جيل زد واقتصاد الفلات وايت: انطلاقة جديدة لمجتمع الأعمال 

العدد الأسبوعي رقم 221 – الجمعة 17 أكتوبر 2025

جيل زد واقتصاد الفلات وايت: انطلاقة جديدة لمجتمع الأعمال

اضغط هنا لتصفح النشرة من الموقع

صباح الخير قراءنا الكرام،

في عالم تتسارع فيه التحولات على نحو غير مسبوق، لم تعد الاجتماعات الرسمية أو ارتداء الملابس الأنيقة هي الصورة الوحيدة للعمل الجاد وتحقيق الإنجاز. اليوم، قد تنطلق أعظم الأفكار من مقهى صغير، واحتساء فنجان للقهوة، وفي بيئات غير تقليدية، مثل المقاهي ومساحات العمل المشتركة، حيث تتحول الحوارات العابرة إلى مشاريع عابرة للحدود. هذا التحول للأعمال من المكاتب إلى فضاءات أكثر مرونة أصبح ظاهرة عالمية تعبّر عن صعود اقتصاد جديد قائم على الإبداع والرقمنة وريادة الأعمال، فلم تعد المكاتب هي رمز العمل، بل تحوّل الإنجاز إلى مساحة الإبداع الرقمي، لتعمل العقول الشابة من أي مكان لتبتكر وتنتج عبر شاشات مضيئة وأدوات رقمية وأفكار بلا حدود.

ومن أبرز التجليات لهذا الاقتصاد الجديد ما يُعرف بـ “اقتصاد الفلات وايت”، وهو مصطلح ظهر في بريطانيا، وخصوصًا في لندن، لوصف جيل جديد من روّاد الأعمال العاملين خارج الأطر التقليدية، ممن أسّسوا شركاتهم من المقاهي ومساحات العمل المشتركة، وجاءت التسمية من مشروب الفلات وايت الذي كان شائعًا في تلك المقاهي، حيث اعتاد روّاد الأعمال الشباب تناوله في أثناء العمل، ليصبح لاحقًا رمزًا ثقافيًّا يعكس انتقال ريادة الأعمال من المكاتب المغلقة إلى فضاءات أكثر مرونة وابتكارًا، ومع الوقت انتقلت هذه الظاهرة إلى عواصم عالمية أخرى، مثل: برلين، نيويورك، وسنغافورة، لتصبح نموذجًا لأسلوب جديد في ريادة الأعمال يعتمد على العمل المرن وبناء شركات تتخطى الحدود التقليدية للأسواق.

ويقف جيل زد  وهو الجيل المولود بين عامي 1997 و2012، الذي نشأ داخل بيئة رقمية متكاملة محاطة بالهواتف الذكية ومنصات التواصل والتقنيات الحديثة، في قلب هذا التحول العالمي، ويعتبر “الجيل الرقمي” الأول فعليًا، الذي يتميز بالوعي العالمي، وسرعة التكيف، والقدرة على التعلم الذاتي، جيل يتبنى قيم الاستقلالية والاستدامة، ويميل إلى العمل الحر وريادة الأعمال، محوّلًا نمط حياته الرقمي إلى مصدر للإبداع والابتكار؛ إنهم لا ينظرون إلى العمل كمسار تقليدي داخل مؤسسات ضخمة، بل كمساحة لابتكار نماذج عمل حديثة، وتأسيس شركات ناشئة تعبّر عن اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار وريادة الأفراد.

وتؤكد الإحصاءات هذا التحول؛ ففي بريطانيا مثلًا: تسهم الشركات المدعومة برأس المال المخاطر والملكية الخاصة 199 مليار جنيه إسترليني من الناتج المحلي الإجمالي (أي ما يقرب من 7% من الناتج المحلي الاجمالي)، وتوفّر نحو 2.5 مليون وظيفة، أي 8٪ من إجمالي التوظيف.

كما يدعم الاقتصاد الرقمي وقطاعات التجارة الإلكترونية وحدها 2.6 مليون وظيفة في المملكة المتحدة، وتستحوذ على نصيب كبير من الإنفاق على البحث والتطوير؛  وهذه المؤشرات لا تعكس فقط نجاح النموذج البريطاني، ففي الولايات المتحدة الأمريكية بلغت إيرادات سوق البرمجيات نحو 194.17مليارات دولار أمريكي في عام 2023، ومن المتوقع أن تصل إلى 676.46 مليار دولار بحلول عام 2034، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 12%، كما بلغ الإنفاق على البحث والتطوير 3.43% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022.

وفي الهند بلغت إيرادات سوق البرمجيات نحو 16.71 مليار دولار أمريكي في عام 2024، ومن المتوقع أن تصل إلى 47.57 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 18.8%.   أما الإنفاق على البحث والتطوير في الهند فقد بلغ 0.64% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2020-2021 مع جهود مستمرة لتعزيز الاستثمار في هذا القطاع.

أما إيرادات سوق البرمجيات في السعودية بلغت نحو 10.07 مليارات دولار أمريكي في عام 2024، ومن المتوقع أن تصل إلى 22.75 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 14.4%، بينما وصل الإنفاق على البحث والتطوير إلى 0.56% من الناتج المحلي في عام 2023، مع زيادة ملحوظة في الاستثمارات الحكومية في هذا المجال.

وتعكس هذه المؤشرات أن اقتصاد الفلات وايت أصبح محركًا عالميًا للنمو والابتكار، فرغم أن البرمجيات والبحث والتطوير تمثل ركيزة أساسية فيه، فإن تأثيره يمتد ليشمل مجالات رقمية أوسع، مثل التسويق الإلكتروني والإعلانات والخدمات الإبداعية؛ مما يعكس تحوّله إلى نموذج اقتصادي متكامل يقوم على المعرفة والابتكار.

  • القسم الأول: اقتصاد الفلات وايت… نموذج اقتصادي جديد بقيادة جيل زد.

  • القسم الثاني: الممارسات الدولية الرائدة في دعم ريادة الأعمال وتمكين رواد جيل زد.

  • القسم الثالث: صعود جيل زد كمحرك لريادة الأعمال في مصر.

اضغط هنا للتواصل معنا

يشير مصطلح اقتصاد الفلات وايت إلى نموذج اقتصادي يقوم على ريادة الأعمال والشركات الناشئة والتقنيات الرقمية باعتبارها محركات أساسية للنمو، مع التركيز على قطاعات الرعاية الصحية والاجتماعية بوصفها جوهر رفاهية المجتمعات وضمان قدرتها على التكيف مع التحديات.

وقد تطوّر هذا المفهوم ليأخذ شكلًا أكثر تخصصًا عُرف باسم “اقتصاد الفلات وايت“، وهو المصطلح الذي صاغه البروفيسور دوغلاس ماكويليامز لوصف الانتعاش الاقتصادي الذي قادته الشركات الناشئة ورواد الأعمال في لندن عقب الأزمة المالية العالمية. وقد أشار ماكويليامز إلى أن اقتصاد الفلات وايت أسهم في خلق وظائف تعادل أربعة أضعاف ما فقدته مدينة لندن خلال الأزمة، لتصبح وتيرة نموها أسرع بمرة ونصف مقارنةً بهونغ كونغ.

ويُشتق اسم اقتصاد الفلات وايت من مشروب القهوة المرتبط بثقافة العمل لدى الشباب مطوري الأعمال الرقمية، ورواد الشركات الناشئة، الذين شكّلوا قاعدة الموجة الريادية الجديدة لقطاع الأعمال في لندن.

ويشهد المشهد العالمي للشركات الناشئة تحولًا متسارعًا يعكس ديناميكية الابتكار وريادة الأعمال، كما يظهر جيل زد كقوة محركة تؤثر بعمق في مسارات ريادة الأعمال عالميًا، فأصبح جيل زد عنصرًا محوريًا في رسم خريطة الشركات الناشئة عالميًا، فوفقًا لتقرير Gen Z Entrepreneur Report 2023 الصادر عن شركة Square عام 2023، وهي منصة عالمية رائدة في حلول التجارة والدفع الرقمي فلا يكتفي هذا الجيل بالانخراط كموظفين، بل ينخرطون بقوة في ريادة الأعمال ويخططون للاستمرار في الأعمال الحرة؛ حيث يخطط 84% من رواد الأعمال من جيل زد للاستمرار في أعمالهم الخاصة خلال السنوات الخمس المقبلة.

ولا تقتصر هذه الريادة على العمل الفردي، بل تمتد لتشمل تأسيس شركات صغيرة تضم فرق عمل، بما يعكس انتقال هذا الجيل من مفهوم “العمل الحر” إلى بناء مؤسسات قادرة على النمو والتوسع.

هذه المؤشرات تبرز أن جيل زد لا يغيّر فقط مسار الشركات الناشئة، بل يعيد صياغة أساليب التشغيل والضغط باتجاه سياسات اقتصادية أكثر دعمًا لريادة الأعمال. حيث لم يعد صعود الاقتصادات الناشئة والمتحولة مجرد نتاج سياسات أو استثمارات رأسمالية فقط، بل هو أيضًا انعكاس لطموحات جيل جديد يتطلع لإعادة رسم خريطة الابتكار والنمو.

سمات الشركات الناشئة التي يقودها جيل زد

تُعد الشركات الناشئة التي يؤسسها جيل زد ظاهرة مميزة في بيئة ريادة الأعمال المعاصرة. فقد نشأ هذا الجيل في عالم تتسارع فيه التحولات التكنولوجية، وتتشابك فيه القضايا الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، مما انعكس بشكل مباشر على طريقة تفكيرهم في الابتكار وتأسيس الأعمال. ومن ثمّ، تتسم الشركات التي يقودها هذا الجيل بسمات تعكس قيمهم وأولوياتهم في العمل والحياة، ومن أبرز سماتها:

1-المرونة والتوازن في العمل: يفضّل جيل زد بيئات عمل غير هرمية، مع ساعات مرنة ونظام عمل هجين، مما يعزز التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية، ويشجع الابتكار والنمو الوظيفي. فجيل زد يفضل الهياكل الأقل صرامة والبيئات التي تعزز الثقة والاستقلالية.

2-الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية: لا تركز شركات جيل زد على الربح فقط، بل تسعى لتحقيق أهداف مستدامة تحافظ على البيئة، وتعزز مرونة الأعمال واستمراريتها، مع تحول أوسع نحو نماذج أعمال أكثر وعيًا ومسؤولية.

3- شركات جيل زد تؤسَّس بالكامل رقميًا: يُعد أفراد جيل زد روادًا رقميين، حيث نشأ أفراد جيل زد في ذروة الابتكار التكنولوجي، وتمتلك لديهم وفرة في المعلومات، مما وسع معارفهم وزاد مهاراتهم، وجعلهم قادرين على تأسيس شركات تعمل بالكامل رقميًا.

4-الاستقلالية والابتكار: في شركات جيل زد، يُعد كل موظف لاعبًا أساسيًا. يُمنح الموظفون استقلالية في عملهم، ويتحملون مسؤولية المهام ويتابعون إنجازها، هذا لا يعزز الإنتاجية فحسب، بل يعزز أيضًا المسؤولية الشخصية، بالإضافة إلى تشجيع الأفراد على التفكير خارج الصندوق، وإيجاد حلول إبداعية للمشاكل المعقدة.

المصدر

المشهد العالمي للشركات الناشئة

وفقًا لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) لعام 2025، والمستند إلى أحدث بيانات متاحة لعام 2024، أصبحت آسيا ثاني أكبر مركز عالمي للشركات الناشئة من حيث رأس المال المخاطر، وثالث أكبر مركز من حيث عدد الشركات الناشئة، حيث تُظهر البيانات بأنّ الشركات الناشئة لم تعد مقتصرة على وادي السيليكون، بل أصبحت ظاهرة عالمية.

وتستحوذ أمريكا الشمالية على نحو 36% من إجمالي الشركات الناشئة عالميًا، وتستحوذ على النصيب الأكبر من الاستثمارات في رأس المال المخاطر بنسبة46%، وتليها أوروبا بنسبة 26% من الشركات الناشئة وبحصة 16% من رأس المال المخاطر.

تليها آسيا التي صعدت بسرعة لتستحوذ على 19% من الشركات الناشئة، و23% من الاستثمارات في رأس المال المخاطر، بعدما كانت حصتها من الاستثمارات لا تتجاوز 8% قبل عقد واحد فقط. أما الاقتصادات الناشئة، مثل: أمريكا اللاتينية، والكاريبي فتستحوذ على 4% من الشركات الناشئة، 2% من الاستثمارات في رأس المال المخاطر، أما إفريقيا فتمثل (2%، 1%) على التوالي من الشركات الناشئة، والاستثمارات في رأس المال المخاطر.

شكل رقم (1): توزيع الشركات الناشئة ورأس المال المخاطر عالميًّا 2024

.Source: OECD, Entrepreneurship and Startup Ecosystems,2025

ووفقًا لمؤشر GlobalStartup Ecosystem Index 2025 الصادر عن منصة StartupBlink تصدرت الولايات المتحدة الأمريكية بوضوح مشهد ريادة الأعمال عالميًا، لتحتل المركز الأول أما المملكة المتحدة، فقد عززت موقعها في المركز الثاني عالميًا بمعدل نمو بلغ 26.3%، بينما كان التحول الأبرز عالميًّا في سنغافورة، فقد سجّلت أحد أعلى معدلات نمو الأنظمة البيئية بين أفضل 20 دولة، متجاوزة المتوسط البالغ 28.5%.

فمنذ عام 2020، تقدّمت سنغافورة 12 مركزًا لتحتل المركز الرابع في عام 2025، متجاوزةً كندا والصين. وتبرز قوتها بشكل خاص في قطاعات، مثل: التكنولوجيا المالية (Fintech)، والتجارة الإلكترونية، والخدمات المالية، حيث أصبحت في المركز الثاني عالميًّا في كلٍّ من تقنيات البلوكشين والعملات الافتراضية، أما كندا، التي تراجعت إلى المركز الخامس عالميًّا، فقد سجلت معدل نمو لا يتجاوز 18.8%، وهو ثاني أدنى معدل نمو بين أكبر عشرين بيئة عالمية.

شكل رقم (2) تطور تصنيف الدول الرائدة في مؤشر Startup Ecosystem Index 2025 Global خلال الفترة (2021-2025)  

.Source: StartupBlink, Global Ecosystem Index 2025

هذا، وتستمر المنافسة العالمية على صدارة منظومة الشركات الناشئة، مع تفوق واضح للولايات المتحدة من حيث عدد الشركات الناشئة وقوة منظوماتها، فوفقًا لمؤشر Global Startup Ecosystem Index 2025، لا تزال الولايات المتحدة وأوروبا تحتلان مكانة ريادية في منظومة الشركات الناشئة العالمية، مع اختلافات واضحة في العدد، وعليه؛ تتصدر الولايات المتحدة الأمريكية مشهد الشركات الناشئة عالميًا بنحو 68.718 شركة ناشئة حتى أكتوبر 2025، ما يجعلها أكبر اقتصاد تأسيسًا للشركات الناشئة في العالم.

لكن هذا الحجم يتميز بتركيز عالٍ في مراكز الابتكار؛ إذ تستحوذ سان فرانسيسكو وحدها على أكثر من 7800 شركة ناشئة (أي ما يزيد على 11% من إجمالي الشركات الناشئة في الولايات المتحدة الأمريكية)، وتليها نيويورك ولندن ولوس أنجلوس بفارق واضح، لتشكل معًا تجمعًا كثيفًا للابتكار يرسخ مكانة الولايات المتحدة كمركز عالمي للشركات الناشئة.

أما أوروبا، التي تضم أكثر من 58 ألف شركة ناشئة، فتتبع نموذجًا مختلفًا يقوم على التوزيع والتوازن، فتستحوذ لندن وباريس وبرلين – أكبر ثلاث بيئات أوروبية – على نحو 13,500 شركة ناشئة مجتمعة، أي ما يمثل 23% من إجمالي القارة، تتصدر لندن القائمة بأكثر من 8600 شركة، تليها باريس بما يقرب من 2800 شركة، ثم برلين بأكثر من 2000 شركة.

ويعكس هذا التوزيع أن النمو في أوروبا لا يتركز في مدينة واحدة، بل ينتشر عبر عدة عواصم، ما يخلق فرصًا أوسع لرواد الأعمال وخاصة جيل زد الذي يبرع في إطلاق شركات صغيرة ومرنة قادرة على الاستفادة من هذا التنوع.

شكل رقم (3) توزيع تركّز الشركات الناشئة بين الولايات المتحدة وأوروبا

.Source: StartupBlink, Global Ecosystem Index , 2025

يشير التحليل العالمي لنشاط ريادة الأعمال وفقًا لتقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال 2024 / 2025((GEM، إلى أن الشباب هم القوة الدافعة وراء إطلاق المشاريع الجديدة في معظم الاقتصادات، مما يسلط الضوء على الدور المتنامي للفئات الأصغر سنًا في تشكيل مستقبل ريادة الأعمال.

ومصر من بين الدول التي يظهر فيها هذا النشاط بشكل ملحوظ، حيث يوضح الرسم البياني التالي مقارنة بين البالغين من فئتي 18–34 عامًا، و35–64 عامًا من حيث تأسيس الشركات، فمن بين 51 اقتصادًا شملهم التقرير، يتفوق الشباب في 42 دولة على من يكبرهم سنًا في بدء المشاريع وإدارتها، وتتضح الفجوة الأكبر في كندا، حيث يبدأ 36% من الشباب مشاريع جديدة مقابل 20% فقط في الفئة العمرية (35-64) عامًا، تليها أرمينيا ولاتفيا.

كما تظهر مصر ضمن مجموعة الدول التي يتفوق بها الشباب في سن (18-34) عامًا على الفئات الأكبر سنًا (35-64) عامًا في ريادة الأعمال، ما يعكس الدور المتنامي لجيل زد في قيادة الابتكار وإطلاق المشاريع، ليكون محركًا أساسيًا للنمو الاقتصادي المستدام والمبتكر في المستقبل.

شكل رقم (4): ريادة الأعمال حسب الفئة العمرية (18–34) – (35–64 عامًا)

.Source: Entrepreneurship Reality Check Global Report:,2024/2025

المصدر

تشهد منظومات ريادة الأعمال حول العالم تطورًا متسارعًا، مع إدراك متزايد لأهمية دعم الشباب وتمكينهم من إطلاق مشاريع مبتكرة ومستدامة. ويبرز جيل زد كقوة دافعة جديدة، لما يمتلكه من مهارات رقمية وقدرة على الابتكار والتكيف مع البيئات الاقتصادية المتغيرة.

وتظهر بعض التجارب الدولية الرائدة كيف يمكن للسياسات الداعمة والاستثمارات المحفزة خلق بيئات حاضنة للشركات الناشئة. ومن الأمثلة البارزة للدول، القفزات التي سجلتها دول، مثل: سنغافورة والسعودية فوفقًا لمؤشر Global Startup Ecosystem Index 2025، تقدّمت سنغافورة 12 مركزًا منذ عام 2020، لتحتل المركز الرابع في عام 2025، بينما قفزت السعودية 27 مركزًا لتصبح من أسرع الدول نموًّا في مجال الشركات الناشئة عالميًّا، حيث تقدمت من المركز 65 عالميًّا إلى المركز 38 عالميًا عام 2025. كما حافظت كل من: الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والهند على مراكزها المتقدمة عالميًا بفضل سياسات محفزة واستثمارات كبيرة.

الولايات المتحدة الأمريكية: من وادي السيليكون إلى الحاضنة الأولى للشركات الناشئة عالميًا

تُعد الولايات المتحدة الأمريكية الأولى عالميًا في مجال ريادة الأعمال، منذ ستينيات القرن الماضي مع نشأة وادي السيليكون بدعم من جامعة ستانفورد، التي أرست “ثقافة الشركات الناشئة”.  ومن هناك انطلقت شركات عملاقة، مثل: Google وAmazon التي أصبحت ركائز الاقتصاد الرقمي العالمي.

ويعزى هذا النجاح إلى بيئة سياسات محفزة، من أبرزها: الاستثمار الضخم في رأس المال المخاطر؛ حيث استحوذت أمريكا على 45% من الاستثمارات العالمية بين 2021–2023، إضافة إلى دور الجامعات الكبرى، مثل: Stanford وMIT، ومرونة قوانين الإفلاس، التي خلقت ثقافة تشجع المخاطرة والتجريب، ونتيجة لهذه السياسات والبيئة الداعمة احتضنت الولايات المتحدة نحو ثلث الشركات الناشئة عالميًا (33%)، متقدمة على الأسواق الرئيسة الأخرى في آسيا وأوروبا، التي تضم دولًا عديدة نشطة في ريادة الأعمال.

وعلى الرغم من أن نمو النظام البيئي للشركات الناشئة بالولايات المتحدة الأمريكية فقد زخمه حيث أصبح معدل نموه أبطأ نسبيًا مقارنة بالفترة السابقة، فإن الولايات المتحدة ما زالت تحتل المركز الأول عالميًا كأفضل بيئة للشركات الناشئة، متقدمة عن المملكة المتحدة صاحبة المركز الثاني، بتمويل نحو 188.1 مليار دولار عام 2024، مع تسجيل أكثر من 2590 شركة تابعة لبرنامج Y Combinator (إحدى أبرز حاضنات الشركات الناشئة عالميًا، والتي تقدم تمويلًا مبدئيًا يصل إلى 500 ألف دولار أمريكي، إضافة إلى إرشاد من خبراء ومؤسسي البرنامج، مع فرصة عرض المشاريع على المستثمرين خلال فعالية “Demo Day”)، ومن أبرز الشركات التي انطلقت من خلال هذا البرنامج: Airbnb، Stripe، Reddit، Dropbox، Gusto، DoorDash).

كما تضم الولايات المتحدة 221 مدينة مصنفة ضمن مؤشر النظام البيئي للشركات الناشئة، إضافة إلى 68.718 شركة ناشئة، وهو ما يمثل 90% من الشركات الناشئة جميعًا في أمريكا الشمالية، بمعدل نحو 21 شركة لكل 100 ألف شخص.

Source: Babson College, GEM Report: Young Entrepreneurs
.Drive ‘Bright Future, 2024

الركائز والسياسات الداعمة لنمو بيئة ريادة الأعمال بالولايات المتحدة الأمريكية: 

  • يعتمد النظام البيئي للشركات الناشئة الأمريكي على القطاع الخاص، كما تسهم بعض البرامج الحكومية في تسهيل بيئة الأعمال والاستثمار ودعم نمو الشركات الناشئة، وجذب الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى وجود صندوق ثروة سيادي للاستثمار في التقنيات الاستراتيجية لتعزيز الابتكار والتنافسية. ما يسهم في استمرار الولايات المتحدة كأقوى بيئة للشركات الناشئة عالميًا.

  • بيئة ملائمة لرواد الأعمال عالميًا: توفر الولايات المتحدة برامج تأشيرات لجذب المواهب العالمية، ما يساعد على استقطاب رواد الأعمال الدوليين وتعزيز نمو الشركات الناشئة، كما تدعم قوانين الإفلاس المرنة عقلية المخاطرة العالية، مما يسمح للمؤسسين بالفشل والمحاولة مرة أخرى،  مما تشجع هذه الثقافة على التجريب والابتكار.

    ريادة في قطاع البرمجيات والبيانات: تتصدر الولايات المتحدة العالم في قطاع البرمجيات والبيانات، حيث تحتل المركز الأول عالميًا، ويضم هذا القطاع 26,077 شركة ناشئة، تمثل نحو 37% من إجمالي الشركات الناشئة الأمريكية. كما تحتضن الولايات المتحدة 37.54% من شركات البرمجيات والبيانات الناشئة عالميًا، إضافةً إلى 288 شركة يونيكورن في هذا المجال، مما يعزز مكانتها كأكبر حاضنة للتقنيات الرقمية المبتكرة.

  • ووفقًا لمؤشر نشاط الشركات الناشئة من StartupBlink، فإن 9 من أصل 10 شركات عالمية نشطة في مجال الشركات الناشئة مقرها الولايات المتحدة، حيث تقدم بعض الشركات الكبرى، مثل IBM وIntel وPepsiCo برامج تربط المؤسسين بالموارد والشبكات الرئيسة لدعم نمو شركاتهم الناشئة. كما تُسهم جامعات مرموقة، مثل: معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة ستانفورد، في أبحاثٍ ومواهب رائدة، ما يجذب طلابًا طموحين غالبًا ما يُطلقون شركاتٍ ناشئة عالمية المستوى.

تؤكد التجربة الأمريكية أن قوة منظومة الشركات الناشئة لا ترتبط بحجم التمويل أو عدد الصفقات فقط، وإنما بقدرتها على صياغة سياسات داعمة وبيئة مؤسسية مرنة جعلت منها مركزًا عالميًا للابتكار وريادة الأعمال، وفي هذا السياق، يبرز جيل زد كقوة صاعدة في المشهد الريادي؛ حيث أتاح لهم الانفتاح المؤسسي والمرونة التنظيمية فرصة لقيادة موجات جديدة من الابتكار، خصوصًا في مجالات التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي.

المصدر

المملكة المتحدة: لندن من مقاهي الفلات وايت إلى عاصمة الشركات الناشئة الأوروبية:

تعد لندن من أبرز المدن التي ربطت بين ثقافة الشباب والابتكار الاقتصادي، حيث ظهرت فيها ما يُعرف بـ “اقتصاد الفلات وايت” (Flat White Economy)، إذ تحولت المقاهي إلى فضاءات عمل للشباب لإطلاق شركاتهم الناشئة، وهم يحتسون قهوتهم المفضلة. هذا النمط الثقافي جعل لندن من أوائل المدن التي دمجت بين أسلوب حياة الشباب وروح ريادة الأعمال، ليصبح “الفلات وايت” رمزًا للاقتصاد الأبيض المبتكر الذي يقوده الجيل الجديد.

تُعد المملكة المتحدة ثاني أقوى بيئة للشركات الناشئة عالميًا بعد الولايات المتحدة، والأولى في أوروبا بفضل مكانة لندن كمركز مالي عالمي، حيث تتضمن جامعات مرموقة، مثل: أوكسفورد وكامبريدج ومانشستر وإدنبرة، التي عملت كحاضنات عالمية للشركات الناشئة، وجذبت رواد أعمال من مختلف أنحاء العالم. وقد عززت بريطانيا مكانتها من خلال ريادتها في التكنولوجيا المالية (FinTech) عبر شركات، مثل: Revolut وWise، إضافة إلى الصحة الرقمية والتكنولوجيا الحيوية والذكاء الاصطناعي، مدعومة باستثمارات من شركات كبرى، مثل: Vodafone وHSBC.

تتصدر المملكة المتحدة ترتيب دول أوروبا الغربية في ريادة الأعمال، متقدمًة على السويد، مما يعكس قوة واستقرار بيئة الشركات الناشئة في البلاد. يضم النظام البيئي للشركات الناشئة البريطاني 68 مدينة مدرجة في مؤشر Global Startup Ecosystem Index 2025،وتأتي المملكة المتحدة ضمن أفضل 10 دول عالميًا، مع معدل نمو سنوي 26.3% من أبريل 2024 إلى أبريل 2025. وتضم المملكة المتحدة نحو 13095 شركة ناشئة، تمثل 28% من إجمالي الشركات الناشئة في أوروبا الغربية، بمتوسط 20 شركة ناشئة لكل 100 ألف شخص.

Source: Byte start, Gen Z leading the charge as UK’s next generation of business owners (2025)

الركائز والسياسات الداعمة لنمو بيئة ريادة الأعمال بالمملكة المتحدة

تعزيز منظومة الابتكار: يتم ذلك من خلال تنسيق الجهود الوطنية والتنظيمية، واعتماد حزمة من السياسات الحكومية الداعمة للابتكار، عبر مؤسسات متخصصة، ، مثل: Innovate UK وTechUK التي تدعم الشركات الناشئة بالتمويل والتسويق. كما أسست الحكومة مكتب الابتكار التنظيمي لتسهيل اعتماد التقنيات الناشئة، وأطلقت إطارًا لتنظيم الذكاء الاصطناعي يوازن بين الريادة التكنولوجية والمسؤولية الأخلاقية.

الدعم المؤسسي والشراكات: تسهم شركات كبرى، مثل: Unilever وVodafone وShell وHSBC Innovation Banking في دعم بيئة الأعمال من خلال برامج تسريع الأعمال والاستثمارات المبتكرة والشراكات.

السياسات الحكومية والدعم التنظيمي: برامج التأشيرات، مثل: Innovator Visa وStart-up Visa تستقطب رواد الأعمال الأجانب.

الفعاليات والمنصات الدولية: تستضيف لندن فعاليات مهمة، مثل: London Tech Week وTechEU Summit وSifted Summit، ما يعزز مكانتها كمركز عالمي للشركات الناشئة، ويجعلها نموذجًا يُحتذى به للدول الساعية إلى ربط الثقافة الشبابية، والسياسات الذكية، ورأس المال المخاطر في بناء بيئة أعمال مستدامة.

وهو ما يفسر ظهور بريطانيا كنموذج عالمي في توظيف طاقات جيل زد وثقافة اقتصاد الفلات وايت، حيث يلتقي الإبداع الشبابي مع السياسات الذكية ورأس المال المخاطر لبناء اقتصاد ابتكاري متجدد.

Source: Byte start, Gen Z leading the charge as UK’s next generation of business owners (2025)

المصدر

الهند: من “Startup India” إلى ثالث أكبر منظومة للشركات الناشئة عالميًا 

تحتل الهند المركز الأول في جنوب آسيا في النظام البيئي للشركات الناشئة، فوفقًا لمؤشر Global Startup Ecosystem Index 2025، تضم الهند 40 مدينة مدرجة ضمن النظام البيئي العالمي للشركات الناشئة، محتلة المرتبة الـ 22 عالميًا، رغم تراجعها ثلاثة مراكز عن العام السابق؛ مما يعكس قوتها الريادية في المنطقة، كما يوجد في الهند أكثر من 10,193 شركة ناشئة حتى أكتوبر 2025 تمثل نحو 90% من إجمالي الشركات الناشئة في جنوب آسيا، بما يعادل نحو شركة ناشئة لكل 100 ألف شخص.

وبلغ معدل نمو النظام البيئي السنوي 16.8% بين أبريل 2024، وأبريل 2025، مما يعكس توسع النظام البيئي للشركات الناشئة وانتشاره عبر مختلف المدن.

الركائز والسياسات الداعمة لنمو بيئة ريادة الأعمال

التحول الرقمي والتكنولوجيا المالية: في السنوات الأخيرة، حوّلت الهند تركيز منظومة الشركات الناشئة من التجارة الإلكترونية إلى الحلول الرقمية والتكنولوجيا المالية، متجاوزة شركات يونيكورن سابقة، مثل: شركة  Flipkart ومنصة BigBasket ، مما يعكس قدرة النظام البيئي للشركات الناشئة على الابتكار والتكيف مع احتياجات السوق المتغيرة.

الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة: تعتبر الحكومة الهندية الذكاء الاصطناعي أولوية استراتيجية عبر مبادرة IndiaAI Mission، وهي مبادرة بمليارات الدولارات تهدف إلى تعزيز قوة الحوسبة، وتوسيع التعليم في مجال الذكاء الاصطناعي، وتمويل الشركات الناشئة، وبناء نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة لدعم الابتكار والتنافسية.

المبادرات المحلية والوطنية: تدعم منظومة الشركات الناشئة مبادرات القطاع العام، مثل: Startup India وMake in India، إلى جانب المنظمات الإقليمية، مثل: Kerala Startup Mission وStartup Karnataka، لتوفير بيئة تنظيمية وتمويلية قوية، مع تبسيط اللوائح وإلغاء ضريبة المستثمرين الملائكة التي كانت تفرض أعباءً مالية على التمويل المبكر للشركات، وهو ما أسهم في ترسيخ الهند كوجهة جاذبة للشركات الناشئة على مستوى العالم.

الفعاليات والمنصات الدولية: تقوم الهند بإطلاق فعاليات كبرى تُقام سنويًا، مثل: TechSparks و Bengaluru Tech Summit بمشاركة أكثر من 20 دولة، إلى جانب Global Fintech Fest في مومباي كإحدى أبرز منصات التمويل الرقمي عالميًا. وفي عام 2025، شهدت الهند إطلاق Startup Mahakumbh لأول مرة، بمشاركة قياسية تجاوزت 100 ألف شخص و2900 عارض وأكثر من 750 متحدثًا، ما جعله أكبر حدث وطني لريادة الأعمال مع توقعات باستمراره كفعالية سنوية كبرى.

هذه الفعاليات لا توفر فقط منصات للتواصل والاستثمار، بل تفتح المجال أمام رواد الأعمال من المدن الصغيرة ليكونوا جزءًا من المشهد العالمي، وهو ما يعكس اندماج ثقافة الابتكار في المجتمع الهندي.

ويُظهر هذا الزخم أن الفعاليات، جنبًا إلى جنب مع السياسات الداعمة، مثل: مبادرة Startup India وتمويل البحث والتطوير، قد شكّلت محركًا رئيسًا لصعود الهند في مؤشرات بيئة ريادة الأعمال عالميًا. كما كان لها دور مباشر في تمكين جيل زد من الانتقال من باحثين عن وظائف إلى صنّاع وظائف، عبر تأسيس شركات ناشئة في قطاعات التكنولوجيا المالية، التعليم الرقمي، والرعاية الصحية، لترسخ الهند نفسها كنموذج عالمي لاقتصاد يقوده الشباب والابتكار.

المصدر

سنغافورة: تعزز مكانتها العالمية كمركز رائد للشركات الناشئة والتكنولوجيا

شهدت سنغافورة قفزة نوعية في تصنيفها العالمي لريادة الأعمال، فوفقًا لمؤشر Global Startup Ecosystem Index 2025، تقدّمت سنغافورة 12 مركزًا منذ عام 2020، لتحتل المركز الرابع في عام 2025، متفوقة على كندا والصين. هذا التقدم يعكس نموًا استثنائيًا بنسبة 44.9%، وهو الأعلى بين أفضل 10 دول في التصنيف العالمي، ويعكس هذا النمو الدعم المؤسسي القوي، وتدفقات رأس المال العالمية، ونجاح الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا العميقة والابتكار القائم على الذكاء الاصطناعي. كما ارتقت مدينة سنغافورة أربعة مراكز لتحتل المرتبة 12 عالميًا بين المدن.

تُعد سنغافورة مركزًا رائدًا للابتكار في جنوب شرق آسيا، وتعتمد على خطط البحث والابتكار والمشاريع التي تُحدّث كل خمس سنوات، لدعم اقتصادها القائم على المعرفة. وتركز هذه الخطط على تعزيز القاعدة العلمية، وتوسيع منصات نقل التكنولوجيا، وتقوية قدرات الابتكار لدى الشركات.

الركائز والسياسات الداعمة لنمو ريادة الأعمال بسنغافورة

الاستثمار في البحث والتطوير: خصصت حكومة سنغافورة  18.9 مليار دولار أمريكي للفترة من 2021 إلى 2025 )وهو ما يعادل 1% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد) لدعم البحث والتطوير عبر خطة البحث والابتكار والمشاريع، منها 2.27 مليار دولار عام 2024، لتعزيز التصنيع المتقدم والاستدامة والاقتصاد الرقمي. كما خصصت الحكومة 330 مليون دولار لبرنامج استثمار مشترك يدعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المتقدمة (Deep Tech)، بحيث يشارك المستثمرون من القطاع الخاص أيضًا في التمويل، ليصل إجمالي التمويل إلى أكثر من 757 مليون دولار خلال الفترة (2021–2025).  ويتم مشاركة المستثمرين الخاصين في دعم الشركات الناشئة المؤهلة.

Source: Fintech News Singapore, Singapore Gen Z Prioritizes Financial Independence Amid Rising Costs and Uncertainty. Fintech News Singapore (2025)

دعم الشركات الناشئة: عززت سنغافورة دعمها للشركات الناشئة في التكنولوجيا العميقة من خلال شراكات استراتيجية مع مؤسسات عالمية، مثل: Founders Factory وKreo Venture وXora Innovation، ومن خلال التحالف العالمي للابتكار (GIA) الذي مكن أكثر من 600 شركة ناشئة من الوصول إلى 24 سوقًا عالمية، وإجراء أبحاث مشتركة مع أكثر من 40 دولة، كما تدعم شبكة الابتكار المفتوح التعاون بين الشركات الناشئة والشركات الكبرى من خلال مبادرات مشتركة في مجالات الذكاء الاصطناعي، مما يتيح للشركات الناشئة تطوير حلول مبتكرة والاستفادة من خبرات الشركات الكبرى لتوسيع نطاق تأثيرها.

الفعاليات العالمية: استضافت سنغافورة فعاليات عالمية لتعزيز الابتكار، أبرزها أسبوع سنغافورة للابتكار والتكنولوجيا (SWITCH) Singapore Week for Innovation and Technology الذي استقطب أكثر من 20 ألف مشارك عام 2024، ومسابقات، مثل SLINGSHOT التي جذبت أكثر من 5500 شركة ناشئة من 150 دولة، ما يعكس جاذبية سنغافورة كمركز عالمي للشركات الناشئة.

ركائز الابتكار في سنغافورة: تركز على الذكاء الاصطناعي والبيانات الكبيرة (AI & Big Data)، حيث استثمرت أكثر من 750 مليون دولار خلال خمس سنوات (2021–2025) لتطوير مواهبها الصناعية والذكاء الاصطناعي، مع شراكات استراتيجية مع شركات عالمية، مثل: Google وAWS وNVIDIA، إضافة إلى إنشاء 26 مركزًا للتميز Centers of Excellence لدعم تطوير حلول الذكاء الاصطناعي المبتكرة للشركات الناشئة.

إضافة إلى ذلك تُعد سنغافورة مركزًا للشركات الناشئة بفضل بيئة أعمال محفزة، مما سهل الوصول الاستراتيجي إلى أسواق جنوب شرق آسيا، حيث تضم أكثر من 510 شركات رأس مال مخاطِر، 220 حاضنة، و4500 شركة تقنية. وعليه تعكس تجربة سنغافورة كيف أن الجمع بين بيئة أعمال محفزة، وبرامج دعم وتمويل الشركات الناشئة، وحوافز قانونية، وقوة عاملة مؤهلة، أسهم في تحويل الدولة إلى مركز عالمي للشركات الناشئة والابتكار التكنولوجي.

المصدر

السعودية تحقق أكبر قفزة عالمية في تاريخ مؤشر Global Startup Ecosystem Index 2025 للشركات الناشئة:

تعد السعودية من أسرع الدول نموًا في مجال الشركات الناشئة بحلول عام 2025، حيث تقدمت 27 مركزًا عالميًا بمعدل نمو سنوي يبلغ 236.8%. أصبحت السعودية الدولة الوحيدة التي تضاعف حجم منظومتها البيئية هذا العام، وحصلت على لقب “أفضل بيئة ناشئة في العالم” مصنفة ضمن مؤشر Global Startup Ecosystem Index 2025، ويحتل النظام البيئي للشركات الناشئة في السعودية المرتبة 38 عالميًا والثالثة إقليميًا في الشرق الأوسط، بعد الإمارات العربية المتحدة، وتليها البحرين.

في مؤشر النظام البيئي العالمي للشركات الناشئة 2025، احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة 38 عالميًا، متقدمةً 27 مركزًا عن العام السابق. وتحتل المملكة المرتبة الثالثة في الشرق الأوسط، بعد استقرارها منذ عام 2024. وتأتي في المرتبة الثانية بعد الإمارات العربية المتحدة، تليها البحرين، كما تضم المملكة 4 مدن مصنفة في مؤشر النظام البيئي StartupBlink.

تضم السعودية 1733 شركة ناشئة حتى أكتوبر 2025، تمثل 28% من الشركات الناشئة جميعًا في الشرق الأوسط، أي نحو 5شركات لكل 100ألف شخص، إضافة إلى ذلك حققت ثلاث شركات ناشئة في المملكة العربية السعودية نجاحًا كبيرًا بوصولها إلى مستوى شركات اليونيكورن، ما يمثل 10% من إجمالي شركات اليونيكورن في الشرق الأوسط، ويعود هذا الارتفاع إلى الاستثمار الحكومي المستدام في إطار رؤية المملكة 2030، بما في ذلك برامج، مثل: البرنامج الوطني لتنمية تقنية المعلومات.

الركائز والسياسات الداعمة لنمو ريادة الأعمال بالسعودية 

البرامج الحكومية الاستراتيجية: تم إطلاق البرنامج الوطني لتنمية تقنية المعلومات (NTDP)، والذي يعمل على تعزيز نمو الشركات الناشئة من خلال برامج، مثل: Relocate وEmpowering Accelerators، ويعمل البرنامج بالتعاون مع شركاء دوليين، مثل: Gener8tor Accelerator لتقديم التوجيه العالمي وأفضل الممارسات للقطاع المحلي.

وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات (MCIT): تدعم ريادة الأعمال الرقمية عبر مركز ريادة الأعمال الرقمية وبرنامج Saudi Unicorns   لدعم الشركات التي تتميز بنمو سريع وتسعى للوصول إلى مستوى شركات اليونيكورن، كما تقدم الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (Monshaat) خدمات استشارية وأدوات دعم للشركات الناشئة في مختلف القطاعات.

الاستثمار والابتكار في الشركات الناشئة: تدعم الاستثمارات السعودية ظهور شركات ناشئة في التكنولوجيا العميقة، خصوصًا الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، حيث تشمل المبادرات الأخيرة استثمار 1.5 مليار دولار في شركة Groq وإطلاق مشروع Transcendence لتطوير صناعة محلية للذكاء الاصطناعي وجذب الاستثمارات الأجنبية. وفقًا لتقرير وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بالتعاون مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية ومنظمة Hello Tomorrow، وهي منظمة دولية تدعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المتقدمة، يركز نحو نصف الشركات الناشئة في المملكة على مجالات الذكاء الاصطناعي (AI) وإنترنت الأشياء (IoT)

المشاريع الوطنية الذكية: يأتي مشروع نيوم، كأبرز مدينة ذكية وكمركز للتجارب والتكنولوجيا وريادة الأعمال، وأيضًا مسرّع بلوسوم، كأول برنامج ابتكار شامل في المنطقة يدعم نمو الشركات الناشئة المبكرة وعلاقاتها مع المستثمرين دون استثمار مباشر.

التمويل: تمول شركات رأس المال المخاطر المحلية والإقليمية الشركات الناشئة السعودية، مثل: Merak Capital وShorooq Partners، إلى جانب بعض البنوك والمؤسسات المالية، لتقديم الدعم المالي للشركات الناشئة، كما وصل التمويل الحكومي حتى عام 2024 إلى 3.19 مليارات دولار أمريكي.
الفعاليات: تستضيف السعودية أكبر سوق للتكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتستثمر في تنظيم فعاليات وبرامج تهدف إلى تطوير قاعدة قوية من المواهب التقنية.

تعكس تجربة المملكة العربية السعودية في دعم الشركات الناشئة، سواء من خلال برامج تمويل مبتكرة، مثل: Saudi Unicorns أو التركيز على التكنولوجيا العميقة والذكاء الاصطناعي، نجاحًا متزايدًا في بناء بيئة ريادية محفزة. هذا الدعم الحكومي، إلى جانب الشراكات الاستراتيجية مع المؤسسات العالمية، يعزز مكانة المملكة كمركز إقليمي متقدم لريادة الأعمال والابتكار التكنولوجي.

المصدر

في سياق التحولات العالمية التي يشهدها اقتصاد الفلات وايت، يبرز شباب جيل زد في مصر كقوة دافعة لريادة الأعمال، حيث يحوّلون أفكارهم المبتكرة إلى علامات تجارية وشركات ناشئة تضع بصمة مصرية على خريطة الاقتصاد العالمي.

فوفقًا لأحدث بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (CAPMAS) أغسطس 2025، يبلغ عدد المصريين من الفئة العمرية 18 إلى 29 عامًا 21.3 مليون نسمة، أي ما يعادل 19.9% من إجمالي السكان.

وفي هذا الصدد، شهدت مصر صعودًا متسارعًا لريادة الأعمال، فوفقًا لمؤشر ماستركارد لريادة الأعمال الصادر عن شركة ماستركارد 2025 يُعرّف 41% من الرجال و38% من النساء في مصر أنفسهم كرواد أعمال، ما يعكس تحولًا واضحًا في طبيعة سوق العمل. وبينما تُظهر الأجيال الأكبر، وخاصة جيل X، (وهو الجيل الذى ولد بين عامي 1965-1980 والذي سبق جيل الألفية، ويميل هذا الجيل إلى الاستقرار والاعتماد على النفس، مع تركيز على العمل التقليدي والمهارات المكتسبة). نسبًا أعلى من الانخراط في ريادة الأعمال، فإن جيل زد – خصوصًا الفتيات – يمثل القوة الصاعدة الأكثر تأثيرًا في مستقبل ريادة الأعمال.

فبحسب تقرير ماستركارد لعام 2025، فكر 77% من النساء في مصر في تأسيس أو إدارة مشروع خاص، وترتفع النسبة إلى 83% بين فتيات جيل زد. ومع ذلك، لا تزال 56% من النساء المصريات لم يخضن تجربة ريادة الأعمال بعد، وهو ما يبرز حجم الإمكانات غير المستغلة.

وإلى جانب المشاريع التجارية الرسمية، تعمل نصف النساء المصريات في أعمال جانبية لكسب المال خارج نطاق عملهن الرئيس، وترتفع هذه النسبة إلى 59% بين نساء جيل إكس(X). وتكشف البيانات أن الدوافع وراء هذه الأنشطة تتنوع بين الرغبة في كسب المزيد من المال (60%)، والادخار لهدف محدد (52%)، وتحقيق الاستقلال المالي (45%)، ما يعكس عمق الطموحات الاقتصادية والاجتماعية لدى المرأة المصرية.

Source: Mastercard, Mastercard research: 98% of women entrepreneurs in Egypt are optimistic about revenue growth (2025)

من اللافت للنظر، أن جيل زد، وخاصة النساء، يقود موجة جديدة من ريادة الأعمال في مصر، تجمع بين الطموح الاقتصادي، والرغبة في التغيير الاجتماعي، والاعتماد على التكنولوجيا، ما يجعلهم أحد أبرز محركات التنمية المستدامة في السنوات المقبلة.

Source: Mastercard, Mastercard research: 98% of women entrepreneurs in Egypt are optimistic about revenue growth (2025)

المصدر

بيئة الشركات الناشئة في مصر 

شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة نموًا ملحوظًا في عدد الشركات الجديدة التي تم تأسيسها، وهو ما يعكس تحسن بيئة الاستثمار وزيادة جاذبية السوق المحلية أمام رواد الأعمال والمستثمرين. فقد ارتفع عدد الشركات المؤسسة بشكل تدريجي منذ عام 2020، ليتضاعف تقريبًا خلال أربع سنوات فقط، حيث قفز من نحو 23.9 ألف شركة في 2020 ليصل إلى أكثر من 43.5 ألف شركة في 2024. ويأتي هذا التطور في إطار اتجاه عالمي متصاعد يقوده الشباب، ولا سيما جيل زد، الذي يتجه بقوة نحو العمل الحر وإنشاء الشركات الناشئة، ويستند جيل زد في توجهه نحو ريادة الأعمال إلى الابتكار، واستكشاف مسارات مهنية تمنحه حرية واستقلالية أكبر، بدلًا من الاعتماد على الوظائف التقليدية.

هذا التحول يعكس تغيرًا جوهريًا في الثقافة الاقتصادية، سواء على مستوى المجتمعات العالمية بشكل عام والمجتمع المصري بشكل خاص، ويؤكد أن جيل زد أصبح أحد المحركات الأساسية لازدهار بيئة ريادة الأعمال.

شكل رقم (5): عدد الشركات الجديدة التي تم تأسيسها خلال الفترة من (2020-2024)

المصدر: الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة

ووفقًا لمؤشر Global Startup Ecosystem Index 2025،  شهدت بيئة الشركات الناشئة في مصر نموًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية، حيث يوجد في مصر ٥٢٤ شركة ناشئة مُدرجة ضمن قائمة “Top Startups” حتى سبتمبر 2025، تمثل 68% من إجمالي الشركات الناشئة في شمال إفريقيا المُدرجة ضمن قائمة “Top Startups” حتى سبتمبر 2025، وهذا يعادل تقريبًا شركة ناشئة واحدة لكل 100 ألف شخص، مما يظهر في مصر بوادر نشاط ريادي واعد، مع فرصة كبيرة لتعزيز كثافة الشركات الناشئة ودعم نموها في المستقبل.

كما تُظهر بيئة الشركات الناشئة في مصر نموًا مستمرًا، حيث تجاوز إجمالي استثمارات الشركات المدرجة وفقًا لمؤشر Global Startup Ecosystem Index 2025، 7.97 مليارات دولار أمريكي، أي ما يعادل نحو 86.98% من إجمالي تمويل الشركات الناشئة في شمال إفريقيا، وشهدت السوق المصرية ارتفاعًا في تمويل الشركات الناشئة؛ حيث ارتفعت قيمة التمويل بنسبة 149.14% بين عامي 2023 و2024، وهو ما يعكس تنامي ثقة المستثمرين بقدرات الشركات المصرية.

الشكل رقم (6): نشاط الشركات الناشئة في مصر وفقًا لمؤشر Global Startup Ecosystem Index خلال الفترة 2017 – 2024

source: StartupBlink, Global Startup Ecosystem Index 2025, accessed on October 12, 2025

Comments (0)
Add Comment