تحصين الأبيض ليس هدفاً محلياً فحسب، بل هو مفتاح استراتيجي إقليمي. فبتحويل هذه “المدينة العملاقة لقاعدة عملياتية كبيرة” للجيش والقوات المساندة، سيكون لها دور مؤثر في إحداث الفارق الميداني المطلوب، ليس فقط في كردفان، بل وصولاً إلى تحرير دارفور.
إن المعركة الحالية هي معركة وجود، تتطلب تضافر الجهود على كل المستويات: العسكري، والأمني، والشعبي، والإعلامي. على أهل كردفان الإسراع في تشكيل قوة الردع المساندة و المؤتمرة بأمر الجيش. وعلى شبكة إعلاميي كردفان أن تقوم بدورها في صناعة محتوى إعلامي مضاد يقتل “حرب الإشاعات” التي تعتمد عليها المليشيا لـ”قتل الروح المعنوية” للصامدين. اليقين بأن الأبيض صامدة، وبأن مدن كردفان ستعود لحضن الوطن، هو الوقود الذي يغذي هذه المعركة المصيرية.